اتفاق على تشكيل حكومة ألمانية يتضمن خبرا سارا للجالية التركية

مفاوضات المحافظين والاشتراكيين أقرت إبقاء الجنسية الأصلية لمواليد الأجانب

أنجيلا ميركل وهورست سيهوفر (يمين) وسيغمار غابرييل يتصافحون بعد إعلان توصلهم إلى اتفاق لتشكيل ائتلاف حكومي في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

تضمن الاتفاق الذي توصل إليه المحافظون والاشتراكيون بشأن تشكيل ائتلاف حكومي في ألمانيا أمس، خبرا سارا لأبناء الجاليات القادمة من دول غير أوروبية، يشكل الأتراك الغالبية بينهم. وبموجب الاتفاق الذي وقعه قادة حزبي المحافظين (الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي) والحزب الاشتراكي الديمقراطي، لن يكون مفروضا في المستقبل على من ولدوا وترعرعوا في ألمانيا ويحملون جوازا من دولة لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، أن يختاروا جنسية واحدة لهم كما كان الشأن سابقا. وكان الاشتراكيون الديمقراطيون قد وضعوا هذا الاقتراح ضمن مطالبهم الاجتماعية.

وجرى التوصل إلى اتفاق بين المستشارة أنجيلا ميركل زعيمة الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وهورست سيهوفر رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي، وسيغمار غابرييل رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إثر آخر جولة من المحادثات دامت نحو سبع عشرة ساعة وشارك فيها 75 مفاوضا من الأحزاب الثلاثة. ومن المفترض الآن أن يجري الحزب الاشتراكي الديمقراطي استفتاء وسط قواعده مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل لقبول الاتفاق، وفي حال كانت النتيجة إيجابية، يتوقع أن ينتخب مجلس النواب (البوندستاغ) ميركل على رأس حكومة «ائتلاف كبير» لولاية ثالثة من أربع سنوات في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الديمقراطي أندريا نالس ردا على أسئلة الصحافيين في أعقاب المفاوضات: «إن الصفقة التي جرى التفاوض بشأنها مع المسيحيين الديمقراطيين هي حزمة (تدابير) يمكننا عرضها على نشطائنا وبإمكاننا الموافقة عليها».

ووافقت ميركل على تقديم تنازلات كبيرة من شأنها أن تساعد على إزالة تحفظات ناشطي الحزب الاشتراكي الديمقراطي في التحالف مع حزب من اليمين. وأكدت نالس التوصل إلى موافقة على وضع حد أدنى للأجور في ألمانيا يبلغ 8.50 يورو في الساعة اعتبارا من عام 2015، على أن يطبق على كل القطاعات اعتبارا من عام 2017، لكن ثمة تفاصيل كثيرة تبقى بحاجة للتوضيح. وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي جعل من تبني هذا الإجراء الأساسي في برنامجه الانتخابي شرطا ضروريا لأي اتفاق ائتلافي. وهذا الحد الأدنى للأجور يعد سابقة في ألمانيا، حيث كان يعود حصرا إلى الشركاء الاجتماعيين تسوية المسائل المتعلقة بالأجور.

ومن شأن هذا التدبير تحسين القدرة الشرائية لملايين من أصحاب الأجور. وبحسب المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (دي إي في) فإن 5.6 مليون شخص، أي 17 في المائة من أصحاب الأجور الألمان يكسبون حاليا أقل من 8.50 يورو، وهذه الزيادة في الرواتب ستذهب أيضا في اتجاه ما طلبته أخيرا «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» و«صندوق النقد الدولي» لتحفيز استهلاك الأسر في ألمانيا. كما أبدى الاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة قلقا من سياسة الأجور المقيدة جدا التي تزيد القدرة التنافسية لألمانيا على حساب شركائها.

وبعد أكثر من شهر من المحادثات، تمكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من الحصول أيضا على خطة لتحسين معاشات التقاعد لأصحاب الأجور المتدنية وربات البيوت، وكذلك إمكانية التقاعد في سن الثالثة والستين (بدلا من 67) للذين عملوا لمدة 45 عاما.

وحقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي مكاسب أيضا فيما يتعلق بمطالبه الاجتماعية الكبرى، مثل إمكانية منح جنسية مزدوجة للأطفال الأجانب الذين يولدون على الأراضي الألمانية، وهو ما ينطبق بشكل واسع على أبناء الجالية التركية. كما اتفق هذا الحزب مع الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي بشأن ضريبة السيارات لتمويل الطرق السريعة.

وعدل القادة المحافظون والاشتراكيون الديمقراطيون عن إعلان تشكيلة الحكومة المقبلة في انتظار إجراء استفتاء داخل الحزب الذي يفترض أن يحصل على ست حقائب وزارية مقابل تسع حقائب للمحافظين.

ويعتزم الحزب الاشتراكي الديمقراطي استشارة أعضائه المقدر عددهم بـ470 ألفا بين 6 و12 ديسمبر، أي قبل يومين من الموعد المرتقب لإعادة انتخاب ميركل للمستشارية.

ومنذ بدء المفاوضات مع المحافظين وعد رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيغمار غابرييل باستشارة قاعدة الحزب بشأن أي اتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي لرفع تحفظات الكثير من الناشطين.

وكانت أول تجربة مع حكومة ميركل أدت بالنسبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى تسجيل أسوأ نتيجة في تاريخه في الانتخابات التشريعية في 2009 (23 في المائة). ولذلك فإن فكرة أن يحكم مع المحافظين لا تثير مطلقا الحماسة داخل الحزب الذي ما زال تحت وقع إرث إصلاحات دولة العناية التي أطلقها قبل عشر سنوات غيرهارد شرودر الذي شوهت صورته «الاجتماعية» بشكل دائم.