حزب الأمة يحذر من حرب أهلية في السودان ويتهم ميليشيات حكومية بانتهاكات في «أبو زبد»

معارضون يؤكدون أن الإنفاق العسكري والأمني سبب رئيس للأزمة الاقتصادية

TT

حذر حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي من تطور المواجهات العسكرية في السودان إلى «حرب أهلية شاملة» تؤدي إلى تمزيق البلاد، ودعا للوقف الفوري للحرب حفاظا على وحدة البلاد، وعقد «مؤتمر دستوري قومي» يفضي إلى تكوين حكومة انتقالية تشرف على قيام انتخابات حرة ونزيهة.

وقال إن مجموعات مسلحة، يعتقد أنها «ميليشيات» تابعة للنظام الحاكم في الخرطوم، طوقت مدينة «أبو زبد» بولاية غرب كردفان، وقامت بتفتيش شامل للمنازل، مما نتج عنه عمليات نهب وسلب لممتلكات المواطنين، وإن بعض سكان المدينة ذكروا أنهم تعرضوا لاعتداءات جسدية وإهانات بالغة، بينما تعرضت حرمات بعض الأسر لانتهاكات، فضلا عن سقوط ضحايا نتيجة للمواجهات العسكرية بين المواطنين.

وتعرضت منطقة «أبو زبد» لهجوم من قوات الجبهة الثورية، وسيطرت عليها زهاء اليوم، ثم استردتها القوات الحكومية بعد عمليات عسكرية عنيفة، وكانت الخرطوم حركت قوات عسكرية كبيرة لمناطق الحروب عقب إعلان القيادة السياسية والعسكرية، بما فيها الرئيس عمر البشير ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، عن تحريك تلك القوات لحسم التمرد عسكريا صيف هذا العام.

ورأى حزب الأمة أن إرسال «تجريدات عسكرية هائلة» إلى تلك الولايات فاقم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب القرارات الاقتصادية الأخيرة، وأن اللجوء للبندقية لحسم الصراع السياسي لن يحل القضية.

وذكر الحزب في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن البلاد شهدت تحولا عسكريا خطيرا بامتداد النزاع المسلح إلى ولايات كردفان، بما جعل تسعا من ولايات البلاد - البالغة 16 ولاية، أو ما يوازي 56 في المائة من مساحة البلاد - أصبحت تدور فيها الحروب، وهي خمس ولايات في دارفور، وثلاث ولايات في كردفان، وولاية النيل الأزرق.. إضافة إلى التوترات على حدود ولاية النيل الأبيض ومنطقة أبيي المتنازع عليها مع جنوب السودان.

وأدان «الأمة القومي» العنف مهما كان «مصدره»، عادا أن حل مشكلات البلاد لن يكون بالمواجهات العسكرية، بل عبر الوسائل السلمية والحوار القائم على توفر الإرادة السياسية، وطالب بإجراء تحقيق عادل في ما أطلق عليه «الانتهاكات والجرائم» التي ارتكبت في مدينة أبو زبد وتمليك الحقائق للرأي العام.

وفي غضون ذلك، عد الحزب الشيوعي السوداني أن «الإنفاق العسكري والأمني» هو سبب رئيس من أسباب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، وأوضح أن الدولة تنفق فيه أكثر من 8.5 مليار جنيه، استنادا إلى ما يرد في الميزانية الرسمية، بيد أنه قال إن الأرقام الواردة في الميزانية غير حقيقية لأنها تجاهلت التسليح والعتاد وتمويل العمليات العسكرية، مما يؤكد وجود «صرف خارج الميزانية»، يذهب للإنفاق العسكري والأمني.

وقال البروفسور أحمد حامد في مؤتمر صحافي عقد بدار «الشيوعي» أمس، إن المواطنين يعيشون ضائقة معيشية كبيرة تخلوا بسببها عن الكثير من الضروريات للبقاء على قيد الحياة، وكشف أن كلفة إعالة أسرة من خمسة أفراد كانت تبلغ 3.5 ألف جنيه سوداني قبل زيادة أسعار المحروقات الأخيرة، التي أدت لارتفاع الكلفة إلى 5.5 ألف جنيه سوداني، بينما ظل الحد الأدنى للأجور في البلاد في حدود 400 جنيه. وأضاف حامد أن السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة ألحقت ضررا بالغا باقتصاد البلاد وتطوره المستقبلي، لكونها تؤدي لخفض الإنتاج والإنتاجية، وإلى تراجع إعادة إنتاج القوى العاملة، نافيا في ذات الوقت ما تروج له الحكومة بوصفها لتلك الإجراءات بـ«رفع الدعم»، وقال: «النظام يروج لما يسمى بالدعم، على الرغم من تأكيدنا على عدم وجود دعم. ونحن نختلف مع خبراء صندوق النقد الدولي في كيفية حساب الدخل، لأن الحكومة تحقق أرباحا طائلة من تجارة المواد البترولية، ما دام سعر البيع أعلى من سعر التكلفة».

