غموض الحوار السياسي في تونس يعزز التوقعات بفشله

الرباعي الراعي له نظم اجتماعا ضم سبعة أحزاب

TT

غلب الغموض على اجتماعات «الحوار السياسي» في تونس، حيث لم تعلن أي نتائج عن الاجتماعات، كما نظم الرباعي الراعي للحوار اجتماعا أمس ضم سبعة أحزاب كبرى هي حركة النهضة والجبهة الشعبية والتحالف الديمقراطي والمسار الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحركة نداء تونس، وتكتمت قيادات الرباعي عن الإعلان عن النتائج المحتملة لذاك الاجتماع.

من جهتها، دعت الجبهات النقابية الأحزاب لاتخاذ موقف وقرار نهائي بشأن الحوار بعد تواصل التباين فيما بينها. ويطرح أكثر من سيناريو سياسي بعد يوم غد (السبت)، من بينها تواصل الحال على ما هو عليه، وانتظار اقتراح صيغ جديدة للحوار، أو توقع الانزلاق في الفوضى والاحتجاجات الاجتماعية التي تدعمها القوى اليسارية والقيادات النقابية وتبررها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتأزمة.

وقبل يوم واحد من انتهاء مهلة العشرة أيام التي منحها الرباعي الراعي للحوار للأحزاب السياسية لإنهاء جلسات الحوار المتعثرة، لا تزال النتائج غائمة ولا يزال احتمال فشل الحوار أو الإعلان عن آلية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية الثالثة، مطروحا دون توصل حقيقي إلى مؤشرات إيجابية في الأفق.

ويطرح أكثر من سيناريو سياسي بعد يوم غد (السبت)، من بينها تواصل «الحال على ما عليه» وانتظار اقتراح صيغ جديدة للحوار، أو توقع الانزلاق في الفوضى والاحتجاجات الاجتماعية التي تدعمها القوى اليسارية والقيادات النقابية وتبررها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتأزمة.

وكانت جلسات الحوار قد علقت منذ الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد 10 أيام من انطلاقها لتمسك كل من الحكومة والمعارضة باسم مرشحها لتولي رئاسة الحكومة.

وتنتهي المهلة المحددة بعشرة أيام، منتصف يوم السبت 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتتوقع أحزاب المعارضة أن يكون هذا التاريخ بداية لموجة جديدة من الاحتجاجات مع اقتراب الذكرى الثالثة لاندلاع شرارة الثورة التونسية.

وفي هذا الشأن قال العجمي الوريمي، المكلف بالإعلام في حركة النهضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن حزب النهضة مع إنجاح الحوار بعد قطع أشواط مهمة على حد تقديره. وأشار إلى ضرورة «خفض الجناح» على حد قوله من قبل كل القيادات السياسية للخروج من المأزق الحالي. ولم ينف الوريمي عدم اقتناع بعض الأطراف السياسية المعارضة، بالإطار الحالي للحوار وبات يبحث عن مسارات جديدة. وقال إن حركة النهضة لا تزال مقتنعة بالحوار السياسي، وهي تنتظر تتويج خطوات الحوار من خلال الاتفاق على شخصية مستقلة لتولي رئاسة الحكومة. وعبر الوريمي في المقابل عن تمسك حزبه بتفعيل المسارات الثلاثة متمثلة في المسار الحكومي (رئيس حكومة جديد) والمسار التأسيسي (صياغة الدستور) والمسار الانتخابي (تشكيل هيئة الانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي وتحديد موعد ثابت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية). وبشأن إمكانية فشل الحوار، قال الوريمي إن كل الخطابات السياسية تصر على ضرورة الخروج من عنق الزجاجة ونحن في تونس ننتظر ترجمة تلك القناعات إلى أفعال حقيقية، على حد قوله.

ويخشى أكثر من طرف سياسي من مخاطر استغلال الاحتفالات بالذكرى الثالثة لاندلاع شرارة الثورة التونسية في سيدي بوزيد وسط تونس، في أعمال احتجاجية مضادة للحكومة. وكانت أكثر من ولاية (محافظة) تونسية قد شنت إضرابا عاما للمطالبة بالتنمية والتشغيل، وقف نقابات العمال وراء تلك المسيرات الاحتجاجية. وشملت قائمة المناطق المحتجة قفصة وقابس وسليانة وتوزر. ولا تزال مناطق تونسية أخرى مرشحة للدخول في موجة أخرى من الإضرابات معللة الأمر بأن المطالب التي قامت من أجلها الثورة لا تزال قائمة دون إشباع، بعد مرور ثلاث سنوات.

في غضون ذلك، دعت حركة نداء تونس التي يقودها الباجي قائد السبسي إلى تشكيل مجلس أعلى للحكم يتكون من راشد الغنوشي وحسين العباسي ووداد بوشماوي والباجي قائد السبسي لقيادة ما تبقى من المرحلة الانتقالية في ظل فشل الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة وعدم التوافق حول شخصية سياسية جديدة لرئاسة الحكومة. إلا أن هذا الاقتراح لم يحظ بالقبول وعارضته أحزاب الترويكا الحاكمة بزعامة حركة النهضة.

وفي هذا الشأن، قال عادل الشاوش القيادي في حركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيل مجلس أعلى للدولة قد يكون حلا مقبولا لتجاوز حالة الركود السياسي. وأضاف موضحا أن القيادة الجماعية للمرحلة المقبلة قد تجنب البلاد المزيد من التجاذب السياسي في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية.

وبشأن إمكانية الإعلان عن فشل الحوار يوم غد (السبت)، قال الشاوش إن الأمر وارد ولم تثبت «الرؤية» بعد، على حد قوله، ولكن المهم في هذا الظرف بالذات هو البحث عن أرضية مشتركة للحوار بعيدا عن النزعات الفردية والتجاذب السياسي السلبي، على حد تعبيره.

وفي صورة فشل الحوار بين الحكومة والمعارضة قال حمة الهمامي، المتحدث باسم الجبهة الشعبية المعارضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبهة الشعبية ستسعى إلى تهدئة الأوضاع الاجتماعية والابتعاد عن أساليب تخويف التونسيين. وأضاف موضحا «لدينا ثقة في التونسيين، فهم تعودوا على النضال السلمي من أجل نيل حقوقهم»، على حد تعبيره. واكتفى بالقول، إن الجبهة الشعبية المتجذرة في الطبقات الكادحة لا يمكنها عمليا الاعتراض على التحركات الشعبية. وقال أيضا: «ليس لدينا حاليا أي أداة للنضال غير النضال السلمي المدني الواسع».

ونفى الهمامي مسؤولية المعارضة عن تعطيل الحوار، وقال إن النهضة دخلت الحوار بمنطق تحديد موعد وطريقة مقبولة للخروج من الحكم. وعد أن لب المشكلة القائمة في جلسات التشاور الحالية يكمن صلاحيات الحكومة المقبلة وطبيعة مهامها، واقر بوجود خلاف جوهري مع حركة النهضة حول دعوتها إلى «حكومة انتخابات» تنفذ، على حد قوله، برامج الحكومة الحالية وتعود بها سريعا إلى الحكم.