باكستان المنهكة بتمرد طالبان تعين قائدا جديدا للجيش

راحيل شريف يخلف أشفق كياني.. وتساؤلات حول مدى ابتعاده عن التدخل في السياسة

راحيل شريف (رويترز)
TT

عين الجنرال راحيل شريف أمس قائدا أعلى للجيش الباكستاني المؤسسة، الأكثر نفوذا في هذا البلد الذي يعد مبدئيا حليفا للولايات المتحدة في «الحرب على الإرهاب» ويواجه منذ سنوات تمرد طالبان. وسيخلف راحيل شريف، 57 عاما، على رأس قيادة الجيش الجنرال أشفق كياني الذي سيحال إلى التقاعد بعد أن تولى منذ 2007 قيادة سادس أكبر جيش في العالم (يزيد عدد جنوده على 600 ألف رجل).

وأعلن رئيس الوزراء نواز شريف أمس أن الجنرال راحيل شريف سيتولى قيادة الجيش رسميا يوم غد (الجمعة). ولا تربط قائد الجيش الجديد صلة قرابة برئيس الوزراء نواز شريف رغم تشابه اسم العائلة.

وراحيل شريف المولود في كويتا من والد كان ضابطا كبيرا في الجيش، تخرج في الأكاديمية العسكرية في البلاد ووضعت تحت إمرته قوات على الأرض، ثم جرت ترقيته إلى مقر عام الدفاع في مدينة روالبندي. كما حاز على شهادة من المعهد الملكي للدراسات العسكرية في بريطانيا. وشقيقه شبير نال أعلى وسام عسكري في البلاد لـ«شجاعته» في الحرب ضد الهند في 1971 التي قتل خلالها.

وأعلن نواز شريف أنه يريد أن يفصل الجانب العسكري عن الجانب السياسي، إلا أن محللين يستبعدون تخفيف الجيش من قبضته في مثل هذا التوقيت الحساس. وقال المحلل الأمني حسن عسكري رضوي: «يجب أن يعلم نواز أنه سواء كان (قائد الجيش) راحيل شريف أو أي شخص آخر، فإن الذي سيحركه في البداية والنهاية هو المؤسسة». كما صرح طلعت مسعود الجنرال السابق أن لدى راحيل شريف معرفة كبيرة بالعمليات لمكافحة أنشطة التمرد، وتعيينه في المنصب يسجل استمرارية مع عهد كياني الذي كان إرثه الكبير عدم التدخل كثيرا في الشؤون السياسية للبلاد.

وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في مايو (أيار) الماضي بقي كياني على مسافة من اللعبة السياسية ما سهل أول عملية ديمقراطية حقيقية في تاريخ البلاد بين حكومة منتخبة أنهت ولايتها من خمس سنوات وأخرى. وحمل هذا الاقتراع إلى السلطة نواز شريف الذي لا يرتبط بعلاقة قرابة مع راحيل شريف، بحسب محللين.

وكان خيار رئيس الأركان الجديد حاسما لنواز شريف. وأول رئيس وزراء في نهاية تسعينات القرن الماضي، عين برويز مشرف قائدا للجيش الذي أطاحه في انقلاب عسكري دون إراقة دماء. وسرعان ما واجه الجنرال شريف تحديات مهمة من مخاطر شن طالبان باكستان هجمات إلى إعادة الهيبة إلى الجيش التي فقدها نتيجة استمرار أعمال العنف في البلاد والعملية التي شنتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وأدت إلى مقتل أسامة بن لادن في مايو 2011 في أبوت آباد (شمال) على بعد مئات الأمتار من الأكاديمية العسكرية الرئيسة في البلاد.

وفي عهد الجنرال كياني دعم الجيش الباكستاني بفتور دعوة رئيس الوزراء نواز شريف لفتح مفاوضات سلام مع طالبان باكستان. لكن هذه الرغبة تلاشت مطلع الشهر الحالي مع قضاء طائرة أميركية من دون طيار على زعيم طالبان باكستان حكيم الله محسود الذي خلفه الملا فضل الله المعارض بشدة لأي تقارب مع السلطة ما غذى شائعات عن عمليات عسكرية ضد معاقل طالبان قرب الحدود الأفغانية.

ولهذه التحديات الداخلية تضاف مسائل جيوسياسية معقدة مثل العلاقات مع الولايات المتحدة، أول جهة مانحة لإسلام آباد والهند ودور باكستان في مستقبل أفغانستان بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي العام المقبل. وقال مصدر عسكري «سيضطر أيضا إلى ضمان أمن الحدود مع أفغانستان وأعتقد أنه سيتشاور مع قيادة الجيش ويطهر على طول الحدود القائمة بين باكستان وأفغانستان».

وتبقى العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة متوترة لأن واشنطن تتهم بانتظام إسلام آباد بدعم طالبان الذين يحاربون كابل وحلفاءها في الحلف الأطلسي في أفغانستان، إلا أن الجيش الباكستاني لا يزال يتلقى مساعدة مالية أميركية مهمة. وخلال العقد الأخير قدمت واشنطن مساعدة لباكستان تزيد على 23 مليار دولار، تعد في الأساس عسكرية، بحسب الكونغرس الأميركي.