«أحرار القلمون» و«جبهة النصرة» تشترطان فك الحصار والإفراج عن ألف معتقلة مقابل تحرير راهبات معلولا

بطريرك الأرثوذكس يطالب أصحاب القرار بضغوط بدل الاستنكار لإطلاق سراحهن

TT

أكدت كتائب «أحرار القلمون» أن راهبات معلولا المختطفات هن في «مكان آمن ولكن لن يطلَق سراحهن إلا بعد تنفيذ عدة مطالب، أهمها إطلاق سراح ألف معتقلة سورية في سجون النظام السوري».

وقال مهند أبو الفداء، وهو من المكتب الإعلامي لكتائب «أحرار القلمون» من يبرود، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن مطالبهم «نقلت إلى النظام السوري من خلال الفاتيكان، بعد تأمين اتصال بين رئيسة دير مارتقلا بمعلولا الأم بيلاجيا سياف وبين الفاتيكان عبر هاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية». وأوضح أن «هذه المطالب مشتركة من قبل جبهة النصرة وكتيبته «أحرار القلمون».

وأوضح أبو الفداء أن «الفاتيكان طلب من كتيبته إخراج الراهبات من معلولا إلى منزل شخص مسيحي في يبرود، ولكن طلبه رفض حتى تنفذ الشروط التي أبلغت للنظام». وقال: «طلب الراهبات من أبو محمد، وهو القائد العسكري المسؤول، ومن قائد عسكري يتولى تأمينهم هو أبو عزام، التحدث إلى الفاتيكان، ونقلنا من خلالهما للفاتيكان مطالبنا بإطلاق النظام سراح ألف معتقلة سورية».

وأشار أبو الفداء في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الفاتيكان بالمقابل نقل الراهبات من معلولا خوفا من تعرضها لقصف نظامي، ولكن الراهبات لم ينقلن إلى يبرود، وهن الآن في ملجأ آمن بالتنسيق بين كتيبته (أحرار القلمون) وجبهة النصرة».

وتضم قوات المعارضة المسلحة في معلولا فصائل مقاتلة عدة، أبرزها كتائب «أحرار القلمون» و«جبهة النصرة».

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة النصرة» أصرت على مطلب آخر هو فك الحصار عن مناطق يحاصرها النظام لإدخال معونات غذائية إليها كالغوطة بريف دمشق، على أن يصدر بيان في وقت قريب للإعلان عن المفاوضات مع النظام السوري، والتي جرى من أجلها تكليف محامٍ سوري بمتابعة الملف مع الفاتيكان.

ويقول الصحافي السوري محمد الزهوري، الموجود في معلولا، برفقة كتائب المعارضة، إنه شاهد الراهبات وخادمهم إلياس، «وهم ليسوا اثنتي عشرة كما يقول الفاتيكان». ويشير في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهن «يمارسن حياتهمن بشكل طبيعي ويقِمن صلاتهن ولكن حركتهن محدودة»، ملاحظا أن «الراهبات لا يتكلمن أبدا ومن تتحدث عنهن هي رئيستهن الأم بيلاجيا وخادمهن إلياس فقط».

ويحذر الزهوري، وهو مراسل ميداني عرف بتغطية المعارك في القصير والقلمون، من أن «النظام السوري يحاول قتل الراهبات لإلصاق التهمة بالمعارضة المسلحة»، مؤكدا أنهن «نجون قبل أيام من موت محقق بعد قصف النظام صاروخ أرض - أرض وإطلاق عدة قذائف هاون على الدير، وقد اشتعلت النيران بالمصلى».

ويقول الزهوري إن «المقاتلين سألوا الراهبات عن سبب وجود قناصي النظام في الأبنية المحيطة بدير مار تقلا»، لافتا إلى وجود حالة من الاستياء لدى المقاتلين تجاه الراهبات بسبب تصريحاتهن عبر وسائل الإعلام ووصفهم «بالإرهابيين»، وذلك بعد سيطرة المعارضة على معلولا قبل ثلاثة شهور ومن ثم انسحابهم منها.

ويقول أبو الفداء لـ«الشرق الأوسط»: «نحن منزعجون منهن لأنهن لم يلتزمن بعهدهن بعدم الإساءة إلينا، وعاملناهن بالفعل بمنتهى الاحترام في المرة الماضية». ونقل عن رئيسة الدير الأم بيلاجيا ردها بالقول: «يا بني كنا موالين للنظام، ولكن بعد قصفه الدير عرفنا خطأنا، ولسنا ضد حريتكم، ونحن أبناء البلد وعلينا إعماره معا».

وتضاربت الأنباء حول نقل الراهبات إلى مكان آمن في يبرود، لكن الزهوري يؤكد أنهن «خارج معلولا وخارج يبرود أيضا». وتشير مصادر ميدانية إلى أن «الراهبات نقلن بالفعل إلى قرية قرب يبرود، تبعد سبعة كيلومترات، ولكنّ مقاتلي المعارضة يخشون كشف الموقع لئلا يتعرض لهجوم، انطلاقا من قناعتهم بأن النظام يريد قتل الراهبات لإلصاق التهمة بالمعارضة، ويدللون على ذلك بما جاء في الاتصال الهاتفي مع الفاتيكان، إذ ذكروا أن ممثل الفاتيكان قال للراهبات إنه يخشى قتلهن من قبل النظام».

وفي حين لا يمكن الجزم بصحة أي من هذه الروايات، ناشد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي من بيروت أمس «المجتمع الدولي وكل الحكومات للتدخل وبذل الجهود لإطلاق الراهبات المختطفات والبنات اليتامى».

وقال يازجي، في مؤتمر صحافي من دير سيدة البلمند أمس: «لا نريد من أصحاب القرار إقليميا أو دوليا أصوات استنكار، بل نريد جهودا وضغوطا تفضي إلى إطلاق من كان ذنبهن الوحيد التشبث بأرضهن وديرهن»، مكررا «النداء إلى المجتمع الدولي لوقف منطق الصراع في سوريا واستبدال منطق الحوار به وعدم استخدام التسويف في الحوار لكسب مغانم على الأرض لأن سوريا تنزف».

ويسيطر مقاتلو «جبهة النصرة» وكتيبة «أحرار معلولا» التابعة لـ«أحرار القلمون» على ثلاثة أرباع معلولا. ويقال إن أفراد كتيبة معلولا هم جميعهم من أبناء المدينة وينتمون إلى القسم السني منها، علما بأن معلولا تعد موقعا مقدسا للمسيحيين في العالم.