واشنطن ولندن توقفان المساعدات لـ «المجلس العسكري» المعارض.. وأنقرة تقفل الحدود

بعد سيطرة كتائب إسلامية على مناطق واسعة في الشمال السوري

TT

انعكست التطورات الميدانية الأخيرة في شمال سوريا، وقفا فوريا للمساعدات الأميركية والبريطانية «غير الفتاكة» الموجهة إلى المعارضة السورية، بعد سيطرة «الجبهة الإسلامية» على مناطق واسعة كان يسيطر عليها «الجيش السوري الحر»، وآخرها معبر «باب الهوى» على الحدود مع تركيا التي ردت بدورها بإغلاق الحدود. وقال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن الإقفال «إجراء احترازي مؤقت». وأوضح المصدر أن السلطات التركية تراقب الوضع في المنطقة بشكل وثيق، وهي تدرس الإجراءات الواجب اتخاذها.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت أمس عبر سفارتها في أنقرة تعليق تقديم مساعدات غير قاتلة لكتائب المعارضة السورية في شمال البلاد، إثر استيلاء «الجبهة الإسلامية» على مستودعات أسلحة تابعة للجيش السوري الحر. وقال الناطق باسم السفارة تي جي غروبيشا إنه «وبسبب هذا الوضع علقت الولايات المتحدة تسليم أي مساعدة غير قتالية لشمال سوريا»، موضحا أن «المساعدات المحض إنسانية لا يشملها هذا القرار، لأنها توزع عن طريق منظمات دولية وغير حكومية».

وسرعان ما انضمت بريطانيا إلى الإجراء الأميركي، فأعلنت أنها علقت المساعدات غير الفتاكة للمعارضة السورية. وصرح متحدث باسم السفارة البريطانية في أنقرة لوكالة الصحافة الفرنسية: «ليست لدينا أية خطط لتسليم أية معدات طالما بقي الوضع غير واضح».

وكانت «الجبهة الإسلامية» وهي أكبر تجمع لقوى إسلامية مسلحة في سوريا قد سيطرت مطلع الشهر الحالي على مقار تابعة لهيئة الأركان في الجيش الحر، وبينها مستودعات أسلحة، عند معبر باب الهوى بعد معارك عنيفة بين الطرفين، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

ووصف المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش الحر، لؤي المقداد، القرار الأميركي بـ«المتسرع» مطالبا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الولايات المتحدة الأميركية بالعدول عنه. وكشف المقداد عن «إجراء اتصالات بين أطراف في المعارضة بين الخارجية الأميركية لتقريب وجهات النظر حول قرار تعليق المساعدات». وسأل المقداد: «إذا كان قرار تقديم المساعدات الأميركية غير القاتلة التي اقتصرت على مواد إغاثية وبعض التجهيزات، قد استلزمت عدة شهور فكيف يمكن أن يأخذ قرار إلغائها عدة ساعات؟». ولفت المقداد إلى أن «الشعب السوري بحاجة إلى هذه المساعدات لا سيما مع دخول فصل الشتاء»، مجددا «مطالبته بالعدول عن القرار».

وأشار إلى أن «قيادة الأركان تقدر مخاوف الأميركيين بخصوص سوء الفهم القائم بين فصائل المعارضة»، مشددا في الوقت نفسه على أن «جميع نقاط الخلاف قابلة للحل». وأوضح المقداد أن «الاجتماعات مستمرة بين اللواء سليم إدريس وقيادات الجبهة الإسلامية»، مؤكدا «عدم وجود مشكلات تذكر بين الطرفين».

وتصاعد التوتر بين الجبهة الإسلامية التي نشأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقيادة الجيش الحر، بعد أربعة أيام من إعلان الجبهة انسحابها من هيئة الأركان، في انشقاق جديد بين الفصائل المقاتلة ضد النظام السوري.

وقلل عضو «الائتلاف الوطني المعارض» ميشيل كيلو من أهمية القرار الأميركي على الصعيد اللوجيستي، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المساعدات الأميركية لم تكن ذات أهمية على الصعيد العسكري، إذ اقتصرت على أجهزة الاتصالات التي يمكن شراؤها من أي مكان».

وتشير الخطوة الأميركية، بحسب كيلو إلى «قيام واشنطن بإعادة النظر بموقفهم من الجيش الحر الذي رفضوا تسليحه حتى بات الإسلاميون العنصر العسكري الأقوى في المشهد الميداني».

ورغم اعترافه بضعف كتائب الجيش الحر ونفاد ذخيرتها، أشار كيلو إلى أن «هذا الجيش ما زال يمتلك بعض الإمكانيات إضافة إلى الإرادة الوطنية، مما يجعله قادرا على إنقاذ الثورة من السقوط في صراع بين النظام والقوى الأصولية».

وعبر كيلو عن خشيته من أن يختار الأميركيون الوقوف إلى جانب النظام ضد الأصوليين، مشددا على أن «المقصود بالنظام ليس الأسد، لأن الأخير راحل لا محالة وإنما القوى العسكرية القادرة على البطش بالإسلاميين».

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلنت في 13 يونيو (حزيران) الماضي تقديمها مساعدة عسكرية مباشرة إلى المعارضة السورية، لكن الخطة تعطلت بسبب اعتراضات من كل من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس.