مخاوف فرنسية من الفراغ المؤسساتي في لبنان

ميقاتي التقى فابيوس ومستشاري الرئيس هولاند

نجيب ميقاتي رئيس وزراء لبنان المستقيل لدى لقائه لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا في باريس أمس (دالاتي ونهرا)
TT

أجرى رئيس الوزراء اللبناني المستقيل نجيب ميقاتي مجموعة لقاءات في باريس، أمس، تمحورت حول الوضع اللبناني الداخلي والملف السوري وانعكاساته على لبنان من الناحية الأمنية من جانب، ومن زاوية تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيه وحاجته إلى الدعم الدولي الذي تقرر مؤخرا في نيويورك من جانب آخر.

والتقى ميقاتي ظهرا بول جان أورتيس، المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وإيمانيول بون، مستشاره لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، فيما اجتمع عصرا بوزير الخارجية لوران فابيوس في مقر الوزارة. وغادر ميقاتي، وفق أوساطه، العاصمة الفرنسية متوجها إلى الدوحة.

وتأتي هذه الزيارة في ظل مخاوف فرنسية من أمرين اثنين: الأول، عجز الطبقة السياسية اللبنانية عن التوافق من أجل تشكيل حكومة جديدة بعد سبعة أشهر من استقالة حكومة ميقاتي. وفي هذا السياق، نبهت مصادر فرنسية رفيعة المستوى إلى ضرورة تحاشي الفراغ الدستوري والمؤسساتي الذي يصيب لبنان بين حكومة مستقيلة وأخرى لم تر النور بعد ومجلس نواب مغيب. وتحث باريس اللبنانيين على العمل معا لاستباق الاستحقاق الرئاسي الذي سيحل في الربيع المقبل. وفي رأي هذه الأوساط أنه إذا عجز اللبنانيون عن تشكيل حكومة فكيف لهم أن ينتخبوا رئيسا جديدا للجمهورية؟

ودأبت باريس، منذ اندلاع الأزمة السورية، على تشجيع لبنان على الاستمرار في نهج النأي بالنفس عن التطورات السورية، وهي لا تنفك، وفق ما قالته هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن توجيه الرسائل بهذا المعنى لكل الأطراف اللبنانية. لكن لا يبدو لهذه الدعوات أثر بالنظر لانخراط أطراف لبنانية ميدانيا وسياسيا في الحرب السورية. ولا تستبعد باريس فكرة دعوة اللبنانيين إلى مؤتمر على غرار مؤتمر سان كلو في عام 2009 «إذا كان هذا المؤتمر مفيدا».

أما التخوف الفرنسي الثاني فيتناول تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى لبنان بالنظر لما يشكلونه من أعباء اقتصادية وضغط على البنى التحتية والاجتماعية والتربوية اللبنانية، فضلا عما يحمله ذلك في طياته من تهديدات أمنية عبر عنها بوضوح الأسبوع الماضي وزير الداخلية مروان شربل في حديث لـ«الشرق الأوسط».

وترى باريس في العمليات الانتحارية الأخيرة التي استهدفت السفارة الإيرانية في بيروت وقبلها التفجيرات الإرهابية والاشتباكات في طرابلس والاعتداءات على الأراضي اللبنانية تمددا للأزمة السورية إلى لبنان. والسؤال الذي يطرحه الفرنسيون يدور حول ما يمكن القيام به لدرء الخطر الداهم عن لبنان.

واستبقت الخارجية الفرنسية اجتماع ميقاتي - فابيوس بإصدار بيان أفادت فيه بأنهما سيبحثان المساعدات التي تقدمها فرنسا ثنائيا للبنان وفي إطار عملها داخل «مجموعة الدعم الدولية للبنان»، وكذلك ملف تشكيل حكومة «توافقية» لا يبدو أن شروط ولادتها متوافرة اليوم.

بيد أن مصادر فرنسية رسمية رأت أن التطور الإيجابي الذي لحق بالملف النووي الإيراني والتوصل إلى اتفاق مرحلي صبيحة يوم الأحد الماضي في جنيف «من شأنه أن يساعد على حلحلة المسائل الشائكة الأخرى في المنطقة» بالنظر لدور إيران وتأثيرها في الملف السوري بكل تشعباته ومن ضمنها دور حزب الله. وتعتبر باريس اليوم أن «الحل الوحيد» الذي يمكن سلوكه في الملف السوري «للتخلص من الأسد ولتحاشي وصول إرهابيين» إلى السلطة، في إشارة إلى المجموعات الجهادية، يتمثل في إنجاح مؤتمر جنيف 2. لكن فابيوس لم يخف شكوكه، إذ اعتبر أن الوصول إليه «بالغ الصعوبة». وأعرب الوزير الفرنسي عن ثقته في أن «جنيف 2» سيعقد «من غير بشار (الأسد)»، وسيضم «ممثلين عن النظام وآخرين عن المعارضة المعتدلة للوصول إلى حكومة انتقالية تحوز كافة السلطات».