ليبيا تطالب مصر مجددا بتسليم «رجال القذافي» الهاربين

مسؤول اعترف بأخطاء حكومية وراء أزمة نقص الوقود في طرابلس

TT

بعد أقل من 24 ساعة على نفيه اعتزام بلاده قطع العلاقات مع مصر، أعرب علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا عن انزعاجه من ظهور أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد الراحل معمر القذافي، في إحدى المحطات التلفزيونية الخاصة في مصر، بعدما قضت محكمة مصرية ببراءته من تهمة الاعتداء على قوات مصرية كانت بصدد اعتقاله العام الماضي.

وقال زيدان عقب لقائه مع محمد أبو بكر، السفير المصري في العاصمة الليبية طرابلس، مساء أول من أمس: «هذا الشخص (قذاف الدم) يشكل مصدر قلق وإزعاج للدولة الليبية، ورجوت السفير أن ينقل للأشقاء في مصر انزعاج الشعب الليبي وانزعاج الجميع منه، وأن ينقل إليهم الرغبة الأكيدة بتسليم كافة عناصر النظام السابق الموجودة في مصر».

وتعهد زيدان في بيان بتوفير «محاكمة عادلة، واعتقال في ظروف وفق المواثيق الدولية واحترام لحقوق الإنسان، كما هو الحال الآن لعناصر النظام الموجودة»، مشيرا إلى أن الدكتور البغدادي المحمودي رئيس اللجنة الشعبية العامة الأسبق (رئيس آخر حكومة في عهد القذافي) في السجن، ويعامل معاملة حسنة وفي وضعية جيدة.

وتابع: «ستطالهم العدالة دون ظلم ولا غبن لأي منهم، وكذلك من هم موجودون بمصر والنيجر والدول الأخرى إذا جاءوا لليبيا.. سيقدمون للعدالة في ظروف عدلية موضوعية». وتمنى زيدان على «مصر الشقيقة الجارة أن تأخذ الأمر بمأخذه، وتراعي مشاعر الليبيين حيال هؤلاء الناس الذين ساهموا في يوم من الأيام في تدعيم نظام الظلم في ليبيا».

ولفت إلى أنه تحدث هاتفيا مع رئيس الحكومة المصرية الدكتور حازم الببلاوي قبل اجتماعه مع السفير المصري بطرابلس، مضيفا: «جاءت المكالمة بسرعة حتى قبل أن يأتي السفير، وهذا دليل على الاهتمام، ودلالة على أن الحكومة المصرية تنظر للموضوع بجدية، فنأمل أن تترجم هذه الجدية في إجراءات وفق القانون والتعامل مع الأشخاص الموجودين في مصر، والذين يمارسون أنشطة سياسية ضد الدولة الليبية من هناك.. وهو أمر مرفوض».

وقال زيدان: «نحن نرفض أن يهدد أمن مصر من أي شخص في ليبيا، وأي شخص يهدد أمن مصر سوف لن نتساهل بالمطلق حيال هذا الموضوع. وأيضا نتمنى من أشقائنا بمصر ألا تكون ساحة لزعزعة الاستقرار والأمن بليبيا، سواء بالنشاط السياسي أو الإعلامي أو الأمني أو الاستخباري، لأن أنشطة هؤلاء الناس كثيرة وتصلنا معلومات حولها وهي غير عادية».

وأوضح أنه نقل للسفير المصري ما وصفه بانزعاج المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وانزعاج رئيسه نوري أبو سهمين، وانزعاج الحكومة من الأمر.. مضيفا: «ونأمل ألا نسمح سويا من جانبنا نحن ومن جانب مصر بإحداث أي أمر من شأنه أن يسيء للعلاقة أو يؤثر عليها».

وتابع: «نحن نقول دائما مصر عزيزة علينا في قلوبنا ووجداننا، وهي الجارة التي نتمنى دائما، ونرجو ونحرص على أن تكون العلاقة بيننا وبينها في أتم ما يمكن وأكمل ما يمكن وأجمل ما يمكن.. فهي مصر العزيزة ولن نفرط فيها بأي حال من الأحوال، ونأمل من إخوتنا من مصر أن يكون لهم نفس الشعور».

يشار إلى أن محكمة جنايات القاهرة برأت ابن عم القذافي وأحد أقرب مساعديه السابقين من تهم الشروع في قتل رجال أمن ومقاومة السلطات، وحيازة أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص.

وبثت قناة فضائية مصرية خاصة مقابلة دامت بضع دقائق مع قذاف الدم، وصف فيها الأوضاع في ليبيا بالفوضى، بعدما أطلقت السلطات المصرية سراحه حيث اعتقل في شهر مارس (آذار) الماضي بعد أن طالبت السلطات الليبية القاهرة بتسليمه لها لاتهامه بـ«تزوير مستندات».

إلى ذلك، اعترف ناصر الكريو رئيس لجنة أمن واستقرار العاصمة الليبية طرابلس أن سبب تفاقم أزمة الوقود في المدينة هو بطء تعاطي الحكومة مع هذه الأزمة، مؤكدا أن الحكومة أدركت خطأها وبدأت في التعاطي معها من خلال جهود جدية لحلها.

وأوضح في مؤتمر صحافي، عقده أول من أمس، أن مجلس طرابلس المحلي يتابع مع الشركات النفطية والجهات المعنية موضوع هذه الأزمة، مشيرا إلى أن المجلس سيدعم الخطط، وسيسعى لتغطية أي نقص قد يظهر في خطة الحكومة. ودعا الكريو أهالي العاصمة لمساعدة قوات الشرطة والجيش لمكافحة الظواهر السلبية التي قد تحدث في محطات الوقود.

وعلى الرغم من نشر قوات أمنية وعسكرية لتأمين محطات الوقود، فإن مواطنين في طرابلس قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن معظم محطات ضخ الوقود تعرضت للسرقة والتخريب بشكل ممنهج، مما ضاعف من حدة الأزمة التي دخلت أسبوعها الثاني على التوالي.

وكان زيدان اتهم خصومه السياسيين بمحاولة إسقاط حكومته، التي تولت المسؤولية منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عبر افتعال أزمات وإحداث ما وصفه بـ«حالة ربكة وتوتر في الشارع الليبي».

من جهته، دعا تجمع نقابات واتحادات طرابلس إلى دعم الحراك الوطني بطرابلس والتظاهر سلميا بميدان الشهداء للمطالبة بفك الحصار على الحقول والموانئ النفطية. وكان حراك «شهداء الخامس عشر من نوفمبر» دعا لمظاهرات في كامل مدن ليبيا أمس تحت عنوان «جمعة تحرير النفط»، للمطالبة بإنهاء حصار موانئ وحقول النفط في شرق ليبيا المستمر منذ أكثر من أربعة أشهر.