روحاني: وجدت أوباما متحدثا لبقا ومؤدبا للغاية

رفض فكرة تفكيك المنشآت النووية.. وواشنطن توسع إعفاءات العقوبات المفروضة

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدي استقباله أقارب بعض ضحايا الزلزال الذى وقع مؤخراً قرب محطة بوشهر النووية (أ. ف. ب)
TT

استبعد الرئيس الإيراني حسن روحاني بنسبة «مائة في المائة» تفكيك منشآت نووية في إيران، كما تطالب إسرائيل، أو أعضاء في الكونغرس الأميركي, لكنه أكد، في الوقت ذاته، أنه لا مكان للأسلحة النووية في البرامج الدفاعية الإيرانية، جاء ذلك في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.

وردا على سؤال «فاينانشيال تايمز» عما إذا كان تفكيك المنشآت النووية في بلاده خطا أحمر ينبغي أن لا تتجاوزه حكومته، أجاب الرئيس الإيراني: «مائة في المائة».

ولمح روحاني أيضا في هذه المقابلة إلى إمكان أن تشهد العلاقات بين طهران وواشنطن تحسنا في المرحلة المقبلة. وعد «المشكلات بين إيران والولايات المتحدة معقدة للغاية، ولا يمكن حلها في وقت قصير. على الرغم من التعقيدات، حصل انفتاح خلال الأيام المائة الأخيرة، ومن الممكن أن يتوسع».

وقال روحاني إن بلاده ستحتفظ ببرامج تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، مشيرا إلى أن المفاوضات النووية بين طهران والقوى الست الكبرى، التي توصلت إلى اتفاق مبدئي أخير في جنيف هي اختبار لإمكانية استعادة الثقة المفقودة بين بلاده والولايات المتحدة.

وأشار روحاني إلى المكالمة الهاتفية التي جرت بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما، على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة في الأمم المتحدة في نيويورك، قائلا: «لقد وجدت أوباما متحدثا لبقا ومؤدبا للغاية».

وتتناقض رؤية روحاني مع أعضاء في الكونغرس يرون أن الاتفاق النهائي يجب أن ينص على تفكيك المنشآت النووية الإيرانية. وتشكل الولايات المتحدة مع روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا مجموعة «5 + 1»، التي فاوضت إيران للتوصل إلى الاتفاق التاريخي معها في جنيف، الأحد الماضي، الذي وافقت طهران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف محدود في العقوبات المفروضة عليها.

ويفتح هذا الاتفاق المجال أمام التوصل إلى اتفاق «كامل» في غضون ستة أشهر.

وينص اتفاق جنيف خصوصا على وقف إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق الـ5 في المائة خلال ستة أشهر وتعليق أنشطة مفاعل المياه الثقيلة في أراك، الذي بإمكانه إنتاج البلوتونيوم المستخدم في تصنيع قنبلة نووية، فضلا عن منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق الدخول إلى منشآت حساسة.

وانتقدت إسرائيل الاتفاق، وأشارت إلى أن أي اتفاق مع طهران يجب أن يخلص إلى تفكيك القدرات النووية الإيرانية.

وتتهم الدول الغربية وإسرائيل إيران بالسعي إلى تصنيع أسلحة نووية تحت ستار برنامج نووي مدني، وهو ما تنفيه طهران باستمرار، مؤكدة على الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

وسيتعين على خبراء الوكالة الذرية خصوصا تفتيش المنشآت الحساسة لتخصيب اليورانيوم في نطنز وفردو، ومفاعل المياه الثقيلة في أراك على نحو يومي. إلا أن الوكالة الذرية ليس لديها مفتشون موجودون باستمرار في إيران، والزيارات تجري إجمالا من جانب فرق من مفتشين اثنين.

من جهة أخرى، وسعت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، الإعفاء من العقوبات المفروضة على إيران، الممتد لمدة ستة أشهر، ليشمل الصين والهند وكوريا الجنوبية وبلدانا أخرى، مقابل تقليص مشترياتهم من النفط الخام الإيراني.

