نتنياهو يحاول إنقاذ المفاوضات مع الأوروبيين حول «أفق 2020»

اجتماعات طارئة وجدل بين الوزراء قبل الاختيار بين «الدعم العلمي» أو «المستوطنات»

فلسطينيون وأجانب يحتجون في غزة على اغلاق إسرائيل لمعبر اريتز المؤدي إلى القطاع (رويترز)
TT

وصلت المفاوضات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بشأن المشاركة في البرنامج العلمي العملاق «أفق 2020» (أفق 2020) إلى طريق شبه مسدود، مما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استدعاء وزرائه على عجل، مرتين، في محاولة للاختيار بين البرنامج العلمي الضخم أو الاستيطان.

وكانت الأزمة اندلعت بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، في يوليو (تموز) الماضي، بعدما نشر الاتحاد تعليمات بمنع تمويل أو تقديم منح وجوائز وهبات لأي بحوث علمية داخل المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك تقديم منح دراسية أو بحثية، ووضع بند في اتفاق مستقبلي بين أي من دول الاتحاد الأوروبي، وعددها 28، وإسرائيل، يؤكد أن المستوطنات ليست جزءا من إسرائيل، ولا يسري عليها هذا الاتفاق. وحاولت إسرائيل الوصول إلى حلول وسط، لكن من دون جدوى.

وفي الأسابيع الأخيرة، رفض الأوروبيون بشدة اقتراح التسوية الإسرائيلي، الذي يتضمن إقامة أبحاث للبرنامج العلمي داخل حدود 1967، وانهارت المفاوضات، قبل أن يستدعي نتنياهو وزراءه إلى جلستين طارئتين، للنقاش حول الخلاف مع الأوروبيين.

وشارك في الجلسة الثانية التي شهدت جدلا كبير، إلى جانب الوزراء، البروفسور مناويل تريختنبرغ، رئيس اللجنة للتنسيق وتحديد الميزانية لمجلس الدراسات العليا، ورئيس مجلس الأمن القومي يوسي كوهين‎.

وقال تريختنبرغ للوزراء: «إذا لم نكن جزءا من (أفق 2020)، فسيكون ذلك سيئا للمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية. سنخسر مبالغ مالية طائلة وسنخسر إمكانية الوصول إلى الأبحاث والتطويرات المتقدّمة في العالم. لا بديل عن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي».

وأضاف: «إسرائيل لا تملك أي رصيد وطني آخر يماثل قدراتها العلمية التي بقيت بطاقتها التعريفية الأولى في العالم».

ويمنح الاتحاد الأوروبي علماء إسرائيليين تمويلا يصل إلى نحو نصف مليار يورو من أجل الأبحاث العلمية. لكن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ونائبه زئيف ألكين، رفضوا منطق البروفسور الإسرائيلي، وقالوا إنه لا يمكن توقيع الاتفاقية مع الأوروبيين بشكلها الحالي.

وقال ليبرمان «التوقيع على الاتفاق الآن يعد خنوعا لهم». وردت وزير القضاء تسيبي ليفني «مهما يكن، فممنوع علينا أن تتنازل عن الاتفاقية مع الأوروبيين».

وقرر نتنياهو عدم إنهاء المفاوضات مع الأوروبيين وخلق أزمة أكبر. وطلب نتنياهو من ليفني ووزير العلوم يعقوب بيري التأكيد للأوروبيين أن إسرائيل معنية بمواصلة المفاوضات الماراثونية لإيجاد تسوية سريعة، في غضون أسبوع، للتوقيع على الاتفاق.

ومن المفترض أن تكون ليفني أجرت مكالمة هاتفية، أمس، مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، لمحاولة التأثير على الموقف الأوروبي. وقال مسؤولون في إسرائيل «الحكومة تقف أمام معضلة حقيقية، فإما التخلي عن التمويل الأوروبي أو الرضوخ للشروط الأوروبية، التي ترفض الاعتراف بشرعية المستوطنات».

وأعرب نائب وزير الخارجية زئيف ألكين، عن أمله في أن يجري انضمام إسرائيل إلى المشروع الأوروبي في نهاية المطاف. وأضاف ألكين: «آمل في أن يبدي الجانب الأوروبي المرونة والتفهم للموقف الإسرائيلي».

وكانت إسرائيل قد بدأت، في أغسطس (آب) الماضي، سلسلة مباحثات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، حول إمكانية مشاركة إسرائيل في المشروع الأوروبي الضخم «أفق 2020»، الذي ينص على الاستثمار في أبحاث عملية ومشاريع تطويرية في المدن التي تشارك فيه.

وإسرائيل هي الدولة الوحيدة من خارج الاتحاد الأوروبي التي دعيت للمشاركة في «أفق 2020». وقالت إسرائيل آنذاك إنها تحاول الوصول إلى حل وسط معقول في هذه المسألة. ومن بين الحلول التي طرحتها إسرائيل بحسب مصادر، التزام المؤسسات العلمية باستثمار الأموال فقط داخل حدود إسرائيل، أو يكون النشاط المركزي لهذه الشركات داخل إسرائيل، أو فتح المؤسسات التي في المستوطنات فروعا لها في إسرائيل.

ورفض الاتحاد الأوروبي ذلك، وأصر على رفض مشاركة أي مؤسسات لها نشاط داخل المستوطنات في المشروع المذكور أو في اتفاقات أخرى.

وتشكل قضية المستوطنات العقبة الأبرز في طريق استمرار المفاوضات. وأدت خطط استيطانية دفعت بها إسرائيل هذا الشهر إلى تجميد مؤقت للمفاوضات.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أمس «إن الخطر الحقيقي على عملية السلام وفرص تحقيق مبدأ الدولتين على حدود 1967 بات ينحصر في استمرار الممارسات والسياسات الإسرائيلية، وخاصة تلك المتعلقة بالنشاطات الاستيطانية وفرض الحقائق على الأرض وخاصة فيما يتعلق بالقدس الشرقية المحتلة واستمرار الإملاءات وهدم البيوت وتهجير السكان والحصار والإغلاق».وأول من أمس، دفعت إسرائيل بخطط جديدة، قالت الرئاسة الفلسطينية إنها تأتي لتصفية حسابات إسرائيلية مع الولايات المتحدة، بعد اتفاق جنيف مع إيران.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إنه «على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عدم تصفية حساباته مع الولايات المتحدة على حساب الفلسطينيين». وكان أبو ردينه يعلق على قرار إسرائيلي ببناء 800 وحدة استيطانية جديدة على الأراضي الفلسطينية.

ومن المفترض أن يعود عريقات للمفاوضات هذه الأسبوع وحده أو مع مفاوض جديد، من دون عضو الوفد محمد اشتية، الذي أصر على الاستقالة من الوفد الفلسطيني بسبب الاستيطان. ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى اعتماد الآلية الدولية التي من خلالها جرى التوصل إلى اتفاق مع إيران، حيث شاركت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين بشكل مباشر، ودول إقليمية والأمم المتحدة بشكل غير مباشر في الاتفاق.

وقال في بيان «هذا النموذج من السلوك الدولي يلائم الوضع الفلسطيني - الإسرائيلي، ويمكن أن يعتمد لإلزام الحكومة الإسرائيلية بقبول ركائز وأسس القانون الدولي».

وأضاف عريقات أن «الخطوة الأولى يجب أن تتمثل بالكف عن التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون، وإيجاد السبل الكفيلة للمساءلة والمحاسبة، خاصة أن انتهاكات الحكومة الإسرائيلية لمبادئ ومضامين القانون الدولي باتت تشكل خطرا حقيقيا يهدد الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».