كيري: الفلسطينيون والإسرائيليون أقرب إلى السلام من أي وقت

بعد مفاوضات ماراثونية حول الأغوار تضمن «الأمن» لإسرائيل و«السيادة» للسلطة

وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد أن انتهى من مؤتمره الصحافي في مطار بن غوريون في تل أبيب قبل مغادرته إسرائيل أمس (رويترز)
TT

أطلق وزير الخارجية الأميركي جون كيري، تصريحات متفائلة قلبت الصورة القاتمة التي ظل مفاوضون يرسمونها حتى الساعات الأخيرة، قبل مغادرته إسرائيل، حول المفاوضات وصنع السلام في المنطقة. وقال كيري للصحافيين في مطار «بن غوريون»، وهو يهم بالمغادرة إلى واشنطن، «الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني أصبحا أقرب إلى السلام أكثر من أي وقت آخر. هذا التقدم لم يحدث منذ سنوات». وأضاف «الجميع أقرب إلى السلام الذي يتوقون له». وجاءت تصريحات كيري بعد 3 لقاءات عقدها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولين إسرائيليين، بينهم وزير الدفاع موشيه يعالون، ورئيسة وفد المفاوضات تسيبي ليفني، ولقاء في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ووفد المفاوضات، وتركزت جميعها على دفع المفاوضات وإيجاد حلول للمشكلات الأمنية المعقدة. ولم يكشف كيري عن شكل التقدم، لكنه لمح إلى أنه متعلق بالوضع الأمني في منقطة الأغوار الحدودية مع الأردن. وقال كيري: «خلال الأيام الماضية التقيت الرئيس عباس وكذلك رئيس الوزراء نتنياهو، وبحثنا قضايا معقدة وصعبة، إنهما جادان ويرغبان في السلام، وقد وعدا بالاستمرار في العمل الجاد لتحقيق هذا السلام». وأضاف، «الولايات المتحدة على اتصال وثيق مع الطرفين وأفضل من أي وقت مضى، الأمر ليس بسيطا، وهما يدركان ذلك، ويدركان أن مشوار السلام طويل وصعب، ولكنهما يعرفان أنه لا حل إلا بإقامة دولتين لشعبين تعيشان بسلام وأمن».

وأكد كيري أنه يعمل على معالجة مخاوف حول «السيادة» لدى الجانب الفلسطيني ومخاوف إسرائيلية حول «الأمن». وحث كيري الفلسطينيين والإسرائيليين على استلهام نهج القائد الأممي الراحل نيلسون مانديلا، واقتبس كيري قولا مأثورا عن مانديلا، «يبدو المستحيل دائما مستحيلا حتى يتحقق».

وأضاف، «نموذج نيلسون مانديلا هو نموذج نحتاج جميعا للاقتداء به بينما نحاول الوصول لحل الدولتين». وكان كيري عرض على نتنياهو وعباس مقترحات أمنية أعدها الجنرال الأميركي جون الين، لتسوية الخلاف حول مستقبل منطقة الأغوار الحدودية.

ويريد نتنياهو الإبقاء على جيشه في الأغوار على الحدود مع الأردن، ويطالب الفلسطينيون بمغادرة الجيش الإسرائيلي من أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة، ووافقوا على نشر قوات دولية إذا كان من شأن ذلك طمأنة إسرائيل. وأكد رئيس الكنيست الإسرائيلي، القطب الليكودي البارز، يولي إدلشتاين، ضرورة أن يضمن أي اتفاق مع الفلسطينيين، أمن إسرائيل على المدى البعيد من زاوية التجاوب مع كافة التحديات الأمنية.

وقال إدلشتاين، للإذاعة العبرية، «إن الاتفاق على الترتيبات الأمنية من شأنه أن يفضي إلى تقدم حقيقي في المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، لكن ذلك يحتاج لبعض الوقت حتى يشمل كافة القضايا المحورية». وأعرب رئيس الكنيست، عن اعتقاده بأن الظروف لم تتهيأ بعد لتسوية دائمة مع الفلسطينيين. وقال إن ذلك يحتاج أولا إلى خطوات لبناء الثقة وزيادة رقعة التعاون بين الجانبين في مجالات العمل والاقتصاد والزراعة والموارد المائية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن كيري يعمل على حل وسط، يبقي القوات الإسرائيلية في مناطق محددة، مع نشر منظومات دفاعية وأخرى للمراقبة على أن تساعد الولايات المتحدة في ذلك، بالإضافة إلى الجيش الأردني من جهة الأردن، فيما يحظى الفلسطينيون بالسيادة في المنطقة وعلى المعابر.

ويبدو أن ثمة موافقة مبدئية من الطرفين، لكن مع تحفظات وأسئلة حول التفاصيل.

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن الأميركيين راعوا بشكل كبير المطالب الإسرائيلية، ويتقبلون الآن بقاء الجيش الإسرائيلي في المنطقة لفترة محددة من الزمن. وقال مصدر إسرائيلي كبير، «اقتراحات كيري قريبة من المطالب الإسرائيلية». لكن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية قالت إن سيطرة الفلسطينيين على المعابر جوبهت برفض إسرائيلي. ومن المفترض أن يعود كيري بعد أسبوعين للمنطقة لمواصلة مهمته «الماراثونية».

ومن جهة ثانية، طمأن كيري مجددا الإسرائيليين في موضوع النووي الإيراني، وقال قبل مغادرته، «لا يجوز التأثر بالتسريبات الصحافية المغرضة، وإسرائيل صارت في موقع أقوى بعد توقيع الاتفاق المرحلي بين إيران والقوى العظمى». وأضاف، «هناك تنسيق قوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالملف الإيراني». وانعكست زيارة كيري بشكل إيجابي على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة بعد أسبوع متوتر تبادل فيه الطرفان الاتهامات بشأن الاتفاق النووي الإيراني.

ونقلت الصحف الإسرائيلية، عن الرئيس الأميركي باراك أوباما، التزامه بأمن إسرائيل مؤكدا أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية غير قابلة للمس. وقال أوباما خلال حفل أقامه البيت الأبيض أول من أمس، بمناسبة انتهاء عيد الأنوار اليهودي «حانوكا»، إنه «لأول مرة منذ عقد من الزمن تم وقف تطوير البرنامج النووي الإيراني». مضيفا أمام 500 من ممثلي الجالية اليهودية «يجب أن تعرفوا أنه سيجري تجميد أجزاء مهمة من هذا البرنامج».