متظاهرو تايلند يجنحون للهدنة في ذكرى ميلاد الملك

عاهل البلاد أدولياديج حث مواطنيه على الاستقرار والمعارضة تستعد لاستئناف حراكها اليوم

الملك أدولياديج يجلس على كرسي متحرك إلى جانب أفراد عائلته، وهم (من اليسار إلى اليمين) ابنه ولي العهد ماها فاجيرالونغورن، والأميرة شولابهورن، والأميرة ماها شكري سيريندهورن، وقرينة الملك الأميرة سريراسمي، خلال ظهوره العام بمناسبة عيد ميلاده في القصر الملكي أمس (إ.ب.أ)
TT

دعا ملك تايلند بوميبول أدولياديج أمس مواطني بلاده إلى العمل معا من أجل «استقرار» البلاد، في خطاب ألقاه بمناسبة عيد ميلاده السادس والثمانين، إلا أنه تجنب الإشارة بشكل مباشر للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. ولزم المعارضون خلال المناسبة هدنة في مظاهراتهم العنيفة الرامية إلى إسقاط الحكومة. وقال الملك في خطاب بثه التلفزيون إن تايلند عاشت «في سلام لفترة طويلة لأن الجميع كان يعمل معا لمنفعة البلاد. يجدر بكل تايلندي أن يعي ذلك ويضطلع بدوره لما هو في صالح البلاد، أي الاستقرار والأمن»، دون أن يأتي على ذكر الاضطرابات الحالية.

ونزل آلاف التايلنديين بملابس صفراء (لون الملكية) إلى شوارع هوا هين بعضهم يبكي، ليشاهدوا الموكب الملكي يعبر بمناسبة هذا الحفل الرسمي في المنتجع الساحلي الواقع جنوب بانكوك حيث يقيم الملك منذ بضعة أشهر. ويحظى الملك باحترام كبير في تايلند ويعد وقوع أعمال عنف في يوم عيده بمثابة إهانة. وقد أتاح هذا الحدث لزوم هدنة في المظاهرات الرامية إلى إسقاط رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا، غير أن الوضع بقي متوترا، وتوعد قائد المظاهرات سوثيب ثوغسوبان الذي يريد إبدال الحكومة بـ«مجلس للشعب» غير منتخب، باستئناف المعركة اليوم الجمعة.

ووقعت مواجهات عنيفة خلال الأيام الأخيرة بين الشرطة والمتظاهرين المعارضين لينغلوك وخصوصا لشقيقها ثاكسين شيناواترا رئيس الوزراء السابق الذي أطاح به انقلاب عام 2006 ولا يزال في قلب سياسة البلاد رغم إقامته في المنفى. واندلعت أعمال العنف السبت الماضي بين متظاهرين مؤيدين للحكومة وآخرين مناهضين لها مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى في ظروف غامضة، ثم حاول متظاهرون مناهضون للحكومة محاصرة مقر الحكومة وألقوا حجارة على الشرطة التي ردت بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاط. إلا أن السلطات غيرت تكتيكها الثلاثاء وسمحت لهؤلاء الناشطين بالدخول لفترة وجيزة إلى مقري الحكومة والشرطة.

والمتظاهرون الذين قدر عددهم بنحو 180 ألفا في ذروة تحركاتهم لم يتجاوز عددهم بضعة آلاف أول من أمس في مختلف أماكن العاصمة، لكن مئات منهم تجمعوا أمس عند نصب الديمقراطية المكان الذي يعد رمز الحراك وحيث يعتصمون منذ شهر، استعدادا لاستئناف المعركة. وتوعد كهيو وهو يشاهد الحفل الرسمي بمناسبة عيد ميلاد الملك على شاشة عملاقة «غدا الجمعة سنتظاهر. سنعود حتى تحقيق النصر للشعب التايلندي». وشاركت ينغلوك أيضا في هذه الاحتفالات في هوا هين ولدى ظهورها على الشاشة أطلق متظاهرون هتافات ضدها. واندلع غضب المتظاهرين الذين يشكلون تحالفا من البورجوازيين المحافظين المقربين من الحزب الديمقراطي، أبرز أحزاب المعارضة، ومن مجموعات صغيرة من الموالين للملكية، بسبب مشروع قانون عفو اعتبروا أنه سيسمح بعودة ثاكسين المقيم في المنفى هربا من عقوبة السجن بتهمة عمليات اختلاس مالي. وينسحب حقدهم على ثاكسين، على شقيقته التي ترأس الحكومة منذ 2011 بعد انتصار ساحق في الانتخابات سجله حزب بوا تايي المؤيد لثاكسين. ورغم رفض مشروع القانون في مجلس الشيوخ لم يهدأ المتظاهرون الذين يتهمون ينغلوك بأنها دمية بيد شقيقها. وتسبب ثاكسين في تقسيم البلاد بين الجماهير الفقيرة في الأرياف والمدن في الشمال والشمال الشرقي التي تؤيد هذا الملياردير، والنخب في بانكوك التي تكن له الكره الشديد وترى فيه تهديدا للسلطة. يملك الملك بوميبول الذي تولى العرش منذ أكثر من ستين سنة، قوة معنوية متسامحة في بلد يحفل تاريخه بالاضطرابات السياسية. وتدخل في الماضي بصورة لافتة وسط أزمات سياسية، لكنه دخل المستشفى في 2009 وغادرها في أغسطس (آب) الماضي إلى قصره في هوا هين. ونادرا ما كان له ظهور علني في السنوات الأخيرة. وفي عام 2010 ظل صامتا بوجه عام عندما احتل نحو مائة ألف من «القمصان الحمر» الموالين لثاكسين وسط بانكوك للمطالبة باستقالة الحكومة، قبل هجوم للجيش. وكانت تلك أخطر أزمة شهدتها تايلند في تاريخها الحديث وخلفت نحو تسعين قتيلا ونحو 1900 جريح.