دمشق ترفض استبعاد الأسد من العملية الانتقالية في جنيف.. والجربا يشكك في نوايا النظام

لافروف يرفض الشروط المسبقة.. ودعوة تركية - إيرانية لوقف إطلاق النار قبل انعقاده

TT

أبدى النظام السوري، أمس، رفضه المطلق أي طرح يتضمن استبعاد الرئيس السوري بشار الأسد عن العملية الانتقالية، التي ستشكل محور مؤتمر «جنيف 2» المزمع عقده في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل، لإيجاد حل سياسي لأزمة سوريا، مما عدته المعارضة السورية «كشفا لنوايا النظام الحقيقية»، الذي قالت إنه «يسعى للحصول على تغطية من أجل المضي في حربه ضد شعبه».

وبعد إعلان الائتلاف السوري المعارض موافقته على المشاركة في المؤتمر، على أن يؤدي إلى عملية انتقالية لا يكون للأسد أو لأركان نظامه أي دور فيها، وتوافق كل من وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس وبريطانيا وليام هيغ على أنه لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية - انتقد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أمس ما أدلى به «فابيوس وهيغ وغيرهما وأدواتهم من العرب المستعربة، من أنه لا مكان للرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية». وذكر المصدر «هؤلاء جميعا بأن عهود الاستعمار، هي وما كانت تفعله من تنصيب حكومات وعزلها، قد ولت إلى غير رجعة»، داعيا إياهم إلى أن «يستفيقوا من أحلامهم».

وقال المصدر، وفق ما نقلته عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إنه «إذا أصر هؤلاء على هذه الأوهام، فلا لزوم لحضورهم إلى مؤتمر (جنيف 2) أصلا، لأن شعبنا لن يسمح لأحد، كائنا من كان، بأن يسرق حقه الحصري في تقرير مستقبله وقيادته، ولأن الأساس في جنيف، هو تلبية مصالح الشعب السوري وحده، وليس مصالح من سفك دم هذا الشعب».

وشددت الخارجية السورية، بعد ترحيبها بتحديد الأمم المتحدة موعد انعقاد «جنيف 2»، على أن «الوفد السوري الرسمي ذاهب إلى جنيف، ليس من أجل تسليم السلطة لأحد، بل لمشاركة أولئك الحريصين على مصلحة الشعب السوري المؤيدين للحل السياسي في صنع مستقبل سوريا». وقالت إن الوفد سيمثل الدولة السورية «مزودا بتوجيهات الأسد، ومحملا بمطالب الشعب السوري، وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب».

ولاقت مواقف الخارجية الروسية ردا سريعا من المعارضة السورية، فعد رئيس الائتلاف السوري المعارض، أحمد الجربا، «ما صدر عن النظام يكشف ع نواياه الحقيقية، وهي استخدام تعاون مزعوم مع المجتمع الدولي من أجل التغطية على المضي في حربه ضد الشعب السوري».

وقال الجربا، وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي ونشرته وكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «النظام يدعي أن طلب إنهاء النظام السوري هو سياسة غربية استعمارية، بينما الحقيقة أنه مطلب الشعب السوري الذي يريد إزاحته»، مذكرا بأن «مؤتمر جنيف يتناول العملية الانتقالية، وهدفنا من خلال المشاركة فيه ينسجم تماما مع تطلعات الشعب السوري، لإنهاء التسلط ومع قرار مجلس الأمن، وبيان لندن الصادر في 22 أكتوبر (تشرين الأول)».

ويرجح خبراء ومراقبون أن تصعب الشروط المضادة من طرفي النزاع إمكانية خروج مؤتمر «جنيف2» بتسوية سريعة للأزمة السورية. وفي هذا الإطار، يرى الباحث اللبناني وأستاذ العلاقات الدولية سامي نادر أن «الضغوط الدولية الممارسة على فريقي النزاع كبيرة جدا، لدرجة أنها ستحسم انعقاد المؤتمر في موعده، لكن يبقى السؤال الأساسي: هل يتوصل إلى تسوية سريعة؟».

ويقول نادر، المواكب للشأن السوري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك إطارا زمنيا لتسوية على صعيد المنطقة، أفقها منتصف العام المقبل، بناء على اتفاقين أساسيين: اتفاق الكيماوي السوري، والاتفاق حول النووي الإيراني». ويعرب عن اعتقاده أن «الاتفاق حول الكيماوي السوري جاء بمثابة تمهيد أو بادرة حسن نية إيرانية للتوصل إلى تسوية حول الملف الأساس، أي الصراع مع إيران».

