المبارك: دول الخليج أثبتت قدرتها على تجاوز كل الصعوبات التي واجهتها

أمير الكويت يفتتح غدا أعمال قمة الدورة الـ34 لمجلس التعاون الخليجي

الشيخ محمد عبد الله المبارك متحدثا للصحافيين خلال افتتاح المركز الإعلامي لتغطية قمة الكويت أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تستضيف الكويت غدا الثلاثاء الدورة الـ34 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون التي يفتتحها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وسط ظروف عالمية وإقليمية استثنائية، أبرزها التقارب الأميركي - الإيراني في أعقاب اتفاق إيران مع مجموعة 5+1 حول الملف النووي، إلى جانب الملفات الإقليمية، مثل مبادرة مجلس التعاون في اليمن والأزمة السورية والأوضاع في العراق وتطورات الشأن المصري.

ومن المقرر أن تشهد الكويت اليوم الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية الخليجيين، فيما تناقلت مصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أنباء عن انتهاء لجنة الصياغة من إعداد بيان قمة الكويت إثر تطمينات دبلوماسية كويتية وتفاهمات خليجية على أبرز القضايا الواردة فيه.

إلى ذلك، علق وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد عبد الله المبارك على الموقف العماني بشأن الاتحاد الخليجي، مستبعدا أن يشكل موقف عمان ضغوط على قمة الكويت، لأن «مسألة الاتحاد غير مطروحة على جدول أعمال قمة الكويت، ولم تناقشها كبقية الملفات اللجان التحضيرية والفنية».

وأضاف المبارك على هامش افتتاحه المركز الإعلامي أمس أن «القمة لديها جدول أعمال معد ومتفق عليه سلفا بين الدول الأعضاء، وهناك قرارات أعدت وأخرى جرى إعداد بدائل لها، والحديث عن الاتحاد باعتباره قضية مفصلية هو التطور الطبيعي لمسيرة مجلس التعاون التي تتطلب المزيد من البحث والنقاش، وهذه المسألة لا يمكن طرحها في هذا التوقيت أو مناقشتها خلال ساعات، فهذا أمر غير دقيق؛ لأن هذا الموضوع لم يأخذ حصته من النقاش حتى الآن، خاصة في ظل تداخل أكثر من موضوع على هذا الصعيد، ومن بينها الاتحاد الاقتصادي والاتحاد الجمركي واتحاد البنوك المركزية.

وحول الموقف الخليجي من إيران في ظل التطورات الأخيرة في ملفها النووي وتوصلها إلى اتفاق مع مجموعة 5+1 بين الشيخ محمد عبد الله المبارك أن «الاتفاق أثبت فاعليته حيث سبق لدول الخليج أن طالبت إيران بالالتزام بسلمية برنامجها النووي والتأكد من سلامته والسماح للمفتشين بدخول المنشآت النووية، واليوم نجد أن الاتفاق الدولي مع إيران يؤكد صلابة وسلامة الموقف الخليجي من الملف النووي الإيراني، فهو تضمن الأمور التي كانت تطالب بها دول مجلس التعاون إيران، وهذه القمة ستوفر تقدما للموقف الخليجي الموحد تجاه إيران بناء على الأرضية التي وفرها الاتفاق الدولي بخصوص ملفها النووي، فالهدف من أي قمة التوصل إلى اتفاق وتفاهم موحد يخص المجتمعين».

وأضاف وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد عبد الله المبارك أن «الله حبا دول المنطقة بقادة حكماء لا يصعب عليهم شيء، وأي طريق قد يصادف بالصعاب وأمور تستوجب تفاقم الجهود لتخطيها»، عادا «الاختلاف في وجهات النظر ليس بغريب، وكلنا ثقة ونشارك جميع الأشقاء شعوب دول المجلس بأن قادتنا سيجتمعون بالكويت خلال الأيام المقبلة وسيتخطون جميع الصعاب والمشاكل من أجل المزيد من الاستقرار والرخاء بما يخدم مصلحة الشعوب الخليجية».

وأضاف أن «دول مجلس التعاون الخليجي واجهت الكثير من الصعوبات والكثير من التصدعات، ولكن لله الحمد ما زالت مستمرة في قوتها والروابط التي تربط شعوب المنطقة ليست لغوية ودينية أو تاريخية فقط، بل هي أيضا وجدانية، حيث إن وجدان شعوب المنطقة مرتبط ببعض مما انعكس على التحرك السياسي بإنشاء هذه المنظومة التي ستستمر وستزدهر بإذن الله بسبب تماسك شعوبها وتفاني قادتهم لما فيه مصلحة شعوبهم».

ومن جانبه ذكر وزير الإعلام الكويتي الشيخ سلمان الحمود خلال افتتاحه أمس المركز الإعلامي لتغطية القمة الخليجية أن مسيرة مجلس التعاون راسخة وتسير دائما في تقدم، ومجلس التعاون قادر بحكمته ومن خلال الهدف المشترك الذي يجمع فيما بين دول الخليج على أن يحقق ما يصب في خدمة شعوب المنطقة.

