باريس تستضيف القمة الفرنسية ـ الأفريقية اليوم وغدا

ملك المغرب ورؤساء مصر والسودان والجزائر يغيبون عن اللقاء الذي تتصدره قضايا الأمن

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى لقائه عددا من القادة الأفارقة ورئيس حكومة ليبيا علي زيدان (يمين هولاند) في باريس أمس (أ.ب)
TT

تستضيف باريس اليوم وغدا «قمة الإليزيه للسلام والأمن في أفريقيا» بحضور 27 رئيس دولة، و12 رئيس حكومة، و14 وزير خارجية، فيما يغيب عنها غالبية رؤساء الدول العربية الأفريقية لأسباب مختلفة.. فالرئيس السوداني عمر حسن البشير لم يدع إليها بسبب ملاحقته أمام المحكمة الجنائية الدولية، والرئيس المصري المؤقت عدلي منصور لن يكون موجودا بسبب تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي. ويمثل السودان وزير خارجيته علي الكرتي، بينما يمثل مصر حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية. ولن يحضر ملك المغرب محمد السادس، ولا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اللذان سيمثلهما رئيسا حكومتيهما عبد الإله بن كيران، وعبد الله السلال الذي التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه بعد ظهر أمس. أما ليبيا، فستمثل برئيس وزرائها علي زيدان.

وتحظى قمة الإليزيه، التي دعي إليها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، ورئيسا المجلس والمفوضية الأوروبيين، هيرمان فان رومبوي وجوزيه مانويل باروسو، وممثلون عن الاتحاد الأفريقي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، برعاية فرنسية استثنائية وبتغطية إعلامية واسعة؛ إذ اعتمد لدى منظميها ما لا يقل عن 600 صحافي. وأمس، عقدت اجتماعات تمهيدية على مستوى وزراء الخارجية برئاسة لوران فابيوس انتهت ببيان جماعي يشدد عل أهمية المواضيع المناقشة التي تجمع الاهتمامات السياسية والأمنية والجوانب الاقتصادية.

وحول ما يخص النقطة الأخيرة، فقد التأم منتدى اقتصادي فرنسي - أفريقي واسع ضم نحو 500 مشارك من رؤساء الشركات ورجال الأعمال فضلا عن الرسميين من الوزراء، وألقى الرئيس فرنسوا هولاند كلمة في ختامه شدد فيها على أهمية أفريقيا وعلى الحاجة لتقوية العلاقات الاقتصادية الفرنسية - الأفريقية في الاتجاهين.

وتأتي القمة الفرنسية - الأفريقية وسط تزاحم دولي على القارة السمراء وتخمة في القمم.. فمن القمة العربية - الأفريقية التي استضافتها الكويت أخيرا، إلى القمة الأفريقية - الأميركية التي ستلتئم بمبادرة من الرئيس أوباما في واشنطن، وهي الأولى من نوعها، أوائل العام المقبل، إلى القمم الصينية، اليابانية، الأوروبية، الأميركية الجنوبية - الأفريقية، تنصب الأنظار على أفريقيا وعلى معدلات نموها وعلى فرصها الاستثمارية.

بيد أن أفريقيا هي أيضا قارة المشكلات.. ويستحوذ الوضع في جمهورية أفريقيا الوسطى الاهتمام الدولي حاليا. وصدر أمس قرار من مجلس الأمن يجيز للقوات الفرنسية التدخل لإعادة الأمن إلى هذا البلد الذي يعاني من تزايد أعمال العنف والقتل وغياب الدولة، كما يحول القوة الأفريقية الموجودة فيها إلى قوة من «القبعات الزرقاء» التابعة مباشرة لمجلس الأمن.

وعرضت أمس مصادر الرئاسة الفرنسية محاور القمة ورغبة فرنسا في أن تتحمل القارة الأفريقية مسؤولية أمنها بنفسها. غير أن واقع الحال يدل على العكس تماما؛ إذ إن فرنسا تدخلت في مالي بداية العام الماضي، وفي ساحل العاج في عام 2011، وحاليا في أفريقيا الوسطى، ناهيك بتدخلها العسكري في ليبيا لإزاحة العقيد معمر القذافي.

وستدور مناقشات اليومين على ثلاثة محاور هي السلام والأمن، والشراكة الاقتصادية والتنمية، وأخيرا التغيرات المناخية. وتندرج في المحور الأول مسائل رئيسة مثل الإرهاب، وتهريب السلاح، والقرصنة البحرية، والإجرام المنظم، وتهريب المخدرات. وجاءت العمليات التي قامت بها «القاعدة» وأخواتها إنْ في الجزائر أو في مالي أو النيجر أو نيجيريا، لتعيد إلى الواجهة المخاطر التي تتهدد عددا كبيرا من بلدان أفريقيا. وتبدي باريس استعدادا للتعاون ومساندة أفريقيا؛ بيد أنها تريد «إطارا واضحا وقاعدة قانونية لذلك» مع تشديدها على الحاجة لتتحمل البلدان الأفريقية مسؤولية أمنها بالدرجة الأولى.

وتدفع باريس في اتجاه الإسراع بإنشاء قوة التدخل السريع الأفريقية، وتوثيق التعاون الأمني والدفاعي بين الدول الأفريقية نفسها.

ولفرنسا، البلد المستعمر السابق، مصالح حيوية في أفريقيا، حيث ترابط في العديد من بلدانها قوات فرنسية. غير أن باريس ترفض اليوم أن تقوم بدور «شرطي أفريقيا»، وهو الدور الذي لعبته في الفترات التي تلت نهاية الاستعمار. وخلال 50 سنة، تدخلت القوات الفرنسية بشكل أو بآخر نحو 40 مرة في العواصم والأقاليم الأفريقية.

أما بخصوص المحور الثاني، فإن باريس تريد توسيع وتعميق الشراكة مع أفريقيا بعد احتدام المنافسات الآتية من الصين والهند والبرازيل وتركيا، إلى درجة أن مواقع فرنسا التجارية والاقتصادية في بلدان أفريقيا الفرنكوفونية نفسها قد تراجعت. وترى فرنسا، التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة في أفريقيا، فرصا لاقتصادها، خصوصا أن معدلات النمو في أفريقيا تصل إلى خمسة في المائة، بينما هي في فرنسا نفسها أقل من واحد في المائة.

وتتطلع باريس إلى أن تنعقد القمة المقبلة على الأراضي الأفريقية نفسها بعد ثلاث سنوات، مما يبرز طابع الشراكة المتوازنة بين الجانبين.