رباعي الوساطة في تونس يعود إلى طاولة الحوار الأربعاء

جبهة الإنقاذ تجد لها موقعا في المعارضة قبل تشكيل الحكومة الجديدة

TT

لم يحظ ترشح المهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية الجديد، بتوافق كلي بين الحكومة والمعارضة التي قالت بعد فترة قصيرة من إعلان اسمه إنه «مقرب من حركة النهضة»، وإنه ينتمي إلى حكومة «الترويكا». ورفضت سبعة أحزاب معارضة المشاركة في التصويت، وهو ما يجعل جبهة الإنقاذ تبقى في خانة معارضة الحكومة المقبلة قبل تشكيلها.

وتنتظر الطبقة السياسية يوم الأربعاء 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي لعودة رباعي الوساطة إلى طاولة الحوار، ومن ثم من المتوقع الإعلان الرسمي عن موعد استقالة حكومة علي العريض وبداية تشكيل الحكومة الجديدة. وأعلنت حركة نداء تونس أمس أنها ستحدد موقفها النهائي من ترشح جمعة لتولي رئاسة الحكومة يوم الخميس المقبل.

وحسب وثيقة خارطة الطريق المتفق عليها منذ الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن حكومة «الكفاءات» ستكون محدودة العدد، ولن تتجاوز حدود 15 إلى 20 حقيبة وزارية على الأكثر، وأن تلتزم بعدم ترشح أعضائها إلى الانتخابات المقبلة. وحددت الوثيقة المدة الزمنية لإعلان تركيبة الحكومة الجديدة بأسبوعين من تاريخ تكليفها بصفة رسمية.

ولخفض درجة التوتر السياسي، سارع الحسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، إلى القول إن التصويت لصالح رئيس الحكومة الجديد «لا يعني منح الحكومة صكا على بياض»، وقال إنها مطالبة باحترام وثيقة خارطة الطريق، والالتزام بتطبيقها بالإضافة إلى البقاء على نفس المسافة مع كل الأحزاب السياسية وتهيئة البلاد للمحطات الانتخابية المقبلة.

وواصل حمة الهمامي، أحد قادة المعارضة، موقفه الرافض لعملية التصويت، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من حيث المبدأ نحن لن نقبل برئيس حكومة قادم من حكومة فاشلة وبطريقة تصويت عرجاء ومغشوشة». وأضاف أن «جبهة الإنقاذ المعارضة ستدخل بداية الاجتماع المقبل لتحديد موقف نهائي من الحكومة الجديدة».

وخلافا لأحزاب المعارضة، أثنى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، على رئيس الحكومة الجديد، وقال: «المهدي جمعة عرف بنظافة اليدين والنزاهة والاستقلالية». وأضاف: «هو فارس حل محل فارس آخر»، في إشارة إلى علي العريض.

ولا تعترف حركة النهضة باتهامات الفشل التي توجهها لها المعارضة، وعملت طوال الفترة الماضية على تجنب إعادة السيناريو المصري في تونس، وسعت حسب متابعين للشأن السياسي في البلاد إلى تنفيذ ما يشبه «الانقلاب الناعم» على الحكومة القائمة بشرط البقاء ضمن أهم مكونات الساحة السياسية التونسية.

ولن تجد الحكومة الجديدة الطريق سالكا بل ستواجه مجموعة من العراقيل والصعوبات ذات الطابع السياسي (تشرذم الطبقة السياسية) والأمني (تنامي الإرهاب) والاجتماعي والاقتصادي (مئات الآلاف من العاطلين عن العمل).

وستعاني قريبا من امتناع تحالف الجبهة الشعبية المعارضة بقيادة الهمامي عن التصويت على رئيس الحكومة الجديد، واعتراض الحزب الجمهوري بزعامة أحمد نجيب الشابي، وحركة نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي على طريقة اختيار المرشح لرئاسة الحكومة، إضافة إلى تعطل مشاريع التنمية والتشغيل وتعطش الفئات الفقيرة لجني ثمار الثورة بعد ثلاث سنوات من إسقاط نظام زين العابدين بن علي.

وقال قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن النجاح في اختيار مرشح لرئاسة الحكومة لن ينهي الأزمة العميقة التي تمر بها تونس. ودعا إلى إجراء إصلاح جذري على مسار جلسات الحوار حتى لا تسقط في نفس التجاذب بشأن المسار التأسيسي (صياغة الدستور) والمسار الانتخابي (تشكيل الهيئة العليا للانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي، إضافة إلى تحديد موعد نهائي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية).

وكان الفرقاء السياسيون قد توافقوا أول من أمس بعد تسع ساعات من الجدل المتواصل، على ترشيح جمعة (وزير الصناعة في حكومة علي العريض) لتولي رئاسة الحكومة التونسية، بواقع تسعة أصوات مقابل صوتين فحسب لجلول عياد (وزير المالية الأسبق)، بينما استبعد كل من محمد الناصر (وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة قائد السبسي)، وهو مرشح جبهة الإنقاذ، وأحمد المستيري (المعارض لنظام الراحل الحبيب بورقيبة) المدعوم من حركة النهضة في آخر لحظة، ورفض مصطفى الفيلالي (وزير الفلاحة في أول حكومة بعد الاستقلال البالغ من العمر 92 سنة) تولي المهمة.