وأضاف الشيخ سلمان الحمود أن الأشقاء العمانيين سباقون في دعم مسيرة دول مجلس التعاون؛ لذا أتمنى أن نعزز عملنا المشترك ونحقق تطلعات شعوبنا إلى المزيد من الانسجام والتكاتف لما يحقق هذا الهدف السامي، ونتمنى النجاح للقمة التي تنعقد برئاسة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وحكمة قادة مجلس التعاون ستسفر عن الخروج بقرارات تصب في صالح شعوب الخليج وتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.

ومن جانبه، أكد أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني أن هذه الظروف تتطلب من دول المجلس تدارس تداعياتها لضمان حماية إنجازات المجلس وحماية مصالح شعوب منطقة الخليج.

وسيناقش قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عددا من القضايا التي من شأنها تعزيز العمل الخليجي المشترك في كل المجالات، إضافة إلى التقارير والتوصيات التي يجري رفعها من المجلس الوزاري ليقوم المجلس الأعلى بالمصادقة عليها، حيث سينظر المجلس الأعلى إلى ما جرى إنجازه وتناوله من قبل المجلس الوزاري في المجال الأمني، كمكافحة الإرهاب والفساد وحماية المنشآت النفطية والتعاون المروري، علاوة على الوثيقة الاستراتيجية الاسترشادية للحكومة الإلكترونية للدول الأعضاء التي جرى اعتمادها من قبل المجلس الوزاري في خطوة تهدف إلى التنسيق بين الدول الخليجية لتحقيق التكامل فيما بينها.

ويحظى التعاون الاقتصادي بأهمية خاصة من قادة دول المجلس الذي يبدو جليا من السعي إلى تعزيز التجارة البينية بين دول الخليج من خلال مناقشة ما جرى التوصل إليه في اجتماعات لجنتي التعاون التجاري والصناعي الخليجيتين من جهة وتشجيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين المنظومة والكيانات الاقتصادية الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

ومن المتوقع أن يناقش المجلس الأعلى خطة العمل المشترك بين دوله وتركيا في مجالي التجارة والاستثمار 2013 - 2015 إضافة إلى الجهود الرامية إلى تحقيق الشراكة الاستراتيجية مع كل من المغرب والأردن من خلال التعاون المشترك في مجالات البيئة والطاقة المتجددة والتعليم والبحث العلمي والتعاون الاقتصادي والقانوني والسياحة والأمن الغذائي، وغيرها.

ويحرص قادة دول مجلس التعاون على متابعة سير العملية الانتقالية في اليمن، وخصوصا فيما يتعلق بالحوار الوطني في ظل المبادرة الخليجية وجهود المنظومة في سبيل دعم الاستقرار وجهود إعادة بناء اليمن، كما ستبحث قمة الكويت دعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني، ودعم الشعب السوري والتخفيف من معاناته من خلال استضافة دولة الكويت لمؤتمر المانحين مطلع العام الجاري الذي جمع أكثر من 1.5 مليار دولار تبرعت الكويت منه بمبلغ 300 مليون دولار، وكذلك السعودية والإمارات في حين تبرعت البحرين بمبلغ 20 مليون دولار.

وفيما يخص التغير المحوري الذي طرأ على الملف النووي الإيراني والذي تمخض عنه اتفاق جنيف بين الدول الكبرى وإيران، فقد استقبل مجلس التعاون الخبر بارتياح ورحب بهذا القرار الذي جاء متناغما مع المطالب والمساعي الخليجية الرامية إلى دعم السلام والاستقرار، وأكدت دول المجلس في أكثر من مناسبة حرصها على أن تجري تسوية الملف الإيراني بالطرق السلمية.

وسبق لأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني التأكيد في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية مطلع الأسبوع أن قمة الكويت الخليجية تكتسب أهمية خاصة، نظرا للظروف الدقيقة التي تعيشها المنطقة والتحديات الجسيمة التي تفرض على دول المجلس تبادل الرأي وتوحيد الرؤى واستمرار التنسيق المشترك في كل ما من شأنه تعزيز المسيرة وتأكيد تلاحم وترابط دول المجلس.

وذكر الزياني أن قمة الكويت ستضيف مكاسب جديدة لصالح مواطني دول المجلس، حيث تعد لقاءات قادة دول المجلس لقاءات خير ومحبة هدفها الدائم هو المواطن الخليجي وتحقيق آماله وتطلعاته في مزيد من المكتسبات والإنجازات وبما يعود عليه بالنفع والخير، إذ يولي قادة دول المجلس المواطنة الخليجية والأمن والاستقرار وتعميق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس اهتماما بالغا لارتباطها بحياة المواطن الخليجي ومعيشته، كما أنهم يؤكدون دائما على ضرورة أن يؤدي العمل الخليجي المشترك إلى مزيد من التعاون والترابط والتكامل.