توتر في إدلب إثر استيلاء «الجبهة الإسلامية» على مقرات «الجيش الحر»

مجزرتان في الرقة والنبك.. وأول هجوم يستهدف دورية إسرائيلية في الجولان

سوريون تملكهم الرعب بعد غارات جوية نفذها النظام السوري في الرقة أمس (رويترز)
TT

سيطر مقاتلو الجبهة الإسلامية في سوريا على مقار تابعة لهيئة الأركان في الجيش السوري الحر، وبينها مستودعات أسلحة عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في إدلب شمال غربي البلاد، بعد معارك عنيفة بين الطرفين. وبموازاة ذلك، اتهمت هيئة أركان الجيش السوري الحر، الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، التابعة لتنظيم القاعدة، باغتيال قائدين في الجيش الحر أثناء محاولتهما إدخال مساعدات إلى مناطق شمال سوريا، بينما أعلن ناشطون عن وقوع مجزرتين؛ إحداهما في الرقة، وذهب ضحيتها نحو 20 قتيلا، والثانية في النبك، أسفرت عن مقتل 17 شخصا.

وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن المستودعات التي سيطرت عليها «الجبهة الإسلامية» في معبر باب الهوى في إدلب، «تُخزن فيها شحنات الأسلحة التي تصل إلى المجموعات المقاتلة المعارضة عن طريق تركيا»، مشيرا إلى أن المعارك بين الطرفين «تواصلت طيلة ليل الجمعة - السبت، قبل أن تتمكن الجبهة من طرد المقاتلين التابعين للأركان».

وذكر المرصد السوري أن مقاتلي الجبهة الإسلامية سيطروا أيضا على مقر تابع لـ«لواء أحفاد الرسول» (المنضوي ضمن الجيش الحر) موجود في المنطقة. كما تسلموا مقرا قريبا من المعبر تابعا لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» المتطرفة، بعد خروج مقاتلي الدولة من دون مواجهة منه.

وتتولى فصائل مقاتلة عدة إدارة معبر باب الهوى من الجانب السوري، ويملك عدد منها مقارا قرب المعبر.

وقال المتحدث باسم الجيش السوري الحر لؤي مقداد إن مقاتلي الجبهة الإسلامية دخلوا القواعد بعد أن قالوا إنهم يريدون المساعدة في تأمينها، ثم طلبوا من الضباط والعاملين المغادرة، ثم أزالوا راية الجيش السوري الحر ووضعوا رايتهم بدلا منها. وأضاف مقداد: «نعتقد أنهم أشقاء وأنهم يدركون أننا لسنا العدو»، بحسب وكالة «رويترز».

وتؤشر هذه المواجهات إلى تصاعد التوتر بين الجبهة الإسلامية التي نشأت في نوفمبر (تشرين الثاني) وقيادة الجيش الحر، بعد أربعة أيام من إعلان الجبهة انسحابها من هيئة الأركان، في انشقاق جديد بين الفصائل المقاتلة ضد النظام السوري. وأعلنت فصائل إسلامية أساسية في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تشكيل «الجبهة الإسلامية»، في أكبر تجمع لقوى إسلامية، بهدف إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد وبناء دولة إسلامية في سوريا. ويُعتقد أن الجبهة الإسلامية تضم ستة فصائل إسلامية محاربة في سوريا، وأكبرها «لواء التوحيد» و«حركة أحرار الشام» السلفية و«جيش الإسلام»، بالإضافة إلى مجموعات أخرى.

وكانت هذه الجبهة أعلنت، في الثالث من الشهر الحالي، انسحابها من هيئة الأركان بسبب ما سمته «تبعية» الهيئة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وعدم تمثيليتها.

في غضون ذلك، اتهمت هيئة الأركان تنظيم «داعش» باغتيال قائدين في الجيش الحر، هما الرائد أحمد جهار والملازم أول محمد القاضي، بالإضافة إلى السائق المرافق لهما عبد الحكيم الشاهر، أثناء انطلاقهما في مهمة إدخال مساعدات (أجهزة اتصالات وسلات غذائية) وصلت هيئة الأركان إلى شمال سوريا.

وأعلن الجيش الحر أن الاتصال مع الضابطين فُقِد بمجرد تحركهما نحو الجهة التي كانا ينويان إيصال المساعدات لها، ثم تمكن أحد أقربائهما من رؤيتهما في أحد مقرات «داعش» في مدينة إعزاز في حلب، وحصل على وعد بالإفراج عنهما.

وفي فجر اليوم التالي، عثر على جثتيهما على نحو فاجأ الأهالي. وقالت مصادر في «هيئة الأركان المشتركة» التي يترأسها اللواء سليم إدريس، إن ضابطين من كوادرها «استشهدا بالقرب من بلدة ماير في ريف حلب». وأشارت المصادر إلى أن الضابطين وجدا مقتولين بالقرب من بلدة ماير بالإضافة لسائق السيارة، ووفقا للمصادر، فإن الضابطين هما برتبة نقيب من بلدة أرمناز ورائد من مدينة الضمير بريف دمشق، وسائق من قرية جبل الزاوية.

