سيول وطوكيو تتحديان منطقة الدفاع الجوي الصينية

بايدن يعتزم مناقشة التصعيد خلال زيارته إلى بكين التي تواجه ضغوطا داخلية للرد

طائرة عسكرية يابانية تحلق قرب الجزر المتنازع عليها مع الصين في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 (أ.ف.ب)
TT

أعلنت سيول وطوكيو أمس أنهما تحدتا منطقة الدفاع الجوي التي أعلنتها الصين في الآونة الأخيرة وعبرتا بذلك عن موقف موحد إزاء هذه الخطوة بعد تحليق قاذفتين أميركيتين من طراز «بي-52» في المنطقة ذاتها. وفي الوقت نفسه تواجه السلطات الصينية ضغوطا داخلية للرد بحزم على توغلات الطائرات في المنطقة التي أعلنت الأسبوع الماضي وتشمل جزرا متنازعا عليها مع اليابان.

وتطالب الصين الطائرات بتقديم مسار رحلاتها وإعلان جنسيتها والإبقاء على اتصال لا سلكي في الاتجاهين، أو «مواجهة إجراءات طارئة». لكن الجيش الكوري الجنوبي أعلن أمس أن طائراته حلقت يوم الثلاثاء في منطقة الدفاع الجوي دون إبلاغ الصين. وحلقت هذه الطائرات في إطار تدريب عسكري دوري حول منطقة صغيرة تابعة لكوريا الجنوبية تحمل اسم ايودو وشكلت مصدر توتر دبلوماسي باستمرار مع الصين. وقال ناطق باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية: «لم نبلغ الصين». وصدر إعلان مماثل عن خفر السواحل الياباني الذي قال الناطق باسمه ياسوتاكا نوناكا: «لم نغير عملياتنا العادية للدوريات في هذه المنطقة ولم نبلغ الصين بخطط رحلاتنا. ولم نواجه أي مطاردة صينية».

وجاء تحليق هذه الطائرات غداة إعلان مسؤولين أميركيين أن قاذفتين من طراز «بي-52» حلقتا في المنطقة المثيرة للجدل يوم الاثنين، موضحين أن الطائرتين اللتين لم تكونا مجهزتين بسلاح أدتا مهمة دون تبليغ مسبق للسلطات الصينية بمسار رحلتهما. وأكد مسؤول في البنتاغون طالبا عدم كشف هويته أن الطائرتين من طراز «بي-52» ولم تلتقيا بطائرات صينية. وأوضح المسؤول العسكري الأميركي أن الطائرتين غير المسلحتين أقلعتا من قاعدة غوام الاثنين، مشيرا إلى أن تحليقهما كان «مخططا له منذ فترة طويلة» في إطار تدريبات منتظمة في المنطقة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

بدورهم، قال مسؤولون في الإدارة الأميركية أمس إن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن سيثير المسألة مع بكين خلال زيارة سيؤديها إلى المنطقة الأسبوع المقبل. وصرح أحد هؤلاء المسؤولين بأن الرحلة «ستسمح له بالتأكيد على أن سلوك الصين يثير استياء جاراتها ويطرح تساؤلات عن عملها في الأجواء الدولية».

