الحزب الحاكم في أوكرانيا يطالب بتعديل وزاري واسع

أشتون: مخاوف كييف بشأن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يمكن تجاوزها

TT

طالب نواب حزب المناطق الحاكم في أوكرانيا، أمس، رئيس الوزراء ميكولا أزاروف بتعديلات وزارية كبيرة في الحكومة، بسبب الأزمة السياسية الخطيرة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وقد أثار قرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش بإلغاء اتفاقات مهمة مع الاتحاد الأوروبي، الشهر الماضي، وبعد ذلك استخدام الشرطة القوة ضد المتظاهرين في أكبر مظاهرات تشهدها هذه الدولة السوفياتية السابقة منذ الثورة البرتقالية المطالبة بالديمقراطية في عام 2004.

وقدم يانوكوفيتش كثيرا من التنازلات، حيث أقال مسؤولين كبيرين بسبب العنف الذي استخدمته الشرطة، وأعلن عفوا عن متظاهرين موقوفين في محاولة لنزع فتيل التوتر. لكن المعارضة المطالبة بالتقارب مع الاتحاد الأوروبي رأت هذه الإجراءات غير كافية. وتطالب باستقالة رئيس الوزراء ميكولا أزاروف وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.

وقالت النائبة أنا غيرمان، أمس، في ختام لقاء بين عدد من النواب ورئيس الوزراء: «طلبنا من أزاروف تعديلا يشمل 90 في المائة من الحكومة». وتابعت أن «أزاروف قال إنه سيبلغ الرئيس اليوم بموقف الكتلة البرلمانية وسيجري استخلاص العبر»، مشيرة إلى أن النواب لم يطلبوا استقالة رئيس الوزراء. وقال ممثل الرئيس في البرلمان يوري ميروشنيشنكو للصحافيين إنه يجب اتخاذ «خطوات حاسمة» لحل المشكلة. واقترح أزاروف إنشاء مجموعة عمل لكن لا يزال يجب إنجاز تفاصيل أي تعديل وزاري كما أضاف ميروشنيشنكو. ويأتي هذا الإعلان بعد انهيار أول محادثات مباشرة بين الرئيس الأوكراني والمعارضة، الجمعة. وأول من أمس، نزل نحو 300 ألف متظاهر إلى وسط كييف، على الرغم من الصقيع، لمطالبة الحكومة بتوقيع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. ونظمت السلطات مظاهرة مضادة ضمت آلاف الأشخاص من مختلف المناطق.

وتنظم المعارضة مظاهرة كبرى أخرى اليوم فيما دخلت حركة الاحتجاج أسبوعها الرابع. وسيبحث الرئيس الأوكراني اتفاقية شراكة استراتيجية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال المسؤول في الكرملين أندريه بيلوسوف للصحافيين قبل المحادثات المرتقبة إن روسيا يمكن أن تمنح أوكرانيا قرضا تحتاجه بشدة.

وتواجه السلطات الأوكرانية أزمة سياسية كبرى منذ أن رفض يانوكوفيتش في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي كان مقررا منذ زمن طويل, لحساب التقارب مع روسيا. وحمل هذا القرار مئات آلاف الأوكرانيين المؤيدين لأوروبا إلى النزول إلى الشارع في حركة احتجاجية مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وبينما تؤكد السلطات الأوكرانية أنها لم تتخلّ نهائيا عن إبرام اتفاق الشراكة هذا, رأى يانوكوفيتش الجمعة خلال مفاوضات مع المعارضة أن الاتفاق أُعدّ بشكل يخالف المصالح الوطنية، وأنه سيجري إبعاد المسؤولين الأوكرانيين عن هذه المفاوضات. ويقول المحللون إن أي خيار سيؤدي إلى انقسام إضافي في البلد بين مؤيدي التقارب مع الاتحاد الأوروبي والناطقين بالروسية المطالبين بتحالف مع موسكو.

وقال النائب من المعارضة بوريس تاراسيوك خلال مظاهرة الأحد «في 17 ديسمبر (كانون الأول) يغادر يانوكوفتيش إلى موسكو، حيث يعتزم توقيع اتفاق مقابل إنقاذ مصيره السياسي». من جهته قال بودغان باران عامل البناء من مدينة لفيف (غرب) أثناء وجوده مع المتظاهرين في وسط كييف: «لدي شعور بأن يانوكوفيتش لا يصغي إلى الشعب ولا يريد سماع الاتحاد الأوروبي وكل الانتباه الذي يوليه الاتحاد لنا».

وقد أكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم، أمس، في بروكسل، رغبة أوروبا في التوصل إلى اتفاق شراكة، لكنهم أكدوا أن الكرة في ملعب كييف. وقال وزير خارجية السويد كارل بيلت: «إذا كانت هناك رسالة واضحة من كييف, فنحن مستعدون للتوقيع».

وأعلنت المفوضة الأوروبية العليا للسياسة الخارجية والأمن كاثرين أشتون، أن كل مخاوف أوكرانيا بشأن توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يمكن تجاوزها، مؤكدة أن ما يجري في أوكرانيا لن يؤثر سلبا في علاقات الاتحاد مع روسيا. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن أشتون إشارتها للصحافيين قبيل انعقاد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ببروكسل، أمس، إلى أنها بحثت خلال لقائها مع الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش مخاوفه على المدى القصير، التي حالت دون توقيعه اتفاقية الشراكة، قائلة: «يمكن العمل على إزالة هذه المخاوف».

وأضافت أنه يمكن حل بعض المشكلات بهذا الشأن من خلال دعم الاتحاد الأوروبي وإزالة غيرها من المخاوف، عبر المؤسسات المالية والقطاع الخاص، منوها بأن ذلك أمر ممكن. وفي وقت متأخر، أول من أمس، التقى يانوكوفيتش السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين، وأكد له أن مسيرة أوكرانيا نحو الاندماج الأوروبي لم تتغير، كما قال مكتبه. ونزل ماكين أول من أمس إلى وسط كييف، والتقى مع قادة المعارضة، وكذلك ابنة رئيسة الوزراء السابقة التي تقضي عقوبة سجن يوليا تيموشنكو.