مقتل عسكريين في بنغازي وتفجير ضريح في تاجوراء.. والجيش الليبي ينشر وحداته بالمدن

المؤتمر الوطني يجري استطلاعا للرأي حول الدستور الجديد

عناصر من الأمن الليبي تتفقد ضريح مراد أغا في مدينة بنغازي الذي تعرض لعملية تفجير فجر أمس على أيدي مجهولين (رويترز)
TT

نشر الجيش الليبي، الذي ما زال يتعرض لهجمات متقطعة في مدينة بنغازي بشرق البلاد من ميلشيات جماعة متطرفة، أمس قوات عسكرية بشكل مفاجئ بمنطقة الجفارة ومدينة البيضاء، بينما قتل عنصران من القوات الخاصة في مدينة درنة التي استقال مجلسها المحلي احتجاجا على تردى أوضاعها الأمنية.

وفجرت عناصر مجهولة فجر أمس ضريح «مراد اغآ» الواقع بباحة المسجد الذي يحمل نفس الاسم بتاجوراء، بعد زرع عبوات ناسفة بالضريح الذي يعتبر أحد المعالم التاريخية في ليبيا. وقال مسؤول محلي إن الانفجار وقع ما بين الساعة الخامسة والنصف والسادسة من صباح أمس، موضحا أن الأجهزة الأمنية باشرت التحقيق بالخصوص لمعرفة الجهة التي تقف وراء الحادث.

و«مراد آغآ» هو أول والٍ عثماني تسلم الحكم في ليبيا خلال الفترة من 1551 إلى 1553 بعد تحرير طرابلس من فرسان القديس يوحنا، حيث بنى المسجد الكبير بتاجوراء الذي سمي باسمه ودفن بالقرب منه، والذي يعد من أكبر وأهم مساجد العاصمة الليبية طرابلس لما يتمتع به من جمال العمارة الإسلامية.

إلى ذلك، قال مصدر طبي بمستشفى الوحدة المركزي بدرنة إنه جرى العثور على جثتين من عناصر القوات الخاصة ببنغازي في منطقة الساحل الشرقي بحي الإسطلات بها آثار إطلاق نار على الرأس داخل سيارة متوقفة، مشيرا إلى أنه جرى التعرف على هوية إحدى هاتين الجثتين من مدينة طبرق، لكنه أكد في المقابل أن ظروف وتفاصيل مقتلهما لا تزال غامضة.

وقال سكان في مدينة بنغازي التي تشهد إضرابا مستمرا غداة مواجهات عنيفة بين الجيش وجماعة سلفية جهادية لـ«الشرق الأوسط» إن الهدوء الحذر ساد شوارع المدينة أمس، حيث لم تسجل أي اشتباكات بين قوات الجيش الليبي وميلشيات تنظيم أنصار الشريعة المتطرفة، لكن نقطة تمركز تابعة للقوات الخاصة للجيش تعرضت مساء أول من أمس لإطلاق نار من قبل مجهولين على متن سيارة مدنية بالقرب من مستشفى الجلاء للحوادث بمنطقة رأس اعبيدة في المدينة.

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصدر أمني أن عناصر القوات الخاصة تبادلت إطلاق النار مع المهاجمين الذين استخدموا في هجومهم أسلحة خفيفة ومتوسطة، مشيرا إلى أن عملية الاشتباك لم تسفر عن أية إصابات بشرية باستثناء تضرر مركبات آلية خاصة كانت رابضة بالمكان تعود لمواطنين من سكان المنطقة.

وقال ناشطون إن مدينة بنغازي شهدت مساء أول من أمس أيضا عمليات إطلاق نار متقطع سمع دويها في نواحٍ متفرقة من المدينة وسط ترجيحات بأنها ناتجة عن محاولات لمسلحين لاستهداف دوريات أمنية متمركزة في مفترقات ومقرات حيوية في المدينة.

وجاءت هذه التطورات بينما ناقش الدكتور عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، مع عدد من القيادات العسكرية والأمنية في مدينة بنغازي بحضور عدد من أعضاء المؤتمر، الأوضاع الأمنية التي شهدتها المدينة مؤخرا والتي تسببت في سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

إلى ذلك، انتشرت وحدات عسكرية تابعة للواء الرابع مشاة من الجيش الليبي بالتعاون مع مديرية الأمن الوطني في مختلف مداخل ومخارج المدن والشوارع والميادين بمنطقة الجفارة وسط ترحيب لافت من المواطنين. كما انتشرت وحدات من الجيش والشرطة داخل مدينة البيضاء لتأمين مداخلها ومخارجها.

وفي اليوم الثاني من العصيان المدني الذي دعا إليه المجلس المحلي في بنغازي لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا أحداث بنغازي، التزم بالإضراب عدد كبير من القطاعات، حيث أغلقت الجامعات والمدارس والمصارف والإدارات في بنغازي.

وتدهور الوضع الأمني بشدة في بنغازي خلال الأشهر الماضية. ويدير الإسلاميون نقاط تفتيش وتقع اغتيالات وتفجيرات بشكل يومي.

ووعدت قوى غربية بمساعدة الجيش الليبي على كبح المقاتلين السابقين الذين انتفضوا على حكم العقيد الراحل معمر القذافي قبل عامين لكنهم يتحدون الآن الحكومة.

وذكر سكان أن متشددين إسلاميين، بينهم أعضاء في أنصار الشريعة، يحتشدون خارج بنغازي حيث يدفع الجيش بقافلة تعزيزات.. لكن المتشددين تركوا المنطقة في ما بعد وعاد الهدوء إلى المدينة. وألقي بالمسؤولية على أنصار الشريعة في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي قبل عام، والذي قتل فيه السفير وثلاثة أميركيين آخرين.

لكن الغضب الشعبي يتزايد ضد المتشددين والمقاتلين السابقين، وتأمل حكومة رئيس الوزراء علي زيدان في استغلال حالة الاستياء هذه لانتزاع السيطرة من الجماعات المسلحة.

واستعانت الحكومة بجماعات من الميليشيات لتوفير الأمن أملا في استمالة المقاتلين السابقين، لكن ولاء هذه الجماعات ظل لقادتها أو قبائلها وكثيرا ما تنشب بينها نزاعات حول الأرض أو لخلافات شخصية.

وانخفضت صادرات النفط بشدة بسبب استيلاء ميليشيات ورجال قبائل وموظفين في الدولة على حقول نفط وموانئ للمطالبة بمزيد من الحقوق السياسية أو زيادة المرتبات.

بموازاة ذلك، منح المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى هيئة سياسية في البلاد، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الإذن بإجراء استطلاع للرأي غير ملزم يتزامن مع انتخاب الهيئة التأسيسية يتعلق بمعرفة وجهات نظر المواطنين حول شكل الدولة ونظامها واللغات الرسمية بها والنظام الإداري الذي سيعمل به.

وناقش نوري العبار رئيس مجلس المفوضية مع مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا طارق متري مدى إمكانية قيام المفوضية بإجراء هذا الاستطلاع، بالإضافة إلى سير مراحل العملية الانتخابية ومنها ملف الأمن وكيفية تأمين الانتخابات، وضمان أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية لدى ليبيا ومن بينها بعثة الأمم المتحدة الداعمة للعملية الانتخابية.