في تلك الأثناء، أفاد المرصد بالعثور على 17 جثة في النبك بينهم أطفال ومسنون، لم تُعرف ظروف مقتلهن، موضحا أنه «عُثر عليهم في ملجأ في حي الفتاح في النبك الذي تسيطر عليه القوات النظامية في المدينة»، ونُقل عن نشطاء اتهامهم القوات النظامية وميليشيات شيعية عراقية تقاتل معها بقتل 17 مواطنا حرقا.

وأعلن المرصد وقوع «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية وقوات جيش الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية وكتائب أخرى مقاتلة من جهة أخرى على الطريق الدولي الذي يربط حمص ودمشق، وهو مغلق منذ 18 يوما، من جهة مدينة النبك»، في منطقة القلمون الواقعة شمال ريف دمشق.

وأشار المرصد إلى مقتل مقاتل من حزب الله اللبناني وخسائر بشرية في صفوف القوات النظامية، وإلى ترافق المعارك مع قصف مصدره القوات النظامية على مناطق في النبك. وتعرضت بلدات القلمون، ومنها النبك والزبداني، ومناطق في الغوطة الشرقية، منها معضمية الشام ودوما، لمزيد من الغارات والقصف بالمدافع وراجمات الصواريخ.

وفي دمشق، تعرضت أحياء الحجر الأسود وبرزة والقابون لقصف بالمدافع وراجمات الصواريخ وفقا لشبكة «شام» ولجان التنسيق. وفي الوقت نفسه، اندلعت اشتباكات عند أطراف حي جوبر شرق العاصمة.

وقال المرصد السوري إن اشتباكات عنيفة اندلعت، أمس، في أطراف بلدة بيت سحم من جهة مطار دمشق بين مقاتلي «داعش» وجبهة النصرة من جهة، وقوات النظام وحزب الله ولواء أبي الفضل العباس من جهة أخرى، مشيرا إلى أنباء عن خسائر في صفوف الطرفين. كما وقعت اشتباكات في محيط إدارة المركبات بحرستا وقرب بلدة ببيلا، مما أدى إلى خسائر لدى الطرفين، حسب المرصد السوري.

وفي غضون ذلك، أعلن ناشطون أن الطيران الحربي التابع للجيش النظامي نفذ سبع غارات جوية على أحياء متفرقة من مدينة الرقة، أسفرت عن مقتل 20 شخصا على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، وسقوط أكثر من 135 جريحا. وأكدت لجان التنسيق المحلية وشبكة «شام» وقوع الغارات على المدينة الخاضعة لسيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام وفصائل أخرى، مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين وجرح آخرين.

ووصفت الهيئة العامة للثورة السورية الغارة بـ«المجزرة»، وقالت إن «أكثر من سبعة منازل تهدمت على رؤوس ساكنيها، جراء القصف بالبراميل المتفجرة من الطيران الحربي على بزاعة». واستهدفت الغارات الجوية المباني السكنية في كل من أحياء الشهداء والفردوس والتعمير والمرور، كما استهدفت إحدى الغارات مدرسة الرشيد، ومحيط الفرقة 17، التي لا تزال تحت سيطرة قوات النظام، وتدور اشتباكات شبه يومية بينها وبين كتائب المعارضة التي تحاصرها.

في تلك الأثناء، شيعت مدينة طرطوس الساحلية أكثر من ثلاثين قتيلا من جنود النظام، وفي فيديو بث على شبكة الإنترنت يظهر موكب تشييع من نحو 40 سيارة وهو يعبر أحد شوارع طرطوس مترافقا مع إطلاق كثيف للنار.

وتجدد أمس القصف الجوي والمدفعي على مناطق سورية عدة، خاصة درعا، حيث استهدفت غارات متزامنة بلدتي إنخل وناحتة بدرعا، في وقت يدور فيه قتال على جبهات عدة بالمنطقة، بما فيها بعض أحياء درعا البلد. ويأتي تجدد القصف على درعا بعد ساعات من مقتل ستة مدنيين إثر استهدف القوات النظامية حافلتهم قرب بلدة إنخل، وفقا لناشطين.

وفي هضبة الجولان، حيث استعادت القوات الحكومية قرية كانت المعارضة سيطرت عليها، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن أضرارا لحقت بعربة عسكرية بعد أن فجر «سوريون» قنبلة عند حدود مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، لكن أحدا لم يصب في الهجوم. ويعتقد أن الهجوم الذي وقع الجمعة هو أول تفجير يستهدف القوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب الأهلية السورية على الرغم من أن الجيش لم يؤكد ذلك.

وقالت متحدثة باسم الجيش إن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة وضعت على الجانب السوري من السياج الحدودي، لكن لم يتضح أي من الفصائل السورية يقف وراء هذا التفجير.