جدل قانوني في موريتانيا حول تأجيل موعد الشوط الثاني من الانتخابات

الجولة الأولى أسفرت عن برلمان تسيطر عليه «الموالاة».. ويمنح زعامة المعارضة للإسلاميين

موريتانيون وهم يفرزون أصوات الشوط الأول من الاقتراع (أ. ف. ب)
TT

يحتدم الجدل في موريتانيا حول قرار اتخذته اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بتأجيل الشوط الثاني من الانتخابات التشريعية والبلدية مدة أسبوعين، بعد أن كان من المقرر أن ينظم يوم السبت 7 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وهو القرار الذي انتقدته أحزاب من المعارضة تشارك في الانتخابات، وعدته خرقا للقانون الموريتاني الذي ينص على تنظيم الشوط الثاني بعد مرور أسبوعين فقط على الشوط الأول، الذي نظم في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبررت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تأجيل الشوط الثاني، على لسان مدير العمليات الانتخابية واللوجيستيك، بالتأخر الكبير الذي شهده إعلان نتائج الشوط الأول، وضرورة منح الأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات مهلة زمنية تصل إلى ثمانية أيام لتقديم طعونها إلى السلطات القضائية والدستورية المختصة، وفق ما ينص عليه القانون. وفي غضون ذلك، عقدت الحكومة الموريتانية اجتماعا يوم أمس لبحث قرار تأجيل الشوط الثاني والبت فيه، فيما تحدثت الصحافة الموريتانية عن فتوى قانونية أصدرها المجلس الدستوري، وهو أعلى هيئة دستورية في البلاد، تفيد بأنه لا يجوز تأجيل الحكومة للشوط الثاني أو دعوة الناخبين من جديد من دون إذن من البرلمان الموريتاني أو بعد فتوى من المجلس بشأن تنازع القوانين.

وفي انتظار حسم الجدل القانوني الدائر حول تأجيل الشوط الثاني من الانتخابات، واجه القرار انتقادات قوية من طرف حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهو الحزب المحسوب على التيار الإسلامي، الذي حقق المرتبة الثانية في الشوط الأول من الانتخابات، وعد الحزب الإسلامي «تأجيل الشوط الثاني غير قانوني وغير سياسي ويمثل انحيازا سافرا لطرف سياسي».

وأشار الحزب الإسلامي إلى أن «مسوغ الآجال القانونية الذي بررت به اللجنة دواعي التأجيل، ليس له أثر توقيفي في مسار الانتخابات كما هو معلوم»، مؤكدا أن تأجيل الشوط الثاني يعد بمثابة «إعطاء فرصة جديدة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم من أجل كسب رهان الاقتراع واستغلال وسائل الدولة وتوقيف المصالح العامة خدمة لأغراض حزب عاقبه الموريتانيون على نطاق واسع»، وفق بيان أصدره الحزب. وأعلنت اللجنة الانتخابية أن الاقتراع جرى في 47 دائرة برلمانية شارك فيها 64 حزبا سياسيا و13 ائتلافا سياسيا، وذلك في إطار 438 مرشحا يتنافسون على 147 مقعدا برلمانيا، أما على مستوى الانتخابات المحلية فقد جرت في 218 دائرة بلدية وشارك فيها 47 حزبا سياسيا، في إطار 1096 لائحة مرشحة تتنافس على 3726 مقعدا في المجالس المحلية، وخلصت اللجنة إلى أن نسبة المشاركة وصلت إلى 75.53 في المائة.

وفاز الحزب الحاكم باثنين وخمسين مقعدا برلمانيا من أصل 117 مقعدا حسمت في الشوط الأول، فيما ينافس على 30 مقعدا في الشوط الثاني، ويحتاج إلى الفوز بأكثر من 22 مقعدا في الشوط الثاني ليضمن وحده الأغلبية في البرلمان الموريتاني الذي يبلغ عدد مقاعده 147 مقعدا. واستطاعت الأحزاب الموالية للنظام الموريتاني أن تحقق مجتمعة 90 مقعدا في الشوط الأول، فيما حققت أحزاب المعارضة التي شاركت في الانتخابات 27 مقعدا، يتقدمها حزب تواصل الإسلامي بعد حصوله على 12 مقعدا برلمانيا، وقد تمكن بذلك من ضمان زعامة المعارضة الموريتانية، وهو منصب استحدث سنة 2008، ويحصل عليه أكثر أحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان.

غير أن حزب تواصل الإسلامي اتهم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتلاعب ببعض النتائج، خاصة فيما يتعلق بلوائح برلمانية يجري التصويت فيها على المستوى الوطني، وقال الحزب إن «اللجنة أعلنت عن نتائج اللوائح الوطنية بأرقام تخالف ما تحصل عليه الحزب»، وأضاف أنه «يمتلك مؤشرات على أن نتائج اللائحتين الوطنيتين المعلنة من طرف اللجنة جرى التحكم فيها ولم تؤسس على معطيات التصويت».

وفي غضون ذلك، أشارت هيئات في المجتمع المدني الموريتاني إلى تصحيح الأخطاء التي وقعت في الشوط الأول من الانتخابات، ومحاولة تجنب تكرارها في الشوط الثاني، وقال رئيس الشبكة الموريتانية لمراقبة الانتخابات (الرقيب)، محمد الأمين ولد الكتاب إن «الشوط الأول من الانتخابات تميز بالكثير من النواقص والأخطاء والخروق فاقت الحد الذي يمكن السكوت عليه أو التغاضي عنه»، وأشار إلى أن هذه الأخطاء تمثلت في «ضعف تكوين الطواقم المشرفة على العملية، والنقص الملحوظ في التجهيزات اللوجيستية للمكاتب، وغياب توحيد معايير الاقتراع داخل المكاتب».

ودعا رئيس الشبكة الموريتانية لمراقبة الانتخابات، وهي هيئة مستقلة، إلى «اتخاذ الإجراءات الضرورية لاستعداد أتم وأكثر منهجية وصرامة ومسؤولية من أجل تلافي ما حدث من أخطاء في الشوط الأول»، وأكد على ضرورة الالتزام بـ«القواعد والإجراءات المعتمدة دوليا وصولا إلى نتائج جديدة وذات مصداقية يقبل بها جميع الفرقاء».