توقيف فريق برنامج تلفزيوني في لبنان بعد اتهامه «الجمارك» بالفساد

أعضاؤه يتعرضون للضرب لاحتجاجهم على امتناع مديرها العام عن إجراء مقابلة

TT

طغى توقيف فريق برنامج تلفزيوني بعنوان «تحت طائلة المسؤولية» تعرضه قناة «الجديد» اللبنانية، بعد اعتداء عناصر من الجمارك اللبنانية على أفراده بالضرب أمام عدسة الكاميرا، على ما عداه من أحداث سياسية في بيروت أمس. وفي حين تمكن أحد مقدمي البرنامج، رامي الأمين، من الفرار، خلال المواجهات، بقي زميله رياض قبيسي، وثلاثة آخرون، من فريق العمل في قبضة الجمارك قبل إحالتهم إلى النيابة العامة التمييزية للتحقيق معهم وتحديد المسؤوليات.

وأدى احتجاز الزملاء الإعلاميين والاعتداء عليهم بشكل همجي إلى حالة استنكار واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعية في لبنان. وتداعى إعلاميون وناشطون إلى اعتصام تضامني استمر لساعات، أمام مبنى مديرية الجمارك بوسط بيروت، لم يخل من مواجهات بين المعتصمين وعناصر الجمارك، قبل أن ينتقل المعتصمون إلى جوار قصر العدل، بعد نقل أعضاء فريق الجديد إليه، ومن ثم إخلاء سبيلهم مساء بعد كشف الطبيب الشرعي عليهم.

وفي هذا الإطار، قالت محامية قناة «الجديد» مايا حبلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن القناة «تقدمت بشكوى قضائية ضد عناصر الجمارك الذين اعتدوا على الفريق، والتحقيقات قد بدأت تأخذ مسارها الطبيعي، على اعتبار أن توقيفهم جاء بناء على شكوى قدمها مدير عام الجمارك شفيق مرعي، متهما إياهم بالتعرض له وللمؤسسة».

وفي حين طلبت مديرية الجمارك مساء أمس من «قناة الجديد» التحلي بالمناقبية الصحافية، واعتماد الموضوعية في التعامل مع الإدارات العامة، والبث دون اجتزاء، أوضح مدعي عام التمييز بالإنابة القاضي سمير حمود أن الإعلاميين ليسوا موقوفين بل محتجزين قيد التحقيق للاستماع إلى إفاداتهم، مؤكدا أن «القضاء سيقول كلمته وهو مع الحريات وليس ضدها».

وعلى الرغم من الاستنكار الواسع الذي لقيه توقيف الإعلاميين والاعتداء عليهم بالضرب، وإنشاء صفحات تضامنية معهم على مواقع التواصل الاجتماعي، متهمين القوى الأمنية بشكل عام والجمارك بشكل خاص بـ«الفساد»، ومطالبين بمحاسبة العناصر والضباط المسؤولين عما حصل، كانت للبعض آراء مختلفة، انتقدت «الاستفزاز» الذي قام به فريق البرنامج. لكن حبلي رفضت الحديث عن أي استفزاز، معتبرة أن ما قام به «فريق العمل هو جزء لا يتجزأ من عمله الاستقصائي الذي يستند إليه البرنامج».

وكان فريق برنامج «تحت طائلة المسؤولية»، الذي يعد فريقه تحقيقات استقصائية عن الفساد في المؤسسات بلبنان، كان آخرها عن «إدارة الجمارك»، قد توجه صباح أمس إلى وسط بيروت، حيث مبنى الجمارك، مقررا مواجهة مديره العام شفيق مرعي بعد أن امتنع عن إجراء مقابلة معهم، تنفيذا لخطة البرنامج التي تنص في الحلقة الأخيرة من كل ملف على «المواجهة مع المتهم». وتوجه الفريق إلى مرعي عبر مكبرات الصوت من أمام مقر المديرية، بعد أن وضعوا صورته على سيارة بثت نشيد «الجمارك».

وأفادت «قناة الجديد» بأن فريق «تحت طائلة المسؤولية» تعرض «للضرب وتحطيم الكاميرات»، مشيرة إلى أن اعتقال قبيسي جاء على خلفية متابعة مجريات حلقة يعدها الفريق حول الفساد في المؤسسة.

وطالبت مريم البسام، مديرة الأخبار في قناة «الجديد»، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي، بالإفراج عن الإعلاميين، انطلاقا من كون إدارة الجمارك خاضعة لسلطته، فيما وصف الأخير حادثة أمس بـ«المؤسفة». وأشار الصفدي في بيان أمس إلى أن «سيارة فان ترفع صورة المدير العام بالإنابة، شفيق مرعي، حضرت إلى المكان صباح أمس، وحيث إن عناصر الجمارك هم من العسكريين فقد اتخذت إدارة الجمارك إجراء بالتنسيق مع النيابة العامة العسكرية، وأصبحت القضية في عهدة القضاء العسكري».

وأسف الصفدي لهذه الحادثة التي تنافي التقاليد المتبعة في التعامل بين الإعلام والإدارات الرسمية التي تترك للقضاء المختص البت في الموضوع.

واستدعى الاعتداء على الإعلاميين سيلا من المواقف السياسية المستنكرة، جاء أبرزها على لسان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق الذي دعا «القضاء المختص إلى وضع يده على القضية واتخاذ الإجراءات الضرورية واللازمة بحق من يثبت التحقيق تورطه في افتعال الحادث». وشدد الداعوق على أن «الإعلاميين ليسوا (فشة خلق)، وليسوا (مكسر عصا)»، مبديا «رفضه القاطع للتطاول عليهم، خصوصا عندما يقومون بواجبهم المهني».