دبلوماسيون أوروبيون يراهنون على تغييرات في سياسة إيران تتجاوز الملف النووي

قالوا إن الفصل بين الاتفاق النووي وإعلان «جنيف2» مصطنع والمواقف الغربية بدأت تتغير

TT

هل ما زالت إيران جزءا من المشكلة في سوريا أم أنها أصبحت طرفا في الحل؟ السؤال أخذ يطرح بإلحاح منذ أن وقعت مجموعة خمسة زائد واحد وإيران على الاتفاق النووي المرحلي الصالح لستة أشهر قابلة للتمديد ستة أشهر أخرى على أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق نهائي خلال عام.

تقول مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن الموقف «الرسمي» من مشاركة إيران لم يتغير لا أوروبيا ولا أميركيا وهو أنه يتعين على إيران الاعتراف بخارطة الطريق التي صدرت عن جنيف1 في يونيو (حزيران) من العام الفائت حتى تفتح أمامها أبواب جنيف2. وتعني هذه المصادر بالتحديد البند الذي ينص على أن غرض المؤتمر الموعود هو تشكيل هيئة انتقالية تعود إليها كافة الصلاحيات التنفيذية.

رسميا، يؤكد الغربيون أن «لا رابط» بين الملفين النووي والسوري ولا أي ملف آخر. وبحسب هذه المصادر، فإن المهمة الموكلة للستة من مجلس الأمن الدولي تتناول فقط الملف النووي. فضلا عن ذلك، حرص الستة (والغربيون بشكل خاص) على إحداث فصل تام بين هذا الملف والملفات الأخرى لأن ربط الأمور ببعضها البعض «سيزيد الأمور تعقيدا» والاتفاق أبعد منالا.

بيد أن هذا الموقف، وفق ما تؤكده المصادر المشار إليها: «آخذ بالتحول» لاعتبارين أساسيين: الأول، أن الدول الغربية تدرك أن لإيران تأثيرا كبيرا على النظام السوري وبالتالي سيكون من المفيد ضمها إلى الجهود الدولية خصوصا أن إيران «الجديدة» تختلف بقوة عن إيران القديمة بحسب ما تبين من السرعة التي توصلت فيها مع الستة إلى اتفاق مرحلي حول النووي علما بأن المفاوضات بشأن هذا الملف مستمرة منذ عشر سنوات دون أن تحرز أي تقدم يذكر. والسبب الثاني يتمثل في أن الستة كانوا يتخوفون من أن إيران «ستطلب ثمنا نوويا» لدورها في الملف السوري. والحال أن الاتفاق النووي أبرم والعبرة اليوم في التنفيذ وبالتالي فإن هذا التخوف قد زال.

ورغم أن المصادر الأوروبية لا تربط بين التوصل إلى تفاهم حول النووي والإعلان عن موعد مؤتمر جنيف2. فإنه من الواضح أن الأمرين «مترابطان بشكل من الأشكال» وأن الفصل الظاهري بينهما يبدو مصطنعا.

ويراهن الغربيون على أن التحولات في السياسة الإيرانية «لن تكون محصورة فقط بالملف النووي» الذي كانوا يعتبرونه الأكثر صعوبة بل إنها ستنسحب على النواحي الأخرى في السياسة الإيرانية. فضلا عن ذلك، فإنهم يرون أن اتفاق جنيف النووي والحالة الجديدة التي دلت عليها المفاوضات السرية في عمان وجنيف بين ممثلي «الشيطان الأكبر» (الولايات المتحدة) وأحد أكبر ممثلي «محور الشر» (إيران) يؤشران لمرحلة جديدة في علاقات طهران مع محيطها القريب والبعيد. ولذا، فإن عملية «التطبيع» مع النظام الإيراني التي أشار إليها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في بيان رسمي تعليقا على اتفاق جنيف، يبتغى منها أن تجعل النظام الإيراني أكثر قبولا ليس فقط في العمليات التجارية والنفطية والاقتصادية بل كذلك في المسائل السياسية وأولها الملف السوري.

وحتى الآن، كانت حجة إيران أنها كانت غائبة عن جنيف1 ولذا فإن نتائجه لا تلزمها. بيد أن هذه العقبة يمكن أن تحل من زاوية أن توصيات جنيف1 أصبح لها «غطاء» دوليا إذ تبناها قرار مجلس الأمن رقم 2118 الخاص بالكيماوي السوري وبالتالي فإن إيران تستطيع القول إنها تقبل القرار الدولي المذكور بكل فقراته ومن بينها تلك الخاصة بأهداف جنيف2.

غير أن لموضوع مشاركة إيران بعدين إضافيين: الأول، سوري داخلي حيث ترفض المعارضة السياسية والمعارضة المسلحة على السواء رؤيتها على طاولة المفاوضات وهي التي «تشارك في قتل السوريين». والثاني، خليجي حيث يربط المراقبون بين مشاركة إيران ومشاركة السعودية.

لا تبدو الحجتان مستعصيتين على الحل. فالنسبة للأولى، يمكن الرد عليها بأن المعارضة لا تجد غضاضة في حضور روسيا وهي التي وفرت المظلة السياسية والدبلوماسية فضلا عن السلاح للنظام السوري ودورها في إبقاء النظام على قيد الحياة لا يقل عن دور إيران.

وبالنسبة للثانية، رسمت سيناريوهات «تنفيذية» أبرزها أن يقتصر الحضور السعودي والإيراني على الجلسة الافتتاحية الأولى على أن يترك بعدها الطرفان السوريان مع الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي ويتراجع دور الأطراف الخارجية إلى الكواليس.

تقول المصادر الدبلوماسية الأوروبية إن المشكلة الحقيقية لا تكمن في مشاركة هذا الطرف أو ذاك بل في رغبة الطرفين السوريين في التوصل إلى حل سياسي وفي تقديم تنازلات لبلوغه. وأبرز العقبات مصير الرئيس الأسد والخلاف المسبق على دوره في الفترة الانتقالية وغموض الموقف. وأمس، قالت مصادر النظام السوري إن الوفد سيذهب إلى جنيف ولكن «ليس لتسليم السلطة» إلى المعارضة بينما الأخيرة تشدد على أن لا دور للأسد ولا لكبار نظامه لا في الفترة الانتقالية ولا بعدها. ولذا، فإن الملف ما زال في المربع الأول ولن يحل عقدته، في هذه الحال، مؤتمر جنيف سواء حضرت إيران أم لم تحضر.