وزارة الخزانة الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: غالبية العقوبات ما زالت مفروضة على إيران.. وسنحاسب من يخترقها

إيران ستحصل على سبعة مليارات دولار.. و100 مليار دولار من نقدها الأجنبي ستظل مقيدة

TT

أوضحت وزارة الخزانة الأميركية أمس أن معظم العقوبات المفروضة على إيران ستبقى في محلها، مؤكدة أنها ستكون «حريصة جدا» على مراقبة التعاملات مع إيران خلال الفترة المقبلة خشية أن تنتهز بعض الأطراف التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني لتوسيع التجارة المحظورة معها. وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «حتى الآن لم يجر صرف أي أموال من الأموال الإيرانية المقيدة»، على الرغم من تصريحات إعلامية في طهران تشير إلى أن إيران حصلت على ثمانية مليارات دولار. وأكد المسؤول أن «قيمة الصفقة نحو سبعة مليارات دولار، هناك 4.2 مليار دولار من الأموال المجمدة التي ستحصل عليها إيران بينما المبلغ المتبقي سيأتي من تقديرات متعلقة بالقطاعات التي سترفع عنها العقوبات جزئيا»، مضيفا: «الواقع الاقتصادي الإيراني صعب، كما أن الواقع التجاري يعني أن هذه الأموال لن تحدث خرقا كبيرا».

وقال المسؤول المطلع على الملف الإيراني والذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته أن «هناك مجالات محددة جدا سترفع العقوبات جزئيا عنها مثل المشتقات النفطية وصناعة السيارات.. وخلال فترة الستة أشهر المقبلة، ستخسر إيران نحو خمسة مليارات دولار شهريا من مبيعات النفط، ما يعادل 30 مليار دولار، بينما تحصل على سبعة مليارات فقط من تخفيف العقوبات خلال الفترة نفسها». ويذكر أن فترة الستة أشهر هي الفترة التي حددت للاتفاق الذي وقعته إيران مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا يوم الأحد الماضي للحد من برنامجها النووي.

وشدد المسؤول الأميركي على أن «الجزء الأساسي من العقوبات باق، وأن تجميد الأموال العائدة لنحو 600 شخص إيراني، طبيعي أو معنوي، باق أيضا على حاله». وأضاف: «كل العقوبات المتعقلة بالإرهاب ونشاطات إيران في سوريا باقية، كما أن 25 بنكا إيرانيا ما زالت تحت طائلة العقوبات، ومن يتعامل معها من الدول الأخرى يعني قطع تعاونه مع المؤسسات المالية الأميركية».

وهناك مخاوف أميركية وأوروبية من أن تتوسع النشاطات التجارية الإيرانية خلال هذه الفترة رغم إبقاء غالبية العقوبات التجارية عليها، وحذر مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية أول من أمس أن رفع العقوبات الجزئي عن إيران الذي تقرر بموجب اتفاق جنيف لا يعني أن «موسم الأعمال» مع هذا البلد قد فتح أو أن الاقتصاد الإيراني سيشهد تحسنا كبيرا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول طالب بعدم ذكر اسمه أن «أي شركة أو أي مصرف أو أي وسيط يظن أن موسم الأعمال في إيران قد فتح هو مخطئ كثيرا». وأضاف أن «رفع العقوبات الجزئي المنصوص عليه في الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف بين إيران والدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) والبالغ قيمته نحو ستة أو سبعة مليارات دولار، حصة الإجراءات الأميركية منها 4.2 مليار دولار، هو برنامج جد متواضع».

ويذكر أن إجمالي الناتج المحلي الإيراني تقلص بنسبة خمسة في المائة في 2012 وسيفعل الأمر نفسه هذا العام بنفس النسبة تقريبا، في حين فقد الريال الإيراني نحو 60 في المائة من قيمته في غضون عامين.

وتابع المسؤول الأميركي «إذا كان الإيرانيون قد جاءوا إلى طاولة المفاوضات فإن هذا الأمر سببه الضغط (الاقتصادي) الذي يشعرون به ويتعين علينا الاستمرار في ممارسة هذا الضغط إلى حين بلوغ المرحلة المقبلة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني».

