جنوب السودان يعلن اعتقال 10 قياديين واستمرار مطاردة «الثلاثة الكبار»

هدوء حذر في جوبا بعد 120 قتيلا و10 آلاف لاجئ في مقر الأمم المتحدة

مواطنون مدنيون يلجأون إلى بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان قدرت أعدادهم بنحو 10 آلاف شخص (أ.ب)
TT

فيما استمر سماع أصوات النيران في عاصمة جنوب السودان صباح أمس، عقب يوم واحد من إعلان رئيسها سلفا كير ميارديت فشل محاولة انقلابية، نفت الحكومة أن يكون القتال تجدد في جوبا، مشيرة إلى أن إطلاق النار كان خارج المدينة خلال مطاردة القوات المسلحة لمن وصفتهم بالمجرمين.

وبينما استمر اختفاء نائب الرئيس السابق رياك مشار، الذي اتهمه كير بالوقوف وراء محاولة الانقلاب، نفت الحكومة علمها بمكانه أو مكان الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان أموم، وكذلك وزير البيئة السابق الفريد لادو قوري، معلنة عن استمرار مطاردتهم، بينما جرى اعتقال 10 آخرين من القيادات والوزراء السابقين.

وأشارت مصادر من داخل جوبا، طلبت حجب هويتها لدواع أمنية، لـ«الشرق الأوسط» إلى تجدد عمليات إطلاق النار بكثافة في الساعات الأولى من صباح أمس داخل معسكرات جيش جنوب السودان في العاصمة بين الأطراف المتنازعة. وقالت المصادر، إن «أصوات الرصاص كانت تسمع في حي العمارات القريب من مقر رئيس الدولة كير».

في غضون ذلك، حثت حكومة الولايات المتحدة جميع الأميركيين في جوبا على الرحيل فورا، كما حذرت مواطنيها من التوجه إلى جنوب السودان. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان لها، إنها أمرت برحيل أفراد الحكومة الأميركية - غير الضروريين - من سفارتها بجنوب السودان بسبب الاضطرابات السياسية والاجتماعية الجارية. وأوضحت الخارجية أن البعثة الدبلوماسية في جوبا «ستوقف عملياتها الحالية في الوقت الراهن».

وقالت ماري هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «نحن منزعجون من اندلاع الصراع في جنوب السودان، وندعو القادة لتهدئة الأوضاع، ونحثهم على حل المشاكل بالطرق السلمية واحترام دور القانون. ونؤكد وقوفنا مع شعب جنوب السودان»، وأشارت إلى محادثات مع القادة السودانيين بالحكومة.

وامتنعت هارف عن توصيف الصراع بما إذا كان انقلابا أم لا، وقالت: «لا نستطيع تحديد أسباب اندلاع الصراع، ولا نستطيع توصيف الموقف. ومستمرون في مراقبة الوضع، ويبدو أن العنف متمركز في جوبا».

من جانبها، أكدت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أمس أنها استقبلت نحو 10 آلاف لاجئ فار من الاضطرابات في جوبا، في مقرها القريب من مطار العاصمة. لكن الحكومة وجهت نداء إلى جميع النازحين بالعودة إلى ديارهم، وناشدت العاملين في