مسؤول في البرلمان الليبي لـ «الشرق الأوسط» : تصعب إطاحة زيدان

استهداف شخصيات سياسية وأمنية في درنة.. ومقتل أميركي وضباط جيش ببنغازي

ليبيون يتجمعون حول حطام سيارة تخص أحد ضباط الاستخبارات عقب انفجار قنبلة فيها في مدينة بنغازي أمس (رويترز)
TT

تجاهل علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، معلومات يتداولها عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) حول إقالته وتعيين رئيس جديد للحكومة، وتوجه أمس إلى العاصمة الفرنسية باريس، للمشاركة في مؤتمر قمة الإليزيه من أجل السلام والأمن في أفريقيا الذي يبدأ اليوم (الجمعة) أولى جلساته. وقال مكتب زيدان في بيان له أمس إن «مشاركة زيدان في المؤتمر، تأتي نظرا لما وصفه بالأهمية الاستراتيجية لليبيا ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا».

وكشف مسؤول رفيع المستوى في المؤتمر الوطني، الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية وسياسية في ليبيا، النقاب عن تصاعد حدة الانتقادات مؤخرا ضد زيدان، لكنه أكد في المقابل صعوبة التوافق على مرشح بديل.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نجح زيدان في إنهاء فكرة وجود حكومة محاصصة، وتخلص من تأثير الأحزاب والتكتلات السياسية على أعضائها الممثلين لها داخل المؤتمر الوطني، بحيث يصعب الإطاحة به»، لافتا إلى أن عدة محاولات جرت لإقالة زيدان مؤخرا، لكنها اصطدمت بحاجز الـ«120» صوتا المطلوبة داخل المؤتمر كنصاب قانوني يسمح للمؤتمر بالإطاحة به.

وتابع: «أصبح الأعضاء يمثلون مناطقهم وليس الأحزاب التي ترشحوا للمؤتمر عنها.. لقد نجح زيدان في التواصل مع الكل واستفاد من التوازنات السياسية، ولعب على الخلافات الراهنة بين خصومه داخل الأحزاب التي فقدت بالضرورة سيطرتها إلى حد ما عليهم».

وقال المسؤول الرفيع إن «زيدان مسيطر على الحكومة بشكل ما، ويغير في الوزراء دون اعتراض من أحد، وتغيرت الحكومة من فكرة المحاصصة وأصبحت الآن متجانسة، بعدما كانت مفككة في بداية تشكيلها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». ومضى المسؤول إلى القول: «الآن زيدان؛ وليس الأحزاب، هو من يدير الحكومة.. نعم نشعر بأن هناك ضرورة لتواجد حكومة جديدة، لكن ليس هناك أي توافق على من سيأتي بعده».

ولخص المسؤول أزمة حكومة زيدان بقوله إن «المشكلة حاليا هي في البحث عن بديل لزيدان»، نافيا أن يكون مطروحا ترشيح الدكتور محمود جبريل رئيس التحالف الوطني الليبرالي التوجه لخلافة زيدان في منصبه. وأضاف: «حتى هذه اللحظة الدكتور جبريل ليس مطروحا، لأنه محل جدل وخصومة سياسية، رغم أن بعض الأصوات في الرأي العام المحلي تعتبره أفضل المرشحين لشغل المنصب في حال إقالة زيدان.

من جهتها، اعتبر عبد المجيد مليقطة، رئيس اللجنة التسييرية العليا لتحالف القوى الوطنية، أن زيدان أصبح شخصا تشوبه الشوائب والغموض بسبب انفراده بالقرار واعتماده الكلي على القوى الخارجية في تسيير أمور البلاد دون التشاور مع شركائه بالداخل.

ونقلت وكالة أنباء التضامن الليبية عنه قوله «أصبح من الضروري مغادرة زيدان للسلطة وجلوس كافة القوى الوطنية للتوافق على وضع خارطة طريق، لاختيار شخص مناسب يقود الحكومة وينقذ البلاد». وانتقد ما وصفه بعدم جدية زيدان في الحفاظ على السيادة الليبية بعد تسجيله ملاحظات عليه، كعدم رغبته في بناء الجيش والشرطة، رغم الفرص التي أتيحت له، وإصراره على تكوين جهاز حرس وطني أشبه ما يكون عمله بجهاز الحرس الشعبي سابقا، مشيرا إلى أن زيدان يدفع بالبلاد نحو الفيدرالية بعد مماطلته المقصودة في حل أزمة النفط التي تمر بها البلاد.

