المدعي العام الفرنسي يتدخل لكسر حكم النقض وتأييد فصل عاملة محجبة

قضية فاطمة عفيف شغلت القضاء منذ خمس سنوات

TT

في خطوة نادرة، قضت محكمة الاستئناف في باريس، أمس، بمخالفة حكم صادر عن محكمة النقض، يقر بإعادة عاملة إلى عملها في حضانة أطفال خاصة، بعد أن كانت قد فصلت بسبب تغطيتها رأسها بحجاب. وأيد قاضي الاستئناف قرار فصل فاطمة عفيف بتهمة «خطأ مهني خطير».

وشغلت قضية العاملة المحجبة في حضانة «بيبي لو» الخاصة، في منطقة «إيفلين» غرب باريس، الرأي العام طوال السنوات الخمس الماضية وحركت النشطاء والناشطات في أوساط المهاجرين المسلمين. وقال محاميها إن «الأمر لن يتوقف هنا على الأغلب»، مما يعني الذهاب، مجددا، إلى محكمة النقض واحتمال نقل القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ورغم أن قانون منع الحجاب يسري على الموظفات والعاملات في الدوائر الرسمية، انطلاقا من علمانية الدولة الفرنسية، ولا يشمل العاملات في المدارس ودور الحضانة الخاصة، فقد تدخل النائب العام لمحكمة الاستئناف، فرنسوا فاليتي، ودعا محكمته إلى «مقاومة» قرار محكمة النقض التي كانت قد عدت فصل العاملة ينطوي على «تمييز» لأنه صادر عن مؤسسة خاصة.

واستند النائب العام على حجة مفادها أن الحضانة رغم أنها خاصة فإنها تمارس مهمة ذات نفع عام، وعليها واجبات تربوية تستدعي الحياد (في الملبس) والعلمانية. كما أشار إلى أن الحضانة تتلقى إعانة من الدولة وتلتزم بنظام داخلي محدد ومن مهماتها «توعية الأطفال». وأعاد النائب العام التذكير بالمادة 14 في شرعة حقوق الطفل تنص على حمايته من أنواع معينة من الضغوط.

وكانت إدارة الحضانة قد سرحت عفيف من الخدمة، نهاية 2008، لأنها رفضت كشف شعرها أثناء العمل، واستنادا إلى التعليمات الداخلية التي تمنع الإشارات الدينية داخل الحضانة لدواعي الحياد. وبعد سنتين من ذلك قضت محكمة العمل بتأييد فصل فاطمة بسبب «عصيان الأوامر»، ما يشكل خطأ مهنيا كبيرا. واستأنفت العاملة القرار وصدر، في خريف 2011 حكم عن محكمة الاستئناف بتأييد قرار قاضي العمل. لكن القضية اتخذت وجهة مغايرة عندما كسرت محكمة النقض، في ربيع العام الحالي، حكم التسريح وأصدرت حكما بإعادة فاطمة إلى عملها لأنها مستخدمة في مؤسسة خاصة وبالتالي يمكنها ارتداء الحجاب. في الشهر الماضي، وفي خطوة مفاجئة وغير معهودة، كتب فاليتي مرافعة حماسية من 21 صفحة لقاضي الاستئناف، جاء فيها أن حرية المعتقد والدين لا تحمي أي تصرف كان، حتى ولو انطلق من دوافع ذات منحى ديني أو فلسفي. وركز المدعي العام على أن منظري الإسلام مختلفون حول قضية الحجاب وهل يشكل ارتداؤه فرضا دينيا أو مجرد ممارسة شخصية بمحض الاختيار الفردي. كما استفاض في شرح واجبات مربيات دور الحضانة وتعارضها مع الإشارات الخارجية للانتماء الديني باعتبار أنهن يتعاملن مع أطفال دون الثالثة من العمر، وهي السن التي يسهل فيها تشكيل وعي الطفل.

ويأتي القرار الاستثنائي لمحكمة الاستئناف في باريس متزامنا مع نظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أمس، للقانون الفرنسي الصادر في 2010 والقاضي بمنع النقاب أو ما تعارف على تسميته «الحجاب الكامل»، وينص على حظر ارتداء أي زي يغطي الوجه في الأماكن العامة. ونقلت القضية إلى المحكمة الأوروبية فرنسية مسلمة منتقبة ترى أن القانون المذكور ينتهك حقا من الحقوق الأساسية. لكن جمعيات تعارض عودة النقاب إلى المجال العام، لا سيما الجمعيات النسائية والعلمانية، تقف وراء الاستمرار في العمل بالقانون بدافع الحفاظ على «الكرامة الإنسانية».