هيغل يبحث في باكستان ملفي الطائرات من دون طيار الأميركية والسلام في أفغانستان

التعاون الأمني محور المباحثات مع رئيس الوزراء وقائد الجيش الجديد

TT

أجرى وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، أمس، محادثات في باكستان مع عدد من كبار المسؤولين، في مقدمتهم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وقائد الجيش الجديد رحيل شريف. بهدف تهدئة التوتر الناجم عن غارات الطائرات الأميركية من دون طيار في هذا البلد، كما يتطرق إلى دور إسلام آباد في أفغانستان المجاورة. وحطت طائرة هيغل صباحا في مطار روالبندي بضواحي العاصمة إسلام آباد، وفق ما أفاد به مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. ووصل هيغل إلى باكستان قادما من أفغانستان حيث قضى نهاية الأسبوع.

وهذه أول زيارة يقوم بها وزير دفاع أميركي منذ أربع سنوات إلى باكستان، التي تعد رسميا حليفة واشنطن، لكن العلاقات بينهما متقلبة.

وأعلن مسؤول أميركي للصحافيين، قبل الوصول إلى باكستان، أن تشاك هيغل «سيشكر باكستان على دعمها المهم جدا في الحرب على الإرهاب» التي يشنها الأميركيون في المنطقة. لكنه أشار إلى «توتر في العلاقات» بين البلدين قائلا إن هيغل يريد تسويتها بتعزيز التعاون الثنائي. وتابع أن وزير الخارجية الأميركي يريد «تعزيز شراكتنا (مع باكستان) في مجال الدفاع» وتأكيد دعم واشنطن المتواصل للجيش الباكستاني.

وبدأ هيغل زيارته القصيرة من المقر العام للجيش الباكستاني الذي ما زال يعد أقوى مؤسسة في البلاد، ليلتقي قائده الجديد الجنرال رحيل شريف، حيث أجريا مباحثات عدها الاثنان مفيدة.

وصرح هيغل عقب اللقاء إلى جانب شريف: «بحثنا الكثير من مصالحنا المشتركة، ونأمل كثيرا العمل معا من أجل تعزيز علاقتنا»، وقال الجنرال شريف إن البلدين سيواصلان «العمل من أجل شراكة على المدى الطويل». وقال هيغل إنه سيوجه الرسالة نفسها إلى رئيس الوزراء نواز شريف الذي سيتباحث معه ظهرا.

وتشوب عدة خلافات علاقات واشنطن بإسلام آباد، الحليفتين الاستراتيجيتين منذ زمن طويل، لا سيما في مجال اللوجيستية العسكرية، بعد نهاية 2001 واجتياح أفغانستان المجاور تحالف عسكري قادته واشنطن. وتندد إسلام آباد بقصف الطائرات من دون طيار الأميركية على أراضيها وتعده انتهاكا لسيادتها، بينما تأخذ واشنطن على باكستان عدم بذل ما يكفي من الجهود من أجل التخلص من القواعد الخلفية لمقاتلي طالبان الأفغان وتنظيم القاعدة في المناطق القبلية شمال غربي البلاد المحاذية لأفغانستان. ومنذ 2004، والطائرات من دون طيار تقصف بانتظام المناطق القبلية، وتدين إسلام آباد رسميا تلك الغارات التي أثارت أخيرا مظاهرات في شمال غربي البلاد، مما دفع واشنطن إلى تعليق عبور شاحنات الإمدادات المتوجهة إلى أفغانستان من معبر تورخام، المعبر الأساسي لدخول أفغانستان من باكستان. وأكد مسؤولون أميركيون، يرافقون هيغل، أن التوقف مستمر بسبب مخاوف أمنية على السائقين، وذلك بعد تصريحات متناقضة قبل ذلك بيوم. كذلك تعول واشنطن على باكستان للدفع باتجاه سلام في أفغانستان بعد نهاية 2014 ورحيل معظم القوات الـ73 ألفا لحلف شمال الأطلسي ومعظمهم من الأميركيين، حيث كانوا يدعمون حكومة الرئيس حميد كرزاي الضعيفة في وجه تمرد حركة طالبان. وخلال زيارته إلى أفغانستان أول من أمس، التقى هيغل جنودا أميركيين ووزير الدفاع الأفغاني، الذي تباحث معه بشأن الاتفاق الثنائي الأمني الذي يحدد إطارا لانتشار القوات الأميركية على الأراضي الأفغانية بعد 2014.

ويرفض الرئيس حميد كرزاي التوقيع على الاتفاق الذي جرت مفاوضات شاقة بشأنه بين البلدين، لكن هيغل قال عقب اللقاء إن وزير الدفاع باسم الله محمدي: «أكد لي أن التوقيع على الاتفاق الثنائي الأمني سيجري في مهلة معقولة».

وبعد محادثاته في باكستان، يتوجه هيغل إلى المملكة العربية السعودية وقطر ليؤكد لهما مجددا تضامن بلاده مع دول الخليج، وخصوصا السعودية التي أعربت عن مخاوف من الاتفاق الأخير الذي أبرمته واشنطن مع إيران.

إلى ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية إن باكستان أعربت أمس عن «قلقها العميق» بشأن استخدام الولايات المتحدة طائرات من دون طيار لوزير الدفاع الأميركي الزائر هيغل. وتوترت العلاقات الثنائية وسط خلافات متبادلة بشأن الهجمات الأميركية التي تشنها طائرات من دون طيار ضد أفراد يعتقد أنهم مسلحون في باكستان، والهواجس بشأن التعاون ضد المسلحين، والمصالحة في أفغانستان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إعزاز شودري، إن رئيس الوزراء نواز شريف «أعرب عن قلق باكستان العميق بشأن استمرار الهجمات الأميركية التي تشنها طائرات من دون طيار»، مشددا على أن «تلك الهجمات تعيق جهودنا لمكافحة الإرهاب والتطرف».

وشهدت العلاقات الثنائية توترا جديدا في أعقاب مقتل زعيم طالبان حكيم الله محسود في هجوم يعتقد أن طائرة أميركية من دون طيار نفذته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت باكستان إنه جرى استهداف محسود لتقويض محادثات السلام مع المسلحين.

وقال شودري إن شريف: «أكد مجددا دعم باكستان عملية السلام والمصالحة الأفغانية».

وأضاف المتحدث أن هيغل أقر بالجهود الباكستانية لدعم عملية مصالحة شاملة في أفغانستان.

يذكر أن قطع طرق الإمدادات لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان المجاورة، من جانب متظاهرين في إقليم بيشاور الباكستاني، أجج نيران التوتر بين إسلام آباد وواشنطن.

كان هيغل التقى القائد الأعلى الجديد للجيش الباكستاني، الجنرال رحيل شريف، في أول زيارة لوزير دفاع أميركي إلى البلاد منذ نحو أربع سنوات. ووصل هيغل إلى باكستان قادما من أفغانستان، حيث دعا المسؤولين هناك إلى توقيع اتفاقية أمنية مهمة بين البلدين قبل نهاية العام الحالي.