ارتفاع حصيلة أعمال العنف في بانكوك إلى قتيلين و45 جريحا

زعيم المعارضة في تايلند يدعو لإضراب عام ويعلن «عطلة مفتوحة» للعاملين بالدولة

متظاهر تايلندي معارض يرد قنبلة غاز مسيل للدموع باتجاه قوات الشرطة حيث يحاصر المتظاهرون مقر الحكومة في بانكوك أمس (إ.ب.أ)
TT

هدد آلاف المتظاهرين المعارضين أمس بحصار مقر الحكومة في بانكوك على خلفية مخاوف من اشتداد أعمال العنف وإصابة 45 بعد وقوع أول صدامات بين المؤيدين والمناهضين للحكومة أسفرت عن سقوط قتيلين منذ أول من أمس. فبعد شهر من المظاهرات اتخذت الأحداث منحى أكثر عنفا مساء أول من أمس مع حصول أول أعمال عنف دامية في الشارع. واستخدمت الشرطة في تايلند الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه أمس لمنع متظاهرين من دخول مواقع حكومية، مما يثير مخاوف من أزمة سياسية مطولة في ثاني أكبر اقتصاد بجنوب شرقي آسيا. ونشرت السلطات أكثر من 21 ألف شرطي ونحو ألف جندي في العاصمة لمنع المتظاهرين الساعين للإطاحة بحكومة رئيسة الوزراء ينغلوك شيناوترا من خلال احتلال المقر الإداري للحكومة ومؤسسات أخرى. ودعا زعيم الاحتجاجات في تايلند سوثيب ثاوغسوبان إلى «عطلة» لجميع العاملين في الدولة بداية من اليوم وحتى انتهاء الأزمة السياسية في البلاد. وقال سوثيب في كلمة بثت مباشرة على الهواء على معظم القنوات التلفزيونية العامة في تايلند: «أعلن غدا بدء عطلة وطنية لكل العاملين بالدولة وتستمر حتى يعود الوضع لطبيعته». وتعهد سوثيب، الذي يقود المظاهرات المناهضة للحكومة في بانكوك منذ مطلع الشهر الماضي، بمواصلة الاحتجاجات حتى اجتثاث «نظام تاكسين» من السياسة التايلندية، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق الهارب تاكسين شيناوترا. وكان أمس حاسما بحسب المعارضة التي تبدو مصممة على إسقاط رئيسة الحكومة ينغلوك شيناوترا. ويجمع بين المتظاهرين الذين يشكلون خليطا متنوعا من البورجوازية المحافظة ومجموعات صغيرة من الموالين للملكية غضب شديد لشقيق رئيس الوزراء ينغلوك الملياردير تاكسين شيناوترا رئيس الحكومة السابق الذي أطيح به بانقلاب عسكري في 2006 والمتهم بأنه ما زال صاحب القرار الفعلي في سياسة المملكة رغم إقامته في المنفى.

وبعد احتلال وحصار وزارات وإدارات مدنية وعسكرية هذا الأسبوع حملت أعمال العنف التي وقعت أول من أمس الشرطة إلى طلب تعزيزات من الجيش الذي أرسل نحو ثلاثة آلاف عنصر. وتحمي قوات الأمن مداخل مقر الحكومة وراء صفين من الكتل الإسمنتية ولفائف الأسلاك الشائكة كما أفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية. وقد انتشرت آلاف من عناصر الشرطة والجيش لحماية وزارات أخرى، لا سيما الداخلية. وقال سوثيب ثاوغسوبان وهو وجه بارز في المعارضة «إن عمليتنا اليوم يجب أن تكون سلمية لا عنفية مع دخول مهذب إلى الأماكن». وأضاف أمام آلاف المتظاهرين المحتشدين أمام نصب الديمقراطية الذي يشكل نقطة تجمعهم منذ شهر: «مهما حصل علينا أن نحافظ على هدوئنا وعدم القتال أو استخدام أسلحة». ولوح أنصاره بحماسة بأعلام تايلند وأطلق الصفير إشارة إلى موافقتهم قبل أن يتلقوا مباركة راهب بوذي في المكان. ويعتزم المحتجون إغلاق مقر الحكومة ومقار وزارات الداخلية والشؤون الخارجية والتجارة والتعليم والمالية والعمل وأهداف أخرى، في مسعى لتعطيل العمل بحلول اليوم.

وتعهدت الحكومة بعدم استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، ولكن فقط أساليب التحكم في الحشود مثل الهراوات والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه. وقبل ذلك دعا قادة «القمصان الحمر» المؤيدون للحكومة والمتجمعون بعشرات الآلاف في أحد ملاعب بانكوك أنصارهم إلى التفرق خشية وقوع أعمال عنف. وقالت تيدا تافورنسيث وهي من قادة «القمصان الحمر» من على منصة الملعب، حيث أمضى المؤيدون للحكومة ليلتهم «بغية عدم تعقيد مهمة الحكومة بشكل أكبر قررنا ترك الناس يعودون إلى منازلهم». وتحدث قائد آخر من الحمر عن مقتل أربعة في صفوفهم. وهي معلومة تعذر التأكد من صحتها من مصدر مستقل. وقال جاتوبورن برومبان: «لا داعي لخسارة أرواح أخرى». ومساء أول من أمس اندلعت أعمال العنف الأولى قرب الملعب. فقد هاجم معارضون بالحجارة حافلة مليئة بـ«القمصان الحمر». وبعد ذلك أعلن عن مقتل شاب في الحادية والعشرين من عمره ليكون أول ضحية تسقط في هذه الأزمة، إثر إصابته بالرصاص في ظروف لا تزال غامضة، ثم أعلنت أجهزة الإنقاذ أمس عن قتيل ثان و45 جريحا.

وقد حاول نحو ألفي متظاهر بعد ظهر أول من أمس تجاوز الحواجز التي تحمي قصر الحكومة. وبعد أن وصل عدد المتظاهرين إلى ذروته ليتجاوز 150 ألفا الأحد الماضي، دعا قادة الحركة إلى جهد أخير لتحقيق «النصر» قبل عيد مولد الملك بوميبول في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، وهي احتفالات لا يمكن التفكير بالتظاهر خلالها في مجتمع تايلندي محافظ جدا ومتمسك بملكه. وفي عام 2010 احتل نحو 100 ألف من «القمصان الحمر» وسط بانكوك للمطالبة بسقوط الحكومة في تلك الآونة قبل هجوم للجيش. وتلك الأزمة التي خلفت نحو تسعين قتيلا و1900 جريح سلطت الضوء على الانقسامات العميقة في المجتمع بين جماهير الأرياف والمدن الفقيرة المؤيدة لتاكسين في شمال وشمال شرقي البلاد ونخب العاصمة التي تدور في فلك القصر الملكي وترى فيه خطرا على الملكية. وقد اندلع غضب المتظاهرين في البداية بسبب مشروع قانون عفو عدوا أنه أعد خصيصا للسماح بعودة تاكسين الذي اختار المنفى للهرب من حكم عليه بالسجن بتهمة اختلاس مالي، ولم يؤد رفض النص في مجلس الشيوخ إلى تهدئة المتظاهرين.

وفي بلد شهد 18 انقلابا عسكريا أو محاولة انقلابية منذ قيام النظام الملكي الدستوري في عام 1932 دعا الجيش من جهته المتظاهرين إلى عدم مطالبته بالتحيز إلى أي طرف.