مالي والطوارق يحملون فرنسا مسؤولية فشل محادثات السلام

مخاوف من تصاعد الأزمة السياسية في البلاد

TT

اتهمت حكومة مالي وانفصاليو الطوارق فرنسا بعدم بذل جهود كافية لحل الأزمة السياسية، في ما يبرز الصعاب التي تواجهها باريس للخروج بنفسها من هذه الأزمة في مستعمرتها السابقة.

وبعد أن حظيت فرنسا بإشادة واسعة في أنحاء مالي بالعملية العسكرية التي قامت بها في وقت سابق هذا العام واستمرت خمسة أشهر وأدت إلى تشتيت مقاتلي تنظيم القاعدة، وجدت فرنسا نفسها وقد حوصرت في الصراع بين الحكومة المركزية في باماكو ومتمردي الطوارق، الذين يطالبون بحكم ذاتي في قاعدتهم في كيدال بشمال البلاد.

وكانت الحكومة الانتقالية في مالي قد وقعت اتفاق سلام مع ممثلي الطوارق في منتصف يونيو (حزيران) يسمح بإجراء انتخابات عامة. وفي إطار الاتفاق وافقت باماكو على بدء محادثات في طلب الطوارق مزيدا من الحكم الذاتي، لكن هذه المفاوضات تعثرت.

وقال رئيس مالي المنتخب حديثا إبراهيم أبو بكر كيتا، لصحيفة «لوموند»، في مقابلة، إن «تحرير البلاد كان عملا مشتركا (بين قوات فرنسا ومالي) حتى كيدال، وبعد ذلك منع الجيش المالي من التقدم». وأضاف «بالنسبة لشخص مثلي صديق لفرنسا بوسعي أن أرى رد فعل سلبيا للحماس تجاه فرنسا من جانب شعب مالي الذي رحب بالتدخل».

وجاءت تصريحات الرئيس المالي عشية قمة تعقد في باريس، حيث ستحاول فرنسا إقناع زعماء أفارقة بأنها لم تعد تستطيع القيام بدور الشرطي في القارة حتى وهي تستعد للتدخل في صراع جديد في جمهورية أفريقيا الوسطى. وانهارت مالي العام الماضي عندما حاول متمردو الطوارق السيطرة على الشمال. وخطف تمردهم على أيدي الإسلاميين المرتبطين بـ«القاعدة»، الأفضل تسليحا وتمويلا، قبل التدخل العسكري الفرنسي في يناير (كانون الثاني). وتعاونت القوات الفرنسية مع المتمردين الطوارق الذين سيطروا على بلدة كيدال في شمال شرقي البلاد والمناطق المحيطة بها، بعد هرب المقاتلين الإسلاميين من الغارات الجوية الفرنسية إلى الجبال القريبة. لكن ذلك التعاون الميداني وإصرار فرنسا العلني على مشاركة متمردي الطوارق في أي محادثات بخصوص مستقبل مالي السياسي إذا تخلوا عن المطالبة بالاستقلال الكامل للشمال أغضبا الجيش المالي. وقال كيتا «المجتمع الدولي يجبرنا على التفاوض على أرضنا مع أناس رفعوا السلاح في وجه الدولة.. أذكركم بأننا في دولة مستقلة». ورفض مسؤول فرنسي الإشارة إلى أن باريس تعاونت في أي وقت من الأوقات مع متمردي الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد. وقال إن المحادثات بين باماكو وانفصاليي الطوارق هي شأن مالي كانت فرنسا تراقبه فحسب.

وينص اتفاق يونيو الذي سمح للحكومة بالعودة إلى كيدال قبيل الانتخابات على بقاء المتمردين في كيدال شريطة العودة إلى ثكناتهم تحت إشراف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتوقف عن حمل السلاح علنا وإزالة جميع الحواجز على الطرق.

وقالت حركة تحرير أزواد في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) إنها أنهت وقفا لإطلاق النار استمر خمسة أشهر مع حكومة مالي وحملت السلاح مرة أخرى، وذلك بعد يوم من اشتباك قوات الحكومة مع محتجين يلقون الحجارة منعوا زيارة رئيس الوزراء لكيدال. وقالت إن باماكو لا تفي بالجزء الخاص بها من الاتفاق.

وقال موسى اغ اساريد، ممثل جبهة تحرير أزواد في أوروبا، متحدثا من باريس، إن الجماعة ليس أمامها بديل غير الدفاع عن نفسها إذا هاجمتها القوات المالية نظرا لأن محادثات السلام لم تحرز تقدما. وأضاف للصحافيين أن باماكو لا تظهر «رغبة سياسية» في المضي قدما، وأن باريس لا تتقدم للسيطرة على الوضع. ورأى أنه «إذا لم تتخذ باريس قرارا شجاعا وتضطلع بمسؤولياتها فنحن عرضة للأسف لأن نجد أنفسنا في وضع رهيب».