حزب مغربي معارض يدعو إلى تقنين زراعة القنب الهندي واستعماله لأغراض صناعية

بن شماس: المبادرة تسعى إلى كسر «التابوهات» وليس لجلب الأصوات الانتخابية

TT

يعتزم الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض التقدم بمقترح قانون بشأن تقنين واستغلال زراعة نبتة «الكيف» المخدرة (القنب الهندي). جاء الكشف عن ذلك خلال يوم دراسي نظم أمس في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، تحت عنوان «دور الاستعمالات الإيجابية لنبتة (الكيف) في خلق اقتصاد بديل».

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يفتح فيه حزب سياسي النقاش حول هذا الموضوع داخل البرلمان. وهو ما أثار جدلا وانتقادات من قبل نواب من حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي. وقال عبد الله بوانو رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، إن فتح النقاش حول تقنين زراعة «الكيف» من قبل «الأصالة والمعاصرة» يهدف إلى جلب أصوات الناخبين في المناطق التي يزرع فيها، «لأنه تزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية».

ويشير تقرير للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابعة للأمم المتحدة لسنة 2011 إلى أن المغرب لا يزال المنتج الأكبر للقنب الهندي في العالم على الرغم من تقليص منطقة زراعته بنسبة ستة في المائة في السنوات الأخيرة. وتشير إحصاءات حكومية إلى أن مساحة الزراعات غير المشروعة من القنب الهندي بلغت 47 ألفا و400 هكتار سنة 2010. وتنتشر زراعة «الكيف» أو «الحشيش» كما يطلق عليه في المغرب، في شمال البلاد، خصوصا منطقة «كتامة» الواقعة بجبال الريف.

واستعان فريق حزب الأصالة والمعاصرة أمس بخبيرين سويسريين قدما عرضين حول الاستعمالات المختلفة للنبتة في بلديهما، وهو اختيار لم يكن موفقا بنظر البعض لأن سويسرا دولة غير منتجة للقنب الهندي ووضعها مختلف كليا عن المغرب.

وبالنظر لحساسية الموضوع، قالت ميلودة حازب، رئيسة الفريق النيابي للحزب، إن الفريق كان يدرك المخاطر الأمنية والاجتماعية المحيطة بالموضوع، بيد أنه كان واعيا أيضا بأن إخراج هذا الموضوع من خانة التابوهات لإتاحة وفتح نقاش بشأنه قد يلقي الضوء على الاستعمالات الإيجابية لنبتة «الكيف» ودورها في خلق اقتصاد بديل.

وتوخيا لمزيد من الحرص، أضافت حازب أنه «يجب ألا يفهم من إثارتنا الموضوع أننا نسعى إلى جعله مطية لاستمرار إنتاج هذه النبتة للأغراض السلبية نفسها التي يعرفها الجميع، أي استخدامه مخدرا، بل من أجل التفكير بشكل جماعي وبصوت عال، في بلورة اقتراحات وإصدار توصيات بخصوص البحث عن اقتصاد بديل لنبتة القنب الهندي، من خلال الاستماع والاطلاع على التجارب الدولية في هذا المجال، التي ثمنت هذا المنتج وعملت على تقنينه وتحويل وظائفه لتصبح مساهمة في الدورة الاقتصادية عبر استخدام هذا المنتج في أغراض صناعية وصيدلية وطبية».

وأشارت حازب إلى أن ما يقارب مليون مغربي يعيشون من عائدات هذه النبتة، وأن «التعامل مع الموضوع يقتصر فقط على المقاربة الأمنية؛ على أهميتها»، إلا أنه ينبغي «ألا نحصر النظر إلى القنب الهندي من حيث أنه مادة مخدرة فقط؛ وإنما النظر إليه من زاوية أنه ثروة وطنية».

وفي السياق ذاته، انتقد حكيم بن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) بشكل ضمني الانتقادات التي وجهت إلى مبادرة الحزب من قبل نواب حزب العدالة والتنمية، وقال إنه يستغرب ويستهجن «القراءات المتسرعة وأحكام القيمة التي صدرت والتي تتهم وتنظر لأي مبادرة تهدف إلى تكسير التابوهات على أنها سباق للفوز بمواقع انتخابية». وأضاف بن شماس أن الهدف من فتح النقاش حول هذا الموضوع هو نقل قضايا المجتمع إلى فضائها الطبيعي وهو البرلمان، وإزاحة ما يلف الموضوع من أوهام، وتقديم بعض الأجوبة المقنعة المرتبطة بهذه النبتة «العجيبة»، وتجاوز النفاق المجتمعي حوله.

وأشار بن شماس إلى أن موضوع زراعة القنب الهندي له أبعاد أمنية واجتماعية واقتصادية مرتبطة بسمعة البلد في الخارج. وأضاف أن فريقه البرلماني يعتزم التقدم بمقترح قانون لتقنين زراعة «الكيف» ينص على تحديد المساحات المزروعة في المناطق التي ثبتت فيها صعوبة تعويضها بزراعات بديلة، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسة عمومية تشرف على زراعة وتسويق هذا المنتج، وذلك من أجل رفع الظلم على 40 ألفا من المزارعين المعرضين للملاحقة الأمنية. من جهته، قال محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين الأمين العام السابق للحزب، إن معاجلة الملف تتطلب إشراك جميع المتدخلين؛ بدءا من الفلاحين الصغار الذين يشكل «الكيف» قوتهم اليومي، إلى جانب الدولة بصفتها المسؤولة الأولى على تدبير الملف، ثم دول الاستهلاك في أوروبا التي يتعين إقناعها بجدية التصنيع المتحكم فيه للقنب الهندي، مشيرا إلى أن خطورة المخدرات هي أنها أصبحت مصدرا لتمويل الإرهاب والجريمة العابرة للقارات. وأقر بيد الله أن «الطريق طويل وعسير ومرير ومكلف».

وبالإضافة إلى المطالبة بتشجيع استعمال «الكيف» في الأغراض الصناعية والطبية، فقد جرى خلال اللقاء اقتراح إجازة الاستعمال الشخصي لـ«الكيف» بوصفه مخدرا أسوة ببعض الدول، لأنه على الرغم من أضراره، فإنها تظل أقل من المخدرات القوية مثل الكوكايين.