إلى ذلك، وقعت سلسلة من التفجيرات لسيارات مفخخة استهدفت شخصيات سياسية وأمنية بمدينة درنة مساء أول من أمس، حيث قالت وكالة الأنباء الرسمية إن مجهولين قاموا بتفجير سيارة أحد الناشطين ومنسقي ساحة الاعتصام ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة بميدان الصحابة في المدينة، مشيرة إلى أن دوي الانفجار سمع في كافة نواحي المدينة دون تسجيل أي إصابات بشرية.

كما استهدف مجهولون سيارة منسق حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عبد الباسط البرعصي، بالتزامن مع تفجير سيارة ضابط الدفاع الجوي بقاعدة مرتوبه الجوية، مما أحدث انفجارا عنيفا بالمنطقة.

وقتل مسلحون مجهولون أمس أميركيا يعمل في المدرسة الدولية ببنغازي. حيث أعلن المقدم إبراهيم الشرع، المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية، أن «المواطن الأميركي كان يمارس الرياضة الصباحية في منطقة الفويهات، وسط المدينة بالقرب من مقر القنصلية الأميركية الذي تعرض لهجوم مسلح في وقت سابق». وقالت مصادر ليبية إن «روني سميث - الأميركي الجنسية - الذي كان يدرس مادة الكيمياء في إحدى المدارس الدولية، قتل رميا بالرصاص بينما كان يتريض في منطقة الفويحات». وقتل ضابطا صف في الجيش الليبي في بنغازي أيضا على أيدي مجهولين في هجوم منفصل، وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مجهولين أطلقوا وابلا من الرصاص على الجندي في القوات الخاصة أحمد حمدي في منطقة حي السلام بالقرب من جزيرة دوران سوق السيارات وأردوه قتيلا». وأضاف أن «مجهولين آخرين قتلوا بالرصاص أحد أفراد الثانوية الفنية العسكرية في منطقة السلماني بالقرب من جزيرة دوران الجرة وسط بنغازي». وقالت مسؤولة في مستشفى الجلاء إن «المستشفى تلقى جثماني مواطنين أصيبا بأعيرة نارية في منطقة الرأس، بينما أصيب مواطن ثالث بجروح خطيرة بعد استهداف السيارة التي كان يقودها بعبوة لاصقه أدت إلى بتر إحدى قدميه».

وشهدت بنغازي الشهر الماضي مواجهات دامية أدت إلى سقوط سبعة قتلى وقرابة خمسين جريحا بين جماعة أنصار الشريعة والقوات الخاصة في الجيش الليبي، تبعها عدة هجمات من قبل مجهولين على الجيش والشرطة.

في غضون ذلك، صادق رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية، نوري العبار، أمس على القوائم المبدئية للمرشحين لانتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور لعدد 17 لجنة انتخابية في ليبيا، وهي لجان سبها وطبرق واجدابيا ومصراتة والكفرة وأوباري وطرابلس وبنغازي والجبل1 والجبل2 والعزيزية والخمس وسرت والزواية ودرنة والبيضاء وغدامس، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور هي الهيئة المخولة بصياغة الدستور الدائم للبلاد، وتتكون من ستين عضوا ينتخبون وفقا للقانون الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وتوزع مقاعدها على ثلاث مناطق انتخابية لكل منطقة عشرون مقعدا، وذلك على غرار لجنة الستين التي شكلت عام 1951.

ويأتي ذلك عقب يوم واحد من إعلان المؤتمر الوطني أن «الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع الوحيد في ليبيا».. وأن كل ما يخالف أحكامها يعد باطلا؛ مشددا على ضرورة إلزام كل مؤسسات الدولة بذلك.

لكن عمر حميدان، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، قال أول من أمس إن «هذا النص لا يمثل قرارا.. وإنما بيانا ليس ملزما»، مؤكدا أنه لا يعني تطبيقا للشريعة على الفور. كما أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا البيان صدر لمخاطبة المتطرفين ومحاولة لتهدئة الأوضاع والجماعات الإسلامية، خاصة الموجودة في مدينة درنة والتي تكفر المجتمع».

من جانبها، عقبت الخارجية الأميركية على الحادث في بيان مقتضب لها أمس قائلة «نؤكد مقتل مواطن أميركي بالرصاص في بنغازي. نقدم تعازينا، ونحن على تواصل مع أسرته، ونقدم لهم الخدمات القنصلية المناسبة».

وحول تفاصيل الحادث، قال البيان «ليس لدينا أي مزيد من التعليق حاليا.. وفي حال وجود أي أسئلة برجاء التوجه بها إلى السلطات الليبية».