ودعا حامد الحكومة للبحث عن المسببات الحقيقية للعجز في ميزانيتها، وأضاف ساخرا: «للأسف لم تشر أوراق المؤتمر الاقتصادي الذي عقد أخيرا للأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية، وأن تزايد الإنفاق الحكومي يثير الشكوك في أن الميزانيات المقدمة حقيقية».

ورأى حامد أن أسباب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد «سياسية» وليست اقتصادية، وأن الطريق لمواجهتها يحدث بوقف الحرب، وإحداث تحول ديمقراطي حقيقي يسهم في إزالة التوترات السياسية، وأن الأزمة الاقتصادية لن تحل ما لم تواجه الحكومة هذه الاستحقاقات.

وأضاف أن «الأزمة الاقتصادية تعود لطبيعة النظام وسياساته هي التي قادت للانقسام، لأنه غير مستعد لتقليل الصرف على الدستوريين، لأن هذه هي طبيعته وقادته يريدون عيش حياة مترفة على حساب جيوب أبناء الشعب».

وقال حامد إن الأزمة وصلت لمرحلة لن يستطيع النظام مواجهتها، وإن الخيار الوحيد أمامه حال إصراره على تلك الزيادات، أن يقمع المواطنين بالرصاص، وإن على شعب السودان النظر بجدية لهذه السياسات لأنها تهدد مستقبل السودان.

وفي السياق ذاته، قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي سليمان حامد في حديثه للصحافيين، إن الحل الذي يقدمه تحالف المعارضة للأزمة الاقتصادية يتمثل في إسقاط نظام حكم الرئيس البشير وإقامة نظام ديمقراطي بديل، يخرج البلاد من أزماتها كافة، وأضاف أن الشعب السوداني قادر على إحداث التغيير، وأن الانتفاضات ضد النظام منذ العام الماضي بدأت تتصاعد، إلى أن بلغت ذروتها في انتفاضة سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين وزلزلت النظام وأربكته، وقال إن الانتفاضة الثالثة ستكون أكبر وأكثر تنظيما، وأضاف أن «الثالثة واقعة لا محالة».

من جهة أخرى، أعلن «تحالف المحامين الديمقراطيين»، وهو تحالف يضم المحامين المنتمين للكيانات والتنظيمات المعارضة لنظام الخرطوم، عدا الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني»، عن بدء حملته الانتخابية لما سماه انتزاع نقابة المحامين من سيطرة نظام الحكم.

وقال المتحدث باسم التحالف المحامي نبيل أديب إن تحالفه سيدشن حملته المبكرة السبت، على الرغم من عدم معرفته بمواعيد إقامة تلك الانتخابات، وأضاف: «بدأنا الحملة من دون أن نعلم متى تكون الانتخابات، لأن هذا ما درج عليه المؤتمر الوطني، بمفاجأة المحامين بإعلان الانتخابات في وقت ضيق بعد أن يكون قد هيأ نفسه لها، وهو ما يفقد المحامين حقهم في المحاسبة والتنظيم وحق الترشح والترشيح».

ودعا أديب، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي عقده بمكتبه أمس، إلى إعلان سجلات المحامين قبل وقت كاف، وتكوين لجنة انتخابات من المحامين، وتحديد فترة للطعون، وعقد الجمعية العمومية في قاعة تسع الأعضاء، والسماح بوجود مراقبين وإجراء الفرز بحضور الأطراف المتنافسة.

وقال إن تحالفه تقدم بطعون في أكثر من دورة لم تقم المحاكم بالبت فيها حتى الآن، وإن رئيس القضاء لم يبت في تلك الطعون حتى تركه للعمل ومجيء رئيس جديد. وأضاف أديب أن تحالفه قادر على الفوز بنتيجة الانتخابات بحكم عددية أعضائه، وحال التزام الأطراف بإجراء انتخابات نزيهة، وقال: «قادرون على الفوز إذا لم تحدث ألعاب خشنة»، في إشارة إلى احتمالات بتزوير انتخابات «المحامين»، نظرا للدور الذي تلعبه تجاه الوطن والقضايا العامة.