الصين ترسل حاملة طائراتها إلى منطقة نزاع مع جيرانها وسط أجواء من التوتر

دعم دولي لليابان وانقسام بين شركات الطيران في الاستجابة لتعليمات جديدة حددتها بكين

TT

أرسلت الصين حاملة طائراتها في مهمة تدريبية، أمس، إلى منطقة بحرية تتنازع السيادة عليها مع جيرانها، وسط أجواء من التوتر الشديد بسبب قرار اتخذته بكين، السبت الماضي، وكانت له ردود فعل دولية واسعة.

وتوجهت حاملة الطائرات «لياونينغ» إلى بحر الصين الجنوبي، في أول مهمة تدريبية لها، مرفوقة بمدمرتين مجهزتين بقاذفة صواريخ وفرقاطتين لإطلاق الصواريخ، حسبما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة. وقالت البحرية الصينية في تقرير نشر على موقعها الرسمي إن حاملة الطائرات ستجري «أبحاثا علمية واختبارات وتدريبات عسكرية». يذكر أن حاملة الطائرات «لياونينغ»، التي اشترتها الصين مستعملة من أوكرانيا وجددتها، أجرت أكثر من 100 مهمة تدريبية منذ بدء تشغيلها العام الماضي، لكن هذه هي المرة الأولى التي ترسلها بكين إلى بحر الصين الجنوبي.

وتأتي هذه المهمة الجديدة لحاملة الطائرات في أجواء من التوتر الشديد خصوصا مع طوكيو التي تتنازع مع بكين على منطقة بحرية أخرى في بحر الصين الشرقي. ومنذ إعلان بكين من جانب واحد، السبت الماضي، منطقة مراقبة جوية فوق بحر الصين الشرقي تشمل جزرا متنازعا عليها مع اليابان، توالت ردود الفعل الإقليمية والدولية احتجاجا على هذه الخطوة.

واحتجت طوكيو بشدة على إقامة هذه المنطقة التي تشمل جزر سينكاكو، الأرخبيل الذي تسيطر عليه اليابان لكن تطالب الصين به، وتطلق عليه اسم دياويو. وجمع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أمس، وزيري الخارجية والدفاع، بينما ندد الناطق باسمه بمحاولة الصين تغيير الوضع القائم في المنطقة «بقوة ومن جانب واحد». وقال مدير مكتب الحكومة يوشيدي سوغا للصحافيين: «بالتعاون مع المجموعة الدولية، نحن نحث بقوة الجانب الصيني على تغيير الوضع».

بدورها، استدعت أستراليا، أمس، السفير الصيني للاحتجاج على إعلان بكين المفاجئ. وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب إن «توقيت وطريقة إعلان الصين لا يساعدان في ضوء التوتر الإقليمي الحالي، ولن يساهما في الاستقرار الإقليمي».

وأضافت أن «أستراليا عبرت بوضوح عن معارضتها لأي عمل ملزم وأحادي يهدف إلى تغيير الوضع القائم في بحر الصين الشرقي». وأصدرت الولايات المتحدة موقفا مؤيدا بالكامل لليابان بإعلانها أن جزر سنكاكو مشمولة ببنود الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان.

وقال جوش ارنست مساعد المتحدث باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما في تصريح على متن الطائرة الرئاسية، مساء أول من أمس، إن «هذا الإعلان الصادر عن الحكومة الصينية تصعيدي». كما اعتبرت ألمانيا أن الخطوة «تثير مخاطر حادث مسلح بين الصين واليابان». من جهته، شدد وزير النقل الياباني اكيهيرو اوتا على أن الإعلان الصيني «ليس ساريا»، ودعا شركة الخطوط الجوية اليابانية إلى تجاهله. لكن أبرز شركات الطيران أعلنت انصياعها لمطالب الصين. وقال متحدث باسم شركة «أول نيبون إيرويز»: «لقد اتخذنا الإجراءات بما يتوافق مع القواعد الدولية»، مضيفا «السلامة أبرز أولوياتنا. ويجب أن نتجنب أي احتمال لسيناريو سيئ». من جهتها، قالت شركة «بيتش» للطيران إنها اتخذت خطوات مماثلة. وقال متحدث باسمها: «سنواصل عرض خطط سير طيراننا على الجانب الصيني، في الوقت الراهن».

وبموجب القواعد الجديدة التي حددتها الصين، بات مطلوبا من الطائرات أن تقدم مسار رحلتها، وأن تحدد بوضوح جنسيتها، وأن تبقى على اتصال اللاسلكي المشترك بشكل يتيح لها «الرد بدقة وفي الوقت اللازم» على مطالب تحديد هويتها من قبل السلطات الصينية.

وتشمل المنطقة أيضا قسما من المياه الإقليمية التي تطالب بها تايوان وكوريا الجنوبية اللتين عبرتا أيضا عن استيائهما من الخطوة الصينية. وفي تايبيه، قال مسؤول في مصلحة الطيران المدني التايواني إن الخطوط الجوية التايوانية ستلتزم بالقواعد التي حددها الصين، وستقدم بيانات مسار الرحلات إلى سلطات الطيران الصينية.

لكن «الخطوط الجوية الكورية» ومنافستها الكورية الجنوبية «آسيانا إيرلاينز» قالتا إنهما لن تلتزما بالمطالب الصينية بتحديد خط رحلاتها مسبقا للسلطات الصينية. وجاء في بيان للخطوط الجوية الكورية وتبعتها تعليقات مماثلة من «آسيانا»: «لن تحصل تغييرات في عملياتنا إلى أن يجري إصدار توجيهات جديدة من وزارة النقل».

وفي المقابل، حصد إعلان الصين إقامة منطقة مراقبة جوية تأييدا كبيرا لدى مواطنيها. وأظهر استطلاع للرأي، نشر أمس، أن الصينيين يؤيدون بغالبيتهم إقامة منطقة مراقبة جوية فوق قسم كبير من بحر الصين الشرقي، على الرغم من التوتر الذي خلفته هذه الخطوة. وأبدى نحو 85 في المائة من الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم من قبل صحيفة «غلوبال تايمز»، المعروفة بقوميتها وقربها من الحزب الشيوعي الحاكم، تأييدهم لإقامة «منطقة مراقبة جوية»، واعتبروا أنها ستساهم في «الحفاظ على الأمن الجوي» للصين.