أنغولا تنفي حظر الشعائر الإسلامية بعد تنديدات واسعة

«التعاون الإسلامي» مصدومة والأزهر يطالب بلجنة تقص دولية

TT

نفى مسؤول في وزارة الثقافة الأنغولية أمس ما تناقلته وسائل إعلام عن حظر بلاده لممارسة الشعائر الإسلامية وإغلاق المساجد. وصرح مانويل فرناندو مدير المعهد الوطني للشؤون الدينية التابع لوزارة الثقافة: «ليست هناك حرب في أنغولا على الدين الإسلامي ولا على أي ديانة أخرى».

وأضاف ردا على ردود الفعل الغاضبة في العالم الإسلامي بعد أن نشرت صحف تصريحات أدلت بها مؤخرا وزيرة الثقافة روزا كروز إي سيلفا في هذا الخصوص «ليس هناك أي توجه رسمي لهدم أو إغلاق أماكن العبادة أيا كانت». وكانت تقارير نقلت عن روزا كروز القول إن أنغولا «ستعيد النظر في قانون حرية الأديان وستقوم بتكثيف حربها ضد الإسلام المتطرف الذي ينتشر في القارة الأفريقية، وخاصة ضد الجاليات التي تمارس الشعائر الإسلامية بأنغولا».

وعبرت «منظمة التعاون الإسلامي» أمس عن صدمتها إزاء تقارير صحافية عن «حظر الإسلام» في أنغولا وعن هدم مساجد في هذا البلد الأفريقي الغني بالنفط. وعبر الناطق الرسمي باسم المنظمة في بيان عن «صدمته وأسفه بشأن ما أوردته تقارير صحافية عن قرار الحكومة الأنغولية حظر الإسلام في أنغولا وهدم المساجد في هذا البلد». وقال المتحدث إن هذا القرار «ينبغي إدانته بأقوى العبارات».

كما دعا المتحدث باسم المنظمة، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي ومجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية والمجتمع الدولي إلى «اتخاذ موقف حازم من قرار الحكومة الأنغولية المذكور، الذي يعد خرقا سافرا لحقوق الإنسان الأساسية والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

وفي مصر، أعرب الأزهر بالغ قلقه لما تناقلته وسائل الإعلام حول قيام السلطات الأنغولية بحظر الإسلام على أراضيها، وقيامها مؤخرا بهدم مسجد في بلدية فيانازانغو في لواندا العاصمة. وناشد الأزهر، في بيان، الحكومة الأنغولية أن توضح الأمر وتحدد موقفها صريحا واضحا وأن تتعامل مع الموقف بعقلانية بعيدا عن ردود الفعل التي تزيد المواقف تعقيدا. كما دعا المسلمين في أنغولا لأن يكونوا دعاة سلام وأمن وأخوة وطنية. وطالب الأزهر المنظمات الإسلامية وخاصة منظمة التعاون الإسلامي بإرسال لجنة لتقصي الحقائق والأوضاع الخاصة بالمواطنين المسلمين وإطلاع الحكومة الأنغولية على حقيقة الدين الإسلامي ودعوته للتعايش والتسامح ونبذه للعنف والتطرف. وأعرب الأزهر عن أمله أن يكون ما تناقلته الأنباء عن هذا الأمر غير صحيح لأنه يتنافى مع الحرية الدينية وأبسط الحقوق الإنسانية ومبادئ التسامح والتعايش السلمي.

