سجون المعارضة السورية تقتبس أساليب النظام في ممارسة التعذيب

أشهرها معتقل مارع بريف حلب وحقوقيون يتهمونها بخرق حقوق الإنسان

TT

لم تعد إدارة المعتقلات في سوريا تقتصر على السلطات النظامية فحسب، فقد أسست كتائب «الجيش السوري الحر» سجونا خاصة بها إثر سيطرتها على عدد من المناطق والبلدات. وبعد أن كانت هذه السجون مخصصة لاحتجاز عناصر نظامية أسرت أثناء المعارك مع المعارضة، فإن الفوضى التي تعتري المشهد العسكري المعارض جعلت لكل قائد كتيبة سجنا خاصا به. كما برزت سجون تتبع التنظيمات الإسلامية لا سيما «داعش» و«النصرة» تودع فيها معتقليها.

وغالبا ما يجري إنشاء هذه السجون ضمن مدارس أو مراكز حكومية جرت السيطرة عليها من قبل كتائب المعارضة، وفق ما يقوله أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «الكتائب المعارضة تعد هذه المراكز بمثابة سجون مثالية بسبب كثرة الغرف التي يمكن تحويلها إلى زنازين، إضافة إلى إمكانية تخصيص غرف فيها للحراس الإداريين»، على حد قوله.

ويعد سجن مارع بريف حلب من أشهر سجون المعارضة السورية، ويضم نحو مائتي سجينا، معظمهم من المواليين للنظام وأسروا خلال الاشتباكات في مدينة حلب. ويتبع هذا السجن لواء التوحيد، أكبر الفصائل المعارضة في حلب.

ورغم أن إدارة السجن أكدت في الكثير من التصريحات الإعلامية حسن معاملتها للسجناء وعدم الإساءة إليهم، فإن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التعذيب يمارس بشكل منهجي في جميع سجون المعارضة السورية»، مشيرا إلى «وجود عدد من الحالات التي قتلت تحت التعذيب».

ويظهر شريط فيديو بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» أحد المعتقلين في سجن تابع للمعارضة بمنطقة سلقين بريف إدلب وهو يتعرض للجلد على يد العناصر الموكلة بحماية السجن. وسبق لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية أن وجهت اتهامات لفصائل المعارضة السورية باتباع أساليب التعذيب والإعدام الميداني.

وبحسب عبد الرحمن، فإن «وظيفة سجون المعارضة كانت في بداية الثورة اعتقال العناصر والأسرى النظامية، لكنها سرعان ما تحولت إلى اعتقال كل من يعارض الكتائب المسيطرة على الأرض». ولا يستبعد عبد الرحمن «وجود سجن خاص لدى كل قائد كتيبة يعتقل في زنازينه كل من يخالف توجيهاته».

ويطلق سكان بلدة حيان في ريف حلب الشمالي على سجون القائد الميداني خالد الحياني أسماء كـ«غوانتانامو» و«أبو غريب»، في إشارة إلى التعذيب القاسي الذي يمارس فيها، بحسب ما أكد عبد الرحمن، مشيرا إلى أن «الصراع الأخير بين كتائب معارضة في منطقة حيان دفع لواء (شهداء بدر) إلى اقتحام مقر خالد الحياني ليتضح أنه جرى تحويل القبو في هذا المقر إلى معتقل يضم عشرات المدنيين».

وتعتمد معظم سجون المعارضة في إدارتها، بحسب عبد الرحمن، على «هيئات شرعية تضم مشايخ ومحامين وقضاة، ما يجعلها بعيدة عن تطبيق معايير حقوق الإنسان».

وينطبق الواقع المزري في سجون المعارضة على السجون التابعة للتنظيمات الإسلامية، لا سيما «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة». وتتشابه أساليب التعذيب التي تمارسها «داعش» في سجونها مع تلك التي يستخدمها النظام السوري لانتزاع الاعترافات من المعتقلين، وفق ما يؤكده أحد الناشطين الإعلاميين الميدانيين لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «الدولة الإسلامية تنصب أميرا على كل سجن من سجونها ليتابع شؤون السجناء، لكن هيئة شرعية تضم مشايخ تابعين لها هم من يصدرون الأحكام بحق المعتقلين».

وتحتجز «داعش» أكثر من 1500 شخصا في مدينة الرقة التي تسيطر عليها، بحسب المرصد السوري، واحتجز معظم هؤلاء على خلفية اتهامات تتعلق بالكفر والعمالة للغرب. وعلى غرار الصفحات التي يؤسسها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي للتذكير بالمعتقلين في سجون النظام، فقد أنشأ بعض الناشطين صفحة مخصصة للسجناء في سجون «داعش»، تعمل على نشر صورهم وتفاصيل اعتقالهم.