رحيل ناتاليا غوربانفسكايا.. المنشقة الشهيرة على النظام السوفياتي

جرى حجزها سنتين في مصح عقلي لعلاج توقها للحرية

ناتاليا غوربانفسكايا
TT

غيب الموت الشاعرة والمعارضة السابقة للنظام السوفياتي، ناتاليا غوربانفسكايا، في باريس الليلة قبل الماضية، عن 77 سنة، بينما نعتها أصوات وتجمعات ثقافية في موسكو.

اشتهرت الراحلة بأنها شاركت في حدثين مهمين من أعمال الانشقاق على سلطة الكرملين، في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، الأول هو المظاهرة التي قام بها مثقفون منشقون تجمعوا في الساحة الحمراء في موسكو، في صيف 1968، للتنديد بغزو قوات حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا، والثاني هو إطلاق مجلة «الوقائع الجارية»، التي كانت نشرة سرية تتابع وتفضح أخبار الملاحقات والاعتقالات التي يتعرض لها المعارضون.

وجرى اعتقال الشاعرة بعد مظاهرة الساحة الحمراء وحكم عليها بالحجر في مصح للأمراض النفسية في قازان، على بعد 800 كيلومتر إلى الشرق من موسكو. وطوال أكثر من سنتين خضعت لعلاج عصبي مخصص لمرضى انفصام الشخصية كانت له آثار جانبية جسيمة على صحتها العامة.

وروت الراحلة، في مقابلة معها نشرت في الصيف الماضي في موسكو، جانبا من تفاصيل تلك الفترة، وقالت إن «الفرق بين سجناء معسكرات الاعتقال ونزلاء المصحات النفسية هو أن لا فترة محددة لاحتجاز نزيل المستشفى العقلي، ويمكن لهم أن يبقوه حتى شفائه، من وجهة نظرهم، أي أنه لم يعد يشكل خطرا. لقد كانوا يحاولون، كل يوم، أن يتأكدوا من أنني صرت طبيعية، وعشت رهينة الخوف من أن أفقد عقلي».

خرجت غوربانفسكايا إلى الحرية بعد حملة تضامن واسعة معها في دول الغرب. وصرحت بعد إطلاق سراحها أن «من بين كل اختراعات السلطة السوفياتية يبقى العقاب النفسي هو الأرهب». وهي لم تعد نفسها بطلة بل مجرد إنسانة وجدت في نفسها، في لحظة من اللحظات، القدرة على التحرك تبعا لما يمليه الضمير.

انتقلت الشاعرة إلى الإقامة في باريس منذ عام 1975، حيث عملت في صحف موجهة للمنفيين الروس، ونشطت في جمعيات لمساعدة المهاجرين والباحثين عن الحرية الفكرية.