عباس يضغط على نتنياهو من خلال شعبه ويقود حملة تواصل مع الإسرائيليين

كيري إلى المنطقة نهاية الأسبوع لطمأنة تل أبيب إزاء «النووي» الإيراني

TT

أطلقت السلطة الفلسطينية حملة دبلوماسية مختلفة هذه المرة، في قلب إسرائيل نفسها، من خلال تنشيط لقاءات بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، في محاولة لخلق رأي عام إسرائيلي من شأنه الضغط أكثر على الحكومة الإسرائيلية باتجاه عملية السلام بين الطرفين. جاء ذلك بينما يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس خلال الأسبوع الحالي لبحث استئناف مفاوضات السلام ودفع إسرائيل لوقف وتجميد خططها لبناء المزيد من المستوطنات، وكذلك لتبديد مخاوف الدولة العبرية من الاتفاق النووي الذي أحرزته القوى العالمية مع إيران في جنيف، والذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه «خطأ تاريخي».

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يقود بنفسه توجها جديدا للتواصل مع الإسرائيليين، وإنه «أمر بعقد مثل هذه اللقاءات في رام الله والقدس».

وفي الشهور القليلة الماضية التقى عباس وفودا إسرائيلية في رام الله، وأرسل وفودا فلسطينية إلى الكنيست الإسرائيلي، وبحثوا معا سبل صنع السلام.

وبحسب المصادر، فقد «شكل الرئيس لجنة اتصال بالجمهور الإسرائيلي، وهذا التوجه الجديد يهدف إلى إقناع الشعب الإسرائيلي بأن السلام في مصلحته ويعني استقرارا وأمنا وعلاقات تطبيع مع باقي الدول العربية».

ويريد أبو مازن الوصول إلى اتفاق سلام خلال الشهور الستة الباقية، ويستخدم كل نفوذه في هذا المجال، لكنه أيضا بدأ يجهز لخياراته البديلة، ومن بينها الانضمام إلى المؤسسات الدولية.

وأول من أمس، التقى أبو مازن في مقره في رام الله، رئيس حزب العمل يتسحاق هرتسوغ، الذي فاز حديثا برئاسة الحزب، وتعهد بتقديم شبكة أمان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذا أراد صنع سلام حقيقي مع الفلسطينيين. وأبلغ أبو مازن، ضيفه، بالتزام الجانب الفلسطيني بخيار المفاوضات وفق المدة الزمنية المتفق عليها، «وذلك لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وفق مبدأ حل الدولتين».

وقال أبو مازن لهرتسوغ إن المفاوضين الإسرائيليين ما زالوا يرفضون التفاوض حول الخرائط (تحديد الحدود).

كما هدد بحسب مصادر إسرائيلية، بتفجير المفاوضات إذا ما دفعت الحكومة الإسرائيلية بخطط استيطان ضخمة أو أعادت إحياء الخطط المجمدة. وكان أبو مازن يشير إلى معلومات حول استمرار العمل في خطط لبناء نحو 24 ألف وحدة استيطانية في الضفة والقدس، على الرغم من إعلان نتنياهو تجميدها الشهر الماضي.

وأشاد هرتسوغ بوجود ما وصفه برغبة حقيقية لدى الرئيس الفلسطيني من أجل إنهاء الصراع وتحقيق السلام والأمن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال: «سأوصل هذه الرسالة لرئيس الوزراء (نتنياهو)، وأتمنى أن يكون لديه نفس الرغبة لتحقيق السلام، ونحن سنحاول الضغط على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ مواقف شجاعة لتحقيق السلام والأمن لأطفالنا».

ويلتقي الرئيس الفلسطيني اليوم 25 شخصية سياسية إسرائيلية، إضافة إلى لقائه الشهر المقبل نحو 200 طالب من الجامعات الإسرائيلية بينهم يمينيون متطرفون، قالوا إنهم سيأتون للمقاطعة من أجل إحراج الرئيس عباس وسؤاله عن يهودية الدولة ولماذا يعانق «القتلة». ونفت مصادر إسرائيلية مسؤولة، أمس، المعلومات حول استمرار عمليات التخطيط لبناء آلاف الشقق في الضفة الغربية، وقالت إنها «ليست صحيحة مطلقا». وأضافت المصادر: «إسرائيل أوضحت للولايات المتحدة أن تلك المعلومات بشأن استمرار عمليات التخطيط لبناء آلاف الشقق في الضفة الغربية ليست صحيحة، بما في ذلك أراضي (E1) الواقعة بين القدس ومستوطنة (معاليه أدوميم) (قرب رام الله)». وتابعت: «رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أوعز منذ الشهر الماضي بعدم تقديم عمليات التخطيط الأولية».

وأكدت المصادر أن الولايات المتحدة على علم أنه لن يكون هناك بناء استيطاني بمستويات عالية أثناء المفاوضات. ومن شأن هذا التعهد دفع المفاوضات إلى الأمام، في ظل التعثر الذي تعانيه.

ويفترض أن يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمنطقة نهاية الأسبوع الحالي لاستئناف مفاوضات السلام، ويلتقي نتنياهو في القدس لمناقشة المخاوف الإسرائيلية من البرنامج النووي الإيراني والاتفاق الذي أحرزته القوى العالمية مع إيران في جنيف.

وتعد هذه الزيارة التاسعة منذ تولي كيري مهام منصبه كوزير للخارجية الأميركية في فبراير (شباط) الماضي.

وأوضحت جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أن كيري سيبدأ رحلة خارجية من الثالث حتى السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تنطلق من بروكسل لحضور اجتماعات وزراء خارجية حلف شمال الأطلنطي اليوم (الثلاثاء)، كما يلتقي بكبار المسؤولين في مولدوفا لبحث قضايا التكامل الأوروبي.

وفي القدس يلتقي كيري مع نتنياهو، وقالت بساكي: «نحن مستمرون في المناقشات مع الإسرائيليين، وقد عبروا عن قلقهم من المسار الدبلوماسي مع إيران، وسنستمر في مناقشاتنا مع الإسرائيليين، ونحن حريصون جدا على أمن إسرائيل».