في الذكرة العاشرة لاعتقاله.. إرث صدام لا يزال يخيم ثقيلا على العراق

البيروقراطية والفساد وسوء الخدمات تنخر في جسد الدولة.. والعنف في تصاعد

TT

حتى بعد مرور عقد على اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين، الذي أعدم عام 2006، لا يزال إرثه، من حروب وقمع وعقوبات، يلقي بظلال ثقيلة على بلاد تتقاذفها الصراعات الدامية منذ أعوام.

وفي حين يكتسب العراق يوما بعد يوم دورا أكبر في الاقتصاد العالمي والدبلوماسية الإقليمية، فإن النمو البطيء، والبيروقراطية التراتبية، والفساد، وهي عوامل ظللت عهد صدام، بقيت تنخر في جسد الدولة التي تحاول إعادة بناء نفسها منذ انهيارها في عام 2003.

وعلى مدار السنوات الماضية، انخفض مستوى الخدمات العامة وسط صراعات سياسية متواصلة، وازدادت كذلك معدلات البطالة والفساد، في وقت يشكو المكون السني من التهميش في ظل النظام الجديد. ويقول ايهم كمال المحلل في مجموعة «يورواسيا» ومقرها لندن لوكالة الصحافة الفرنسية «ما المعادلة الجديدة للتوافق الاجتماعي؟ الكثير من السنة يرون أن هناك ضرورة للتغيير» والتخلي عن الصورة التي يعتمدها البعض تجاه السنة بسبب حكم صدام. ويرى كمال أن العراق بحاجة إلى مزيد من تقاسم السلطة، وإلى توجيه رسالة جامعة بأن الصراع والتوترات التي كانت بين السنة والشيعة في عهد صدام حسين، انتهت، ويجب المضي في طريق جدي، مستدركا «أنها مسألة بعيدة المدى».

واعتقلت القوات الأميركية صدام حسين في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2003 داخل حفرة في مزرعة قرب ناحية الدور (140 كلم شمال بغداد). ووصف مسؤولون عراقيون وأميركيون اعتقال صدام حينها بنقطة التحول في الحرب الطويلة، معتبرين أن عملية التوقيف هذه ستشكل ضربة حاسمة ضد التمرد الذي كانت قد بدأت تظهر بوادره على الأرض.

غير أن العنف بقي يتصاعد بشكل متواصل، وبلغ أوجه خلال عامي 2006 و2007 حين قتل وفقد عشرات الآلاف جراء العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد، قبل أن يبدأ بالانخفاض تدريجيا في عام 2008.

ورغم تراجعها لأشهر طويلة، عادت وتيرة الاضطرابات مرة أخرى للتصاعد هذا العام، بمشاركة فعالة من قبل أنصار صدام، بسبب السخط المتصاعد ضد الحكومة وتزايد التظاهرات السنية المعارضة لرئيس الوزراء نوري المالكي والمستمرة منذ نحو عام.

وقال بشار حنا (40 عاما) الذي يعمل مترجما إن «تغييرات حدثت خلال العقد الماضي زرعت الأمل بين الناس حيال إمكانية التمتع بحياة أفضل». وأضاف متحدثا في شارع السعدون وسط بغداد «لكن لسوء الحظ، لم تحقق التغييرات مطالب الناس».

ورغم الأموال الطائلة التي يحصلها العراق جراء مبيعاته الضخمة من النفط، تعاني البلاد من نقص في الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والنظيفة، وكذلك شبكات الصرف الصحي العاجزة عن تصريف مياه الأمطار. وبينما تزايد إنتاج النفط، وسط توقعات كذلك بارتفاع معدلاته في العام المقبل، بقي القطاع الصناعي في مكانه من دون أن يساهم في معالجة معدلات البطالة المرتفعة منذ عدة سنوات.

ويشكو كثير من العراقيين من عدم توزيع إيرادات البلاد بشكل عادل، وعمليات الكسب غير المشروع والفساد المستشري الذي جعل من العراق سابع أكثر دول العالم فسادا، وفقا لآخر تقارير منظمة الشفافية الدولية.

ويرى المحلل السياسي إحسان الشمري أنه «بعد 10 سنوات، ما زال كل شيء معطلا»، مضيفا «للأسف، دفع ذلك كثير من العراقيين إلى مقارنة إنجازات النظام السابق من الناحية الأمنية والتحسن النسبي في الخدمات، مع تلك التي يشهدها العراق إبان النظام الديمقراطي» الحالي.

في مقابل ذلك، يؤكد مسؤولون ومؤيدون للحكومة تحقيق خطوات فعلية على طريق ترسيخ حرية الرأي وممارسة الشعائر الدينية، مقارنة بزمن الرئيس المخلوع صدام حسين. ويقول النائب سامي العسكري «هناك تغييرات كبيرة في العراق مقارنة بأعوام 2002 و2003: الحرية والديمقراطية والعمل والاقتصاد وأشياء أخرى». ويتابع «ليس من السهل نقل مجتمع من ظل نظام إلى ظل نظام آخر».