ومن جهته، يقول أنطوني كوردسمان المحلل السياسي بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية «سي إس إي إس» إن «الاتفاق الذي توصلت إليه القوى الدولية على الدين يكاد يكون أفضل اتفاق يمكن أن تتفاوض عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها من جانب وإيران من جانب آخر فهو يوفر لإيران طريقا جديدا للتقدم والتنمية ويوفر للمنطقة أملا جديدا لتجنب الصراعات وخطر سباق التسلح واسع النطاق في المنطقة».

ويوضح المحلل السياسي أن مجموع ما ستحصل عليه إيران مقابل الالتزام بتعهداتها هو ما يقرب من سبعة مليارات دولار خلال فترة الستة أشهر التي تعد الفصل الأول أو المرحلة الأولى من الاتفاق، موضحا أنه «مبلغ بسيط من التكلفة التي تكبدتها إيران تحت وطأة العقوبات حيث الغالبية العظمى من احتياطي إيران من النقد الأجنبي الذي يصل إلى 100 مليار دولار لا يزال مقيدا بسبب العقوبات».

وحول تأثير هذا التخفيف في العقوبات يقول كوردسمان «التخفيف كما أكدت الإدارة الأميركية هو تخفيف محدود ومؤقت ويمكن الرجوع عنه، إضافة إلى أن الإدارة لا تزال تحافظ على الغالبية العظمى من العقوبات لديها بما يشمل النفط والمعاملات المالية والعقوبات المصرفية، ولكن ما سيشهد تخفيفا هو مجال العقوبات المفروضة على الذهب والمعادن الثمينة وقطاع السيارات في إيران وصادرات إيران من البتروكيماويات وهذا القطاع من المقدر أن يوفر لإيران عائدات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار».

ويضيف: «هناك أيضا تخفيف للعقوبات على مشتريات النفط الإيراني لتبقى عند مستوياتها الحالية المنخفضة (أقل 60 في المائة مما كانت عليه قبل عامين) وهو ما سيوفر 4.2 مليار دولار من عائد هذه المبيعات ويتم تحويلها على دفعات إلى إيران إذا التزمت إيران بتعهداتها. وهناك أيضا 400 مليون دولار من المساعدات الدراسية الحكومية ستتمكن الحكومة الإيرانية من تحويلها إلى المؤسسات التعليمية في بلد ثالث لتغطية تكاليف دراسة الطلبة الإيرانيين».

ويستبعد المحلل السياسي زيادات كبيرة في مبيعات النفط الإيراني الخام موضحا أن «العقوبات المفروضة على قطاع النفط وحده تخسر إيران بسببها ما يقرب من 30 مليار دولار أي خمسة مليارات دولار شهريا وطبقا لبنود الاتفاقية فإنه سيتم السماح لإيران بالوصول إلى 4.2 مليار دولار من مبيعات النفط. في حين تذهب 15 مليار دولار من عائداتها خلال تلك الفترة إلى حسابات مقيدة في الخارج أي أن الأموال الإيرانية المقيدة في الخارج سوف تزيد».

ويشرح قائلا: «العقوبات المفروضة على مبيعات النفط الخام سوف تستمر فلدينا انخفاض في مبيعات النفط الإيراني من 1.5 مليون برميل يوميا (في أوائل 2012) إلى مليون برميل يوميا لذا فإن إيران ليس لديها القدرة على بيع ما يقرب من 1.5 مليون برميل يوميا من النفط وبالتالي فإن العقوبات التي تؤثر على صادرات المنتجات النفطية الإيرانية ستبقى سارية المفعول كما أن الجانب الأكبر من الاحتياطي الإيراني من النقد الأجنبي (المقدر بنحو 100 مليار دولار) يصعب على إيران الوصول إليه».

ويؤكد المحلل السياسي بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية أن التعاملات المتعلقة بشراء المواد الغذائية والسلع الزراعية والأجهزة الطبية هي في الأصل معفاة من العقوبات لذا لا يوجد أمام إيران أي مصدر جديد للأموال عبر هذه القناة لكن الولايات المتحدة ومجموعة الخمسة زائد واحد تعهدت بتسهيل تلك المعاملات.