الحكومة المغربية تتجه نحو إقرار الحق في تقديم العرائض الشعبية

رئيس اللجنة المعنية: ستمكن من تجاوز معوقات الديمقراطية والاهتمام باحتياجات المواطنين

TT

سيكون بمقدور المغاربة وللمرة الأولى التوجه بعرائض شعبية إلى السلطات العمومية أو المنتخبة تتضمن بعض المطالب، أو تنتقد قرارات حكومية يرغبون في التراجع عنها، وذلك وفقا لما نص عليه الدستور الجديد. وستفعل هذه العرائض عن طريق قانون تنظيمي.

وفي هذا السياق، شرع أمس خبراء اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني في دراسة التجارب الدولية في هذا المجال، من أجل الاستفادة منها في بلورة القانون التنظيمي للعرائض الشعبية، وذلك في ندوة حول «الحق في تقديم العرائض على ضوء القانون المقارن» نظمت أمس بشراكة بين البنك الدولي والوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني التي تشرف على الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الذي أطلقته الحكومة في مارس (آذار) الماضي.

وقال إسماعيل العلوي، رئيس اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني، إن تمكين المغاربة من إصدار عرائض شعبية سيمكن من تجاوز المعوقات الكثيرة التي تسجل خلال ممارسة الديمقراطية التمثيلية عن طريق التصويت، مضيفا أن العديد من النقائص تشوب النظام الديمقراطي، من ضمنها أن بعض المنتخبين الذين «يتحملون مسؤولية الدفاع عن أوضاعنا وقضايانا لا يكونون في مستوى هذه المسؤولية، وبالتالي فإن الديمقراطية عن طريق العرائض الشعبية يمكن أن تدفع هؤلاء إلى تصحيح المسار والاهتمام باحتياجات المواطنين».

وقال جون بيير شوفور، الممثل المقيم للبنك الدولي بالرباط، إن الحق في رفع العرائض، الذي كرسه الفصل 15 من الدستور المغربي، يعد أحد أهم أركان المشاركة العمومية في الحياة العامة. وينص هذا الفصل على أن «للمواطنات والمواطنين الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية»، و«يحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق». وأوضح شوفور أن إقرار هذا الحق الدستوري يشكل مرحلة بالغة الأهمية وإن كانت «غير كافية»، مضيفا أن تنزيل الإصلاحات المتعلقة بالمشاركة يتطلب التزاما حازما من قبل الحكومة للتمكن من الاستجابة لتطلعات المواطنين وتحقيق تحول ملموس ودائم.

وقال مسؤول البنك الدولي إن «منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرف تحولا تاريخيا تطبعه إعادة تعريف العلاقات بين الحكومة والمواطن»، مضيفا أن هذا التحول يجري على أساس نفس مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة، حيث «بات المواطن، في هذه المرحلة، يطلع ويستشار بشكل أكبر ويشارك بفعالية في عملية اتخاذ القرارات التي تهم جودة حياته». وأضاف أن المشاركة العامة تلعب دورا محوريا في تعزيز طابع الشفافية في اتخاذ القرارات، وهو ما يحسن من التفاعل بين الحكومات والمواطنين، مبرزا أن المشاركة تسهل وتلقي الضوء على عملية اتخاذ القرارات وتسمح بقبول أفضل بالمشاريع من طرف المواطنين.

من جانبه، أعلن الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة تقترب من إصدار خلاصات الحوار بشأن المجتمع المدني، وبالتالي الرد على انتظارات الشعب المغربي والمجتمع المدني بـ«إجابة نوعية»، وفقا لما ينص عليه الدستور في مجال تفعيل أدوار المجتمع المدني.

وكانت اللجنة قد أعلنت إبان تشكيلها أنها من المقرر أن تنهي أشغالها في مارس المقبل. وأوضح الشوباني أن خلاصات الحوار جرت «وفقا لمنطق تشاوري واسع ومسارات متوازية، تجمع بين الانفتاح على المجتمع المدني والعمل المركزي والتجارب الدولية». وأعرب عن أمله في أن تتيح خلاصات اللجنة أرضية تقرب المغرب بشكل أكبر من تصور الخطوط العريضة لقانون المجتمع المدني «الذي سيكون مغربيا صرفا» مع استفادته من التجربة الدولية والخبرة الوطنية ومن التراكم الإيجابي في هذا المجال، وليكون أيضا ملائما للتطور الديمقراطي الذي يشهده المغرب.

ويسعى الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة إلى تخويل فعاليات المجتمع المدني حق الإسهام والمشاركة في تطوير التدبير السياسي على الصعيدين المحلي والوطني، وذلك عبر تقديم عرائض شعبية سواء إلى البرلمان أو المؤسسات المنتخبة، مثلما ينص على ذلك الدستور، والتقدم بمبادرات تشريعية، كما أن الحكومة ستكون ملزمة، في إطار تفعيل مبدأ الديمقراطية التشاركية، باستشارة هيئات المجتمع المدني قبل التقدم بمشاريع قوانين إلى البرلمان من أجل المصادقة عليها.