متظاهرو بانكوك يقطعون الكهرباء عن مقر الشرطة ويرفضون التفاوض

الحكومة التايلندية الواقعة تحت ضغط الشارع تنجو من مذكرة بحجب الثقة

متظاهر يقدم وردا إلى جندي خلال مسيرة مناهضة للحكومة قرب وزارة الدفاع في بانكوك أمس (أ.ب)
TT

قطع آلاف المتظاهرين التايلنديين الذين يطالبون برحيل الحكومة أمس الكهرباء في مقر الشرطة في وسط بانكوك، وأكدوا رفضهم أي تفاوض بعد شهر من حركتهم الاحتجاجية في الشارع. وتجمع نحو ألف متظاهر حول مقر قيادة الشرطة، ما أدى إلى قطع الطريق على أحد المحاور الرئيسة في المدينة، وقطع الكهرباء. وصرح مسؤول في الشرطة يدعى برايوت ثافورنسيري أن مقر الشرطة بات «يستخدم مولدا للكهرباء» ليواصل عمله.

وجاء ذلك بينما دعت رئيسة الحكومة ينغلوك شيناواترا المتظاهرين إلى التفاوض، وقالت في خطاب بثه التلفزيون إنها تقترح على المتظاهرين «وقف التظاهر ومغادرة المباني الرسمية»، داعية إلى «إيجاد حل» للمشكلة. لكن اكانات برومفان أحد الناطقين باسم المتظاهرين قال: «لا يمكننا أن نثق بها». ويبدو أن المتظاهرين لا يميلون إلى إخلاء المباني التي يحتلونها منذ أيام وتتركز في موقعين هما وزارة المالية ومجمع يضم وزارات عدة أخرى بينها وزارة العدل.

وتزامنا مع هذه التطورات، نجت رئيسة الوزراء أمس من مذكرة لحجب الثقة في البرلمان في تصويت غير مفاجئ لكنه زاد في ما يبدو من غضب آلاف المعارضين الذين يطالبون برحيلها. ولم يفلح الحزب الديمقراطي المعارض، الذي لم يفُز بالانتخابات طيلة عشرين سنة، في إحداث المفاجأة في البرلمان حيث يتمتع حزب بويا ثات الحاكم بالأغلبية، وحيث رفض 297 نائبا مذكرة المعارضة بحجب الثقة مقابل 134.

ويثير غضب المتظاهرين مشروع قانون عفو اعتبروا أنه معد خصيصا لإتاحة عودة ثاكسين شيناوترا شقيق ينغلوك ورئيس الوزراء الذي أطاح به انقلاب في 2006 لكنه ما زال يلعب دورا حاسما على الساحة السياسية في المملكة من منفاه. ودعت ينغلوك المتظاهرين الذين يحتلون وزارة المالية ومجمعا حكوميا في ضواحي العاصمة إلى مغادرتهما. وقالت قبيل التصويت على حجب الثقة: «إنهم يريدون التظاهر حتى نهاية الشهر، وأظن أنهم عبروا بما فيه الكفاية عن موقفهم السياسي».

وتعد هذه المظاهرات الأكبر منذ احتجاجات 2010 التي شارك فيها 100 ألف من «القمصان الحمر» الموالين لثاكسين، واحتلوا وسط بانكوك مطالبين بالإطاحة بحكومة الديمقراطيين حينها، قبل هجوم الجيش. وأسفرت حينها أكثر الأزمات التي شهدتها تايلند الحديثة عن سقوط 90 قتيلا و1900 جريح. وكشفت الانقسامات العميقة في المجتمع التايلندي بين جماهير الأرياف والمدن الفقيرة من شمال وشمال شرقي البلاد الملقبين باسم «الحمر» ونخب العاصمة.

وتجمع آلاف «القمصان الحمر» منذ الأحد في ملعب في بانكوك تضامنا مع الحكومة ويعتزمون تنظيم مظاهرة كبيرة السبت في المكان نفسه. ومن جانب المعارضة، تجمع متظاهرون أيضا الأربعاء من حول مقرات 25 إدارة إقليمية، وخصوصا في جنوب البلاد معقل الديمقراطيين. وسار المتظاهرون أمس خصوصا نحو وزارة الدفاع ومقر الشرطة الوطنية، وما زال أكبر قياديي المتظاهرين رئيس الوزراء السابق سوثيب ثاوغسوبان الملاحق لدوره في قمع مظاهرات 2010، في مجمع حكومي شمال المدينة محتل منذ الاثنين. ودعا هذا القيادي في «الحزب الديمقراطي» خلال الأيام الأخيرة إلى إنشاء «مجلس للشعب» غير منتخب ليقود البلاد، معبرا بذلك لأول مرة بطريقة واضحة نسبيا عن إرادة المتظاهرين في التخلص من النظام الديمقراطي في بلاد شهدت 18 انقلابا أو محاولة انقلاب منذ قيام النظام الملكي الدستوري في 1932. وصدرت بحقه مذكرة توقيف بتهمة احتلال وزارة المالية، لكن السلطات أعلنت أن الشرطة لن تعتقله وسط المتظاهرين.

وأثارت هذه الحركة الاحتجاجية الجديدة قلق المجتمع الدولي حتى إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعرب الأربعاء عن «القلق من تصاعد التوتر السياسي في بانكوك»، وفق ناطق باسمه.