ويجزم نادر: «بحصول مؤتمر (جنيف 2) في موعده، انطلاقا من أن الإيرانيين لن يعرقلوا انعقاد مؤتمر مماثل لئلا يعرقلوا أجواء التفاؤل والانفتاح بعد الاتفاق حول النووي»، مستدركا بالإشارة إلى «إمكانية تغير الموقف الإيراني المتقدم بشأن (جنيف 2)، في حال حصول انقلاب في موازين القوى الإيراني في الداخل».

ويخلص نادر إلى تأكيد أن «أولوية إيران اليوم تتمحور حول بقعة نفوذها في الشرق الأوسط، وبالتالي أكاد أجزم بانعقاد المؤتمر في موعده»، معربا في الوقت ذاته عن اعتقاده أنه «لن يحسم النتائج، وسيكتفي بأن يكشف كل فريق عن أوراقه لأن التسوية النهائية محكومة بنتائج الاتفاقين الكيماوي والنووي».

في موازاة ذلك، لا تزال التشكيلات العسكرية على موقفها الرافض للمشاركة في «جنيف 2»، وفي هذا السياق، رأى المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش السوري الحر، لؤي المقداد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في ظل الظروف القائمة، فإن عقد مؤتمر جنيف ليس سوى تكريس لقتل الشعب السوري». وذكر بأن «المجتمع الدولي لم يستطع أن يطبق أي بند من بنود (جنيف 1) أو أي بند من بنود قمة لندن 11. ولم يتمكن من فك الحصار عن أي قرية سورية ويمنع قصف المدنيين وقتل الأطفال»، مستنتجا أنه سيكون بطبيعة الحال «غير قادر على تطبيق أي بند أو أي نتيجة قد تصدر عن (جنيف 2)».

ونقلت تقارير إعلامية عن رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، سليم إدريس، قوله أمس إن «الظروف ليست مهيأة لعقد مؤتمر (جنيف 2)»، متهما النظام السوري بأنه «يحاول تضليل المجتمع الدولي بأن ذهابه إلى جنيف يهدف إلى إحلال السلام في سوريا».

وفي موازاة انتقاده التدخل الروسي في تحديد وفد المعارضة السورية، أكد إدريس أن «شروط الذهاب إلى جنيف تبدأ بتنازل الأسد عن السلطة وتقديمه لمحاكمة دولية مع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية».

وفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن «موسكو تناقش مع مختلف القوى المعارضة الآن، مسألة استضافة اجتماع بين قوى المعارضة»، مشيرا إلى «أن كل الجماعات المعارضة التي اتصلت بها روسيا أبدت اهتمامها بالمشاركة في مثل هذا الاجتماع».

وشدد لافروف، في مؤتمر صحافي عقده في موسكو أمس، على «ضرورة عقد مؤتمر (جنيف 2) من دون شروط مسبقة»، عادا أنه «لن تكون هناك ظروف مثالية لعقد المؤتمر». وقال إن «الجهات التي تحاول طرح شروط لعقد (جنيف 2) تسعى أساسا إلى تأجيله أو حتى إجهاضه»، مؤكدا أن «موسكو كانت ترغب في عقد المؤتمر في وقت سابق، وستحاول الآن استخدام الفترة قبل انعقاد المؤتمر في 22 يناير المقبل، للتشاور مع كل الأطراف السورية».

ومن طهران، وجهت تركيا وإيران دعوة مشتركة لوقف إطلاق النار في سوريا قبل انعقاد مؤتمر «جنيف 2». وذلك خلال لقاء ثنائي جمع أمس الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وأكد روحاني «القواسم المشتركة للبلدين بشأن ضرورة وقف الحرب الداخلية وعودة المشردين وإقرار الأمن وطرد الإرهابيين ومسيرة التسوية السلمية لمشكلات سوريا».

وشدد على أن «لا حل عسكريا للأزمة السورية»، مشيرا إلى أن «المفاوضات الجادة بين المعارضة والحكومة السورية هي السبيل لإخراج هذا البلد من الأزمة الراهنة».

بدوره، شدد أوغلو على «حضور إيران في اجتماع (جنيف 2) حول سوريا»، وأكد «تطابق وجهات نظر، إيران وتركيا، على صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف». ولفت إلى أن بلاده «تعد التدخل الخارجي في سوريا لا يخدم المنطقة»، مشيرا إلى «ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين لتسوية المشاكل الإقليمية».