الاستخبارات الأميركية تتعقب خمسة مليارات هاتف جوال يوميا

وثائق سنودن: وكالة الأمن تخزن ضعف ما تحويه أكبر مكتبة في العالم

رجل ينظر إلى هاتف أثناء سيره في شارع بمدريد. وأفادت وثائق بأن الاستخبارات الأميركية تتعقب مواقع نحو خمسة مليارات هاتف جوال حول العالم يومياً (ا.ب)
TT

أفادت وثائق سربها المتعاقد السابق مع الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن بأن وكالة الأمن القومي الأميركية تجمع نحو خمسة مليارات من بيانات تحديد مواقع الهواتف الجوالة عالميا، يوميا، بما في ذلك مواقع هواتف بعض الأميركيين. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» التي أوردت الخبر أن وكالة الأمن القومي اعترضت معطيات تحديد المواقع الجغرافية الموجودة على ملايين الهواتف الجوالة في العالم، وهي تخزن معلومات عن «ما لا يقل عن مئات ملايين الأجهزة» وتسجل «قرابة خمسة مليارات» من بيانات تحديد المواقع يوميا. ونقلت عن مسؤول كبير لجمع المعلومات قوله: «إننا نحصل على كميات كبيرة» من بيانات تحديد المواقع الجغرافية من سائر أنحاء العالم.

وبعد ستة أشهر من أول تسريبات لسنودن اللاجئ حاليا في روسيا، بات اتساع نفوذ الوكالة الأميركية المكلفة رصد الاتصالات أشبه بمهمة لا حدود لها، ولم ينشر سوى واحد في المائة فقط من الوثائق السرية التي كشفها سنودن بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وعدا التجسس على الكثير من المسؤولين الأجانب لم تشِر الوثائق التي كشفها سنودن حتى الآن إلى جمع كميات هائلة من المعطيات الهاتفية تتضمن خاصة مدة المكالمات والأرقام المتصل بها. لكن «واشنطن بوست» كشفت أن الوكالة تمكنت أيضا من رصد الهواتف الجوالة من خلال الاتصال بأسلاك متصلة بشبكات الهواتف الجوالة في العالم، بما في ذلك الأميركيون، ومن هذا المنطلق تجمع «بشكل عرضي» بيانات عن تحديد مواقع المواطنين الأميركيين. وتتعاون شركتان على الأقل لم يذكر اسماهما مع وكالة الاستخبارات لهذه الغاية، بحسب الصحيفة الأميركية. وترصد وكالة الأمن أيضا بيانات تحديد مواقع الهواتف الخاصة بمواطنين أميركيين أثناء تنقلهم في الخارج.

والهدف من هذه العملية التي يمكن القيام بها بفضل الاتصال المستمر بين الهاتف والهوائي الأقرب وعمليات حسابية منطقية، هو «تعقب التحركات والكشف عن علاقات خفية بين أشخاص»، وفق المصدر نفسه الذي أشار إلى أن البرنامج يسمى بـ«كو - ترافيلير».

وهذا الانتهاك الجديد للحياة الخاصة أغضب جمعيات الدفاع عن الحريات الفردية. وقالت كاثرين كرامب محامية «منظمة الحريات المدنية» النافذة في بيان إن «الطرق التي نسلكها اليوم يمكن أن تكشف الكثير عن علاقاتنا السياسية والمهنية والخاصة. وهذه المراقبة على نطاق واسع لمئات ملايين الهواتف الجوالة لا تأبه لواجباتنا الدولية باحترام الحياة الخاصة للأجانب والأميركيين على حد سواء». كما اعتبر «مركز الديمقراطية والتكنولوجيا» أن هذه المعلومات هي «أكثر من مقلقة»، مضيفا أن «تحديد المواقع الجغرافية للهواتف الجوالة له مضاعفات عميقة على الحياة الخاصة ومخيف لجهة حرية التجمع».

ويبلغ حجم البيانات المسجلة والمخزنة من جانب وكالة الأمن القومي الأميركية 27 تيرابايت، أي ضعف حجم كامل البيانات المخزنة في مكتبة الكونغرس، أكبر مكتبة في العالم. وأكدت «واشنطن بوست» أن حجم هذه المعلومات «يتخطى قدرتنا على تقبلها ومعالجتها وتخزينها»، وذلك نقلا عن وثيقة داخلية لوكالة الأمن القومي الأميركية مؤرخة في عام 2012. وأضافت الصحيفة أن «قدرات وكالة الأمن القومي لتحديد المواقع الجغرافية هائلة وتدل على أن الوكالة قادرة على ضرب أكثرية جهودنا لجعل الاتصالات تجري بشكل آمن».

وعلى إثر تسريبات سنودن بدأ أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين العمل على اقتراح قانون باسم «قانون الحرية» (فريدوم آكت)، يرمي إلى فرض مزيد من الضوابط على أنشطة وكالة الأمن القومي.

وفي شأن ذي صلة، ذكر التلفزيون السويدي مستشهدا بوثائق سربها سنودن أن السويد كانت شريكة أساسية للولايات المتحدة في التجسس على روسيا وقادتها. ونقل التلفزيون السويدي عن وثيقة يعود تاريخها إلى 18 أبريل (نيسان) من العام الحالي أن المؤسسة السويدية للدفاع الوطني للاتصالات اللاسلكية التي تراقب الاتصالات الإلكترونية ساعدت في تزويد الولايات المتحدة بمعلومات عن روسيا. ونقل عن الوثيقة قولها: «المؤسسة السويدية للدفاع الوطني للاتصالات اللاسلكية قدمت لوكالة الأمن القومي الأميركية مجموعة فريدة من الأهداف الروسية ذات الأولوية مثل القيادة والسياسة الداخلية». ولم تعلق المؤسسة السويدية على الفور على هذه المزاعم. وقالت اني بولينيوس مسؤولة الاتصالات في المؤسسة: «بشكل عام نتعاون دوليا مع عدد من الدول، وهو أمر منصوص عليه في القانون السويدي، لكننا لا نعلق بشأن أي الدول التي نتعاون معها». وذكر التلفزيون السويدي أنه حصل على الوثائق من غلين غرينوالد الصحافي الذي كشف عن تسريبات سنودن للعالم.