ويلزم قانون العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي وزارة الخارجية الأميركية بتحديد ما إذا كان مستهلكو النفط الإيراني قلصوا مشترياتهم.

ويأتي القرار الخاص بالإعفاءات، على الرغم من موافقة الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى، في جنيف، هذا الشهر، على تخفيف بعض العقوبات على الأموال الإيرانية المجمدة، مقابل خطوات تتخذها طهران لتقليص برنامجها النووي.

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان: «سنستمر في تطبيق عقوباتنا بقوة في الأشهر الستة المقبلة، وسنعمل في الوقت ذاته على تحديد ما إذا كان هناك حل شامل يعطينا ثقة في أن البرنامج النووي الإيراني لأغراض سلمية محضة».

ونفى روحاني في المقابلة أن تكون هناك مفاوضات بعيدة عن الأنظار بين بلاده والولايات المتحدة حول الأزمة السورية، لكنه أشار إلى وجود مباحثات في هذا الشأن مع الأوروبيين، وإذا شاركت إيران في مؤتمر «جنيف 2» الخاص بسوريا فبالطبع ستتحدث مع كل المشاركين. كما نفى ردا على سؤال أن تكون هناك مفاوضات الآن مع السعودية حول سوريا، لكنه أبدى استعداد بلاده لمباحثات مع السعودية أو أي بلد آخر في هذه القضية. وحول مصير الأسد، قال إنه لا يستطيع التنبؤ بمستقبل سوريا، ولكن يجب تهيئة الأرضية ليتخذ الناس قرارهم، «فإذا لم يصوت الناس للأسد فلا بأس، فسنرحب بأي خيار للناس هناك».

وحول الوضع الاقتصادي في إيران، قال إن حكومته ورثت مشاكل اقتصادية عديدة حيث يوجد ركود وتضخم في الوقت نفسه، «لكننا متفائلون بالمستقبل، وهذه ليست وجهة نظري وحدي ولكنها وجهة نظر فريقي الاقتصادي الذي يرى أن بإمكاننا مواجهة هذه المشاكل في وقت قصير». وأشار إلى أن سبب التفاؤل هو النجاح في وضع حد لارتفاع التضخم بشكل نسبي في الشهور الأخيرة، حيث تراجع من نسبة 43 في المائة إلى 36 في المائة. وأضاف أنه «بالنسبة للنمو الذي كان بالسلب العام الماضي بنسبة 5.8 في المائة، نسعى إلى جعله في نسبة صفر في المائة، وفي الوقت ذاته فإن اتفاق جنيف النووي خلق مناخا إيجابيا في وسط الأعمال»، وقال إن هذه التقديرات لا تعتمد على رفع العقوبات المفروضة على إيران، لكنها إذا رفعت فستنعكس إيجابيا على الاقتصاد.

في الوقت ذاته، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن إيران ستقرر بمفردها مستوى تخصيب اليورانيوم الذي تحتاجه وفق ما نقلت وسائل الإعلام الإيرانية.

وصرح ظريف لوكالة «إيرنا» الرسمية بأن «إيران ستقرر مستوى التخصيب حسب حاجاتها في مختلف الميادين». وأضاف «فقط تفاصيل (التخصيب) قابلة للتفاوض في المرحلة النهائية من المفاوضات» مع الدول الكبرى في مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا).

وأفادت وسائل الإعلام بأن الوزير الإيراني أدلى بهذه التصريحات للصحافيين بعد مباحثات في مدينة قم، حيث التقى رجال دين ليشرح لهم تفاصيل الاتفاق المرحلي المبرم في جنيف في 24 نوفمبر ( تشرين الثاني) الماضي مع الدول الكبرى. ونقلت وكالة «فارس» عن الوزير الإيراني قوله «إننا نقول دائما إننا لن نسمح بان يحدد أي كان (الدول الأخرى) حاجات إيران» في مجال التخصيب.

وكان تخصيب اليورانيوم في صلب عملية شد الحبال بين إيران والدول الكبرى التي تتهم وإسرائيل إيران بالسعي إلى حيازة السلاح الذري، وهو ما تنفيه طهران.