كتائب «متشددة» و«إسلامية» و«مستقلة» تنازع الجيش الحر على دوره القيادي

الكردي: ضعفه سببه عدم وجود آيديولوجيا محددة سوى إسقاط النظام

TT

يفقد «الجيش السوري الحر» تدريجيا دوره في الصراع العسكري المستمر في سوريا، مع تمدد المقاتلين الإسلاميين وسيطرتهم على معظم المناطق «المحررة». وتتقاسم تنظيمات أصولية على غرار «داعش» و«النصرة» مع فصائل «الجبهة الإسلامية» السيطرة على مناطق شرق وشمال سوريا، حيث هاجم مقاتلون تابعون للجبهة أخيرا مقرات «الحر» ومخازن سلاحه عند معبر باب الهوى على الحدود التركية، ما دفع الدول الغربية إلى تعليق مساعداتها «غير القاتلة» التي كانت تصل إلى بعض المجموعات التابعة لهيئة أركان «الجيش الحر» التي يرأسها اللواء سليم إدريس.

ويعزو نائب «الجيش السوري الحر» الأسبق العقيد المنشق مالك الكردي ضعف الجيش الحر إلى «عدم وجود آيديولوجيا محددة سوى إسقاط النظام»، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الأمر سمح بوجود آيديولوجيات متعددة على أساس إسلامي متشدد». ويشير إلى «دعم إقليمي كبير تلقته هذه الآيديولوجيات من قبل أطراف إقليمية، إضافة إلى أن النظام استفاد من وجودها لتسويق نفسه لدى الدول الغربية».

وبات «الجيش الحر» وفق توصيف الكردي، عبارة عن «مجموعات صغيرة متناثرة ومضطرة للعمل تحت نفوذ وسلطة المجموعات الإسلامية»، علما أن «الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة تستغل ضعف الجيش الحر لتعزز وجودها في المناطق الشرقية والشمالية التي ينعدم فيها وجود القوات النظامية».

وفي حين ينشط مقاتلو «جبهة النصرة» الذين يقدر عددهم بين 5 و7 آلاف مقاتل في إدلب وحلب ودير الزور، ينشط عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بشكل رئيس في المحافظات الشمالية والشرقية. وتمكن التنظيم من السيطرة على المجالس المحلية في حلب وإدلب والرقة.

وإضافة إلى «الدولة» و«النصرة»، ينتشر جيش «المهاجرين والأنصار»، وهو مجموعة تحوي المئات من المقاتلين الأجانب، الكثير منهم من منطقة شمال القوقاز، في مدن حلب وحماه.

وإلى جانب القوى الجهادية المنتشرة في «المناطق المحررة»، فإن الجبهة الإسلامية التي تضم أكبر تجمع عسكري إسلامي باتت تمتلك مساحات نفوذ واسعة على حساب الجيش «الحر». وتضم حركة «أحرار الشام الإسلامية» المنضوية في الجبهة 18 ألف مقاتل، يتوزعون على أربعة ألوية، إذ يتمركز «لواء الحق» في حمص، وكتائب «أنصار الشام» في إدلب، و«جيش التوحيد» في دير الزور، ولواء «مجاهدي الشام» في حماه. وتعتبر هذه الحركة الفصيل الأبرز في صفوف الجبهة، وتخضع لقيادة حسان عبود، الذي يعرف أيضا بأبي عبد الله الحموي. وقامت حركة «أحرار الشام» بإنشاء «الجبهة الإسلامية الكردية» عبر دعم ناشط إغاثي كردي من منطقة عفرين لتصبح هذه الجبهة التي تضم في صفوفها 1500 مقاتل امتدادا لها من الناحية العسكرية في المناطق الكردية. كما دعمت الحركة كتائب «أنصار الشام» بقيادة أبو محمد صليبة، التي تنشط في ريف إدلب، ويغلب عليها التوجه السلفي وتضم في صفوفها 3 آلاف مقاتل.

في موازاة ذلك، يحكم ألوية «صقور الشام» التابع للجبهة الإسلامية سيطرته على مناطق واسعة في منطقة جبل الزاوية من محافظة إدلب شمال غربي سوريا. ويقدر عدد مقاتلي هذه الألوية التي يقودها أحمد عيسى الشيخ بنحو 10 آلاف مقاتل.

ويعد «جيش الإسلام» التنظيم الأكثر شهرة بين مجموعات الجبهة ويقوده محمد زهران علوش، ويضم في صفوفه حسب التقديرات 30 ألف مقاتل يتركز وجودهم في مناطق الغوطة بريف دمشق وجبال القلمون، إضافة إلى مجموعات في إدلب وريف اللاذقية. وفي مدينة حلب، ينتشر «لواء التوحيد» الذي يسيطر على مناطق واسعة من ريفها، وقتل قائد هذا اللواء الذي يضم 10 آلاف مقاتل إثر غارة جوية على مكان وجوده في مدرسة المشاة.

وتحتضن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حمص مقاتلي «لواء الحق» الذي يقوده الشيخ أبو راتب الحمصي. ويعتبر من أكبر الفصائل المقاتلة في حمص ومركزه في المدينة القديمة، ويغلب عليه منحى الإسلام التقليدي، ويضم في صفوفه 4 آلاف مقاتل.

ولم يمنع تقاسم المساحات الميدانية التي كان يشغلها «الجيش الحر» بين المجموعات المتشددة و«الجبهة الإسلامية» من بروز جماعات مستقلة، إذ ظهرت «ألوية أحفاد الرسول» وهو تحالف يضم أكثر من 40 مجموعة إسلامية معتدلة تضم 9 آلاف مقاتل، لتحظى بحضور كبير في محافظة إدلب بعد قيام «دولة العراق والشام الإسلامية» بطرد مقاتليها من مدينة الرقة.

وتتمتع «لجنة دروع الثورة»، وهي عبارة عن تحالف عسكري يضم بضع مجموعات من الفصائل الخفيفة التسليح أغلبها في محافظتي إدلب وحماه، بدعم تنظيم «الإخوان المسلمين». وينشط «لواء شهداء اليرموك» في منطقة الحدود السورية الأردنية، وفي هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، حيث احتجز خلال شهري مارس (آذار) ومايو (أيار) الماضيين جنودا من قوات حفظ السلام كانوا يقومون بأعمال الدورية في المنطقة المنزوعة السلاح. وينتشر عدد من الوحدات تطلق على نفسها اسم «كتائب الوحدة الوطنية» في مختلف المناطق السورية لا سيما في منطقة جسر الشغور في محافظة إدلب، وفي منطقة جنوب دمشق، وفي جبل الزاوية، ودرعا، ودير الزور. وقد ذكرت التقارير، أن بعض مقاتلي «كتائب الوحدة الوطنية» ينتمون إلى الأقليتين الإسماعيلية والعلوية.