دعوات تفويض السيسي لقيادة الدولة المصرية تغزو الدواوين الحكومية

مساع لتشكيل تكتلات «مدنية» لمؤازرة الجيش في الأسابيع المقبلة

TT

لأول مرة تظهر صور الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش المصري، داخل الدواوين الحكومية مطبوعا عليها باللون الأبيض على خلفية خضراء كلمة «تفويض»، في مؤشر قوي على تزايد الشعبية الطاغية التي أصبح يتمتع بها الرجل، ومطالبة قطاعات واسعة من المصريين بأن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر لها الصيف المقبل، رغم أن السيسي لم يحسم أمره بعد.

وتوجد حاليا مساع لتشكيل تكتلات سياسية «مدنية» خلال الأسابيع المقبلة، لمؤازرة الجيش والشرطة في تنفيذ خارطة الطريق وتأييد الدستور الجديد، ومكافحة الإرهاب ودعم «رئيس يستحق قيادة مصر»، دون تسمية السيسي صراحة حتى الآن، رغم أن حركات أخرى أعلنت مبكرا دعوتها للجنرال ذي الابتسامة الهادئة لرئاسة البلاد.

وقبل أيام من إحالة الدستور للاستفتاء عليه، وضع موظفون في عدة مصالح حكومية وشبه حكومية صورا للسيسي باعتباره زعيم مصر: «سواء ترشح للرئاسة أو لم يترشح»، كما يقول موظف يدعى «سعيد (50 عاما)» في شركة مصر للتأمين في وسط القاهرة.

وأيدت قطاعات من المصريين الدستور الجديد وما يتضمنه من صلاحيات للجيش في تحديد قائده لمدة ثماني سنوات مقبلة، وهو أمر يراه مواطنون عاديون حقا للقوات المسلحة لكي تستمر ضامنة للديمقراطية وعدم الانحراف بها «كما حدث أيام حكم الرئيس السابق محمد مرسي».

وفي آخر حديث له أمس، خلال مناورة بالذخيرة الحية بالجيش الثالث الميداني، في محافظة السويس شرق العاصمة، طالب السيسي الجميع بتحمل المسؤولية تجاه مصر وما تواجهه من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية. وقال: إن البلاد في هذه المرحلة تتطلب توحيد حالة من الفهم لدى جميع المصريين.

ويمثل السيسي أملا في «مستقبل آمن» لدى ملايين المصريين، لدرجة أن البعض يخشى عليه من الترشح في موقع الرئاسة في الظروف الاقتصادية والأمنية الراهنة خوفا عليه من اتهامه بالفشل، إذا لم يحقق طموحات الشعب خلال فترة وجيزة.

ويبدو من مناقشات رجل الشارع، وأحاديث موظفين حكوميين مثل «سعيد»، وجود رضا عام عن الدستور حتى قبل أن يكون هناك إدراك بتفاصيله. ويقول: «سعيد» وهو ينجز أعمال المواطنين من وراء عشرات الملفات: «طالما السيسي موجود، فكل شيء سيكون على ما يرام». وعما يعنيه وضع صور لقائد الجيش عليها كلمة «تفويض»، قال: «هذا يعني أننا نفوضه في أن يفعل ما يراه. هو صادق فيما يقول وهو رئيسي.. يترشح للرئاسة أو لا يترشح، لا فرق طالما هو موجود».

ووفقا لعدد من النشطاء، توجد حركات شعبية كثيرة تؤيد السيسي، هي من توفر صوره بالقبعة العسكرية وبكلمة «تفويض». وتسعى واحدة من هذه الحركات تطلق على نفسها «نريد السيسي رئيسا لمصر»، للحشد للتصويت بـ«نعم» على الدستور دعما لخارطة الطريق، ودعوة السيسي لكي يرأس الدولة في المرحلة المقبلة.

وأضاف الموظف «سعيد» وزملاء له بالقول عن صور قائد الجيش إن بعضها يكون «داخل إطار خشبي، وبعضها من دون إطار، ونحن نضع لها الإطار المناسب، على نفقتنا الخاصة». وكان هذا النوع من صور السيسي قد ظهر على واجهات محال تجارية ومداخل لعمارات سكنية وفي عدة شوارع رئيسة، ضمن هوس عام بقائد الجيش وصل إلى رسم صوره على الشوكولاته وقمصان الشبان والفتيات.

ويقول متحدث باسم الجيش ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إنه لا علاقة للمؤسسة العسكرية بمثل هذه الصور، ولا توجد حملة بهذا الخصوص، مشددا على أن القوات المسلحة لا تتدخل في السياسة. بينما شدد السيسي في كلمته أمس على أن الجيش «تحمل طوال الفترة الماضية الكثير من الأعباء وقدم التضحيات للحفاظ على تماسك الوطن واستقراره»، مطالبا الجميع بـ«الوقوف خلف القوات المسلحة في مواجهة الإرهاب وإعادة بناء الوطن واستقراره»، وقال: إن من يعتقد أنه يمكن أن يغلب المصريين ونحن موجودون، فهو مخطئ، وأن مصر لن تتقدم إلا بالعمل والصبر والنضال.