وعبرت الصحف الصينية الرسمية أمس عن الأسف لبطء بكين في الرد على «التحدي» الذي قامت به واشنطن بإرسالها قاذفتين لتحلقا فوق منطقة الدفاع الجوي. وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز» القريبة من الحزب الشيوعي الصيني أن الولايات المتحدة، بإعلانها عن تحليق طائرتي «بي-52» فوق المنطقة دون إبلاغ السلطات الصينية مسبقا، تبنت «سلوكا منحرفا» يندرج في إطار «حرب للرأي العام موجهة ضد بكين». وأضافت هذه الصحيفة المرتبطة بالحزب الشيوعي أن «الصين لم تتمكن من الرد بشكل مناسب خلال مهلة مرضية، لذلك وصل إلينا سيل من التعليقات السلبية عن المنطقة الجوية الجديدة». وتابعت أنه «على الصين إصلاح منظومتها للعلاقات العامة لتتمكن من تجاوز المعارك النفسية التي تشنها واشنطن وطوكيو». وكانت بكين أعلنت أول من أمس أنها قامت بعملية «مراقبة» مستمرة لقاذفتين أميركيتين من طراز «بي-52». وقالت وزارة الدفاع الصينية إن «الجيش الصيني راقب مجمل مسار (رحلة القاذفتين) وتعرف خلال فترة مناسبة (على الطائرتين) وأي نوع من الطائرات الأميركية هما». وأضافت الوزارة في بيان وزع على الإعلام أن «الصين تملك القدرة على القيام بمراقبة فعالة لمجالها الجوي».

وكانت الصين أعلنت من جانب واحد السبت الماضي منطقة الدفاع الجوي فوق بحر الصين الشرقي في منطقة تشمل جزر سنكاكو الأرخبيل الخاضع إداريا لليابان، لكن الصين تطالب به وتسميه دياويو. ورفضت طوكيو وسيول طلب الصين أن تقدم كل الطائرات التي تعبر المنطقة مساراتها الجوية وتفاصيل عن هويتها. ورأى البيت الأبيض أن هذه الخطوة «تصعيدية» بينما اشتدت اللهجة بين طوكيو وبكين واستدعت كل منهما سفير البلد الآخر.

وأعلنت أستراليا من ناحيتها الثلاثاء أنها استدعت السفير الصيني للاحتجاج على هذا التدبير الجديد الذي اتخذته بكين. وصدر آخر ردود الفعل من مانيلا، حيث عبر وزير الخارجية الفلبيني ألبرت ديل روزاريو عن قلقه من احتمال سيطرة الصين على الأجواء في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وقال في مقابلة مع شبكة «إيه بي إس - سي بي إن» إن «هناك خطرا أن تسيطر الصين على المجال الجوي» في بحر الصين الجنوبي، مضيفا أن إعلان الصين هذه المنطقة «سيجعلها داخل المجال الجوي الصيني بالكامل وهذه مخالفة وأمر يعرض الطيران المدني للخطر». وتابع أن هذا الأمر «يعرض الأمن القومي للدول المعنية للخطر أيضا». لكن الصحف الصينية رأت أمس أيضا أن المنطقة الجديدة «أطلقت بنجاح» وإن كان الإعلان عنها أثار توترا دبلوماسيا في المنطقة. وكتبت صحيفة «تشاينا ديلي» أن «الوضع الفوضوي ناجم عن تهور طوكيو والرسالة التي تفيد بأن واشنطن ستخفف من نزعة طوكيو العدائية وإزالة الهامش المتوفر من أجل مناورات دبلوماسية».

وردا على سؤال عن تحليق الطائرات الكورية الجنوبية، قال الناطق باسم الخارجية الصينية إن «السلطات ترصد كل طائرة داخل منطقة الدفاع الجوي ويفترض أنها على علم بالوضع». وانتقد موقفي اليابان والولايات المتحدة من المنطقة، داعيا هذين البلدين إلى «تصحيح خطئهما والكف عن توجيه اتهامات غير مسؤولة ضد الصين». ويسعى الحزب الشيوعي للحصول على دعم شعبي عبر إثارة المشاعر المعادية لليابان بسبب ممارساتها في ثلاثينات القرن الماضي. وتثير مثل هذه القضايا حماسا قوميا في الصين، حيث دعا عدد من مستخدمي الإنترنت إلى الرد على واشنطن. وكتب أحد المعلقين على موقع «ويبو» الشبيه بـ«تويتر» في الصين أن «القاذفة الأميركية اخترقت منطقتنا للدفاع الجوي وأعتقد أن علينا الرد».