وبدوره، استنكر الدكتور شوقي علام مفتي مصر، ما تردد عن قيام السلطات الأنغولية بحظر الدين الإسلامي باعتباره «طائفة غير مرحب بها»، وحملة هدم المساجد ومنع المسلمين من أداء شعائرهم. وأضاف أن ما حدث يُعبر عن روح ضيقة وغير متسامحة، كما أنه يمثل استفزازا ليس لمسلمي أنغولا فحسب، بل لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم، فضلا عن أنه يعبر أيضا عن عنصرية وتطرف وتحريض ضد المسلمين في هذه البلاد. وأكد في بيان له، أن ما أقدمت عليه السلطات الأنغولية لا يخدم التعايش وحوار الحضارات الذي يسعى المسلمون إليه، بل يُعد تطورا خطيرا مناهضا للقيم الإنسانية والحريات والتنوع الثقافي والتسامح واحترام حقوق الإنسان، التي تحمل أهمية كبيرة للهدوء المجتمعي والسلام، كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز ضد المسلمين وغيرهم. ودعا مفتي مصر المسلمين في أنغولا إلى عدم الاستجابة لتلك الاستفزازات، وأن يعبروا عن استيائهم بالوسائل والأساليب العقلانية والحضارية التي تنسجم مع الصورة الحقيقية المشرقة لسماحة الإسلام، حتى لا تتخذ السلطات ما قد يحدث من ردود أفعال لإثارة المجتمع تجاه المسلمين هناك. وطالب مؤسسات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية وقادة وشعوب الدول بالتصدي لمثل هذه الانتهاكات العنصرية التي ترسخ الكراهية والعنف بين الشعوب.

وبدوره، استنكر «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، قرار السلطات الأنغولية منع المسلمين من ممارسة شعائرهم على أراضيها، وهدم المساجد. وقال الاتحاد، أمس «إن السلطات الأنغولية هدمت، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مسجدا في بلدية فيانازانجو بالعاصمة، لواندا». وأكد الاتحاد أنه يستنكر بشدة قرار السلطات الأنغولية، بشأن حظر الإسلام على أراضيها، مشيرا إلى أن القرار «يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان في الحياة الكريمة، والحرية الدينية، ويتنافى مع مبادئ التسامح والتعايش السلمي، لا سيما في أفريقيا، التي يشكل المسلمون أكثر من نصف سكانها». ودعا الاتحاد «السلطات الأنغولية إلى العدول عن هذا القرار الظالم، والرجوع إلى العدل والإنصاف مع الأقلية المسلمة المسالمة، وعدم الخلط بين الإسلام والتطرف والإرهاب، وغيرها من الممارسات الشاذة الغريبة على عقيدة الإسلام وشريعته وروحه، والتي ما فتئ الاتحاد يدينها ويندد بها».

كما دعا منظمة الأمم المتحدة، وهيئاتها المتخصصة في حقوق الإنسان، وحماية حرية العقيدة والتدين، وحرية الرأي، وحقوق الأقليات الدينية والثقافية، إلى التدخل العاجل لـ«إنصاف الأقلية المسلمة في أنغولا، والدفاع عن حقها في ممارسة شعائرها الدينية». وقال الاتحاد أيضا إنه «يدعو منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الاتحاد الأفريقي، وغيرهما من المنظمات الدولية والإقليمية والهيئات المهتمة بالحقوق والحريات والسلام العالمي والتعايش بين الشعوب، إلى أن تتدخل على وجه السرعة لدى الحكومة الأنغولية، للعدول عن هذا القرار العنصري المجحف بالأقلية المسلمة الأنغولية، بمنعها من حقوقها في ممارسة عباداتها وشعائرها». وأعرب عن تضامنه ووقوفه مع الأقلية المسلمة في أنغولا، ووجه دعوة إلى قادتها إلى الصبر والحكمة، والتعامل مع الموقف بعقلانية، بعيدة عن ردود الفعل المتطرفة، كما أعرب الاتحاد «عن رفضه من كل مسلم الدعوة إلى الغلو في الدين أو الانضمام إلى جماعة إرهابية».

ومن جهته طالب الشيخ محمد زكى رزق بداري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بوزارة الأوقاف المصرية، العالم العربي والإسلامي بمقاطعة دولة أنغولا على جميع الأصعدة، عقب قرارها بحظر الإسلام وهدم المساجد على أرضها، والاستمرار في المقاطعة حتى يعود حكام أنغولا إلى صوابهم».