رئيس الوزراء الفرنسي وسبعة من وزرائه في زيارة رسمية للجزائر

رغبة من الطرفين في بناء علاقات أوثق وتلافي الملفات الخلافية

TT

تعيش العلاقات الفرنسية - الجزائرية حالة «شهر عسل» متواصلة، منذ الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل عام إلى الجزائر، والتي أرست أسسا جديدة يراد منها أن تعكس «العلاقات الشاملة، المتميزة والاستثنائية» بين الجانبين وبناء «مستقبل مشترك»، وفق ما جاء في إعلان الجزائر.

وتمثل الزيارة التي يقوم بها يومي الاثنين والثلاثاء رئيس الحكومة جان مارك أيرولت وسبعة من وزرائه ترجمة لهذا التوجه الذي سيشهد اجتماعا حكوميا مشتركا للوزراء من الطرفين ولقاءات متناظرة بين المسؤولين عن الجانبين. واللافت ضخامة الوفد الاقتصادي الذي سيرافق رئيس الوزراء الذي يضم عددا وافرا من رؤساء أو ممثلي كبريات المجموعات الفرنسية. ومن المقرر أن يشارك أيرولت ونظيره عبد الملك سلال في اختتام المنتدى الاقتصادي الفرنسي - الجزائري الذي من المنتظر أن يحضره ما يزيد على ستين رئيس ومدير شركة فرنسية فاعلة أو مهتمة بالسوق الجزائرية.

وقالت مصادر رئاسة الحكومة الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة من الاتفاقيات الحكومية والعقود غير الحكومية ستوقع بهذه المناسبة. وسيزور أيرولت والوفد المرافق مدينة وهران (غرب). وجاء في بيان صادر عن ديوان رئيس الحكومة الفرنسية أن هدف الزيارة «تعميق الحوار الثنائي، وتأتي تتمة» لزيارة الرئيس هولاند في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

وكان الرئيس هولاند استقبل يوم الخميس الماضي رئيس الحكومة الجزائرية الذي مثل الرئيس بوتفليقة في القمة الفرنسية - الأفريقية التي استضافتها باريس يومي الجمعة والسبت الماضيين، والتي ركزت في الشق الأمني والسياسي على ضرورة أن تتولى أفريقيا التكفل بمسائل الأمن والاستقرار فيها، فضلا عن تعبئة القدرات لمواجهة نمو الإرهاب في منطقة ما يسمى بلدان الساحل.

وكان الرئيس هولاند قد عين رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق جان بيار رافاران ممثلا شخصيا له موكلا بملف العلاقات الاقتصادية مع الجزائر. وبحسب الأخير الذي زار العاصمة الجزائرية مؤخرا، فإن «روحا من التعاون البناء» انطلقت بين الجانبين، وأن العديد من الملفات ستشهد تطورات إيجابية. وتمثل فرنسا المورد الأول للجزائر، فيما زادت مبادلات الطرفين للعام الماضي على 12 مليار يورو. بيد أن التقارب ليس اقتصاديا وتجاريا واستثماريا فقط، بل إن العلاقات السياسية تطورت كثيرا. ويتعاون الجانبان في الملفات الأمنية وتحديدا في موضوع الإرهاب، إذ تعمق العمل المشترك منذ الهجوم الذي تعرضت له منشآت عين أميناس الغازية جنوب الجزائر أوائل هذا العام بعد أيام قليلة من بدء العمليات العسكرية الفرنسية في مالي. وبعد أن كانت الجزائر «متحفظة» إزاء الرغبة الفرنسية في عمل عسكري، فإنها قبلت بفتح أجوائها أمام الطائرات الحربية الفرنسية، كما تعاونت مع باريس على صعد عسكرية أخرى.

ويتشارك البلدان في المخاوف المرتبطة بفلتان الحدود الليبية. بيد أن الجزائر قاطعت الاجتماع الذي استضافه المغرب مؤخرا والذي كرس لموضوع فرض السيطرة على الحدود الليبية التي يتم عبرها تهريب السلاح. ويفيض التعاون على المسألة الليبية ليشمل المنطقة الممتدة من موريتانيا إلى قلب أفريقيا عبر بلدان الساحل. ويبدو أن باريس والجزائر قررتا تعميق علاقاتهما بغض النظر عن ملف الصحراء الذي تقف فرنسا بشأنه إلى جانب المغرب الذي اقترح خطة لامركزية موسعة، بينما تستمر الجزائر في دعم جبهة البوليساريو.

أما في السياق السياسي الجزائري الداخلي فإن باريس، التي استضافت هذا العام الرئيس بوتفليقة في مستشفياتها، تلتزم الصمت المطبق إزاء ما يقال عن رغبة بوتفليقة في الترشح لولاية إضافية، كما كانت التزمت الصمت حول حالة بوتفليقة الصحية عند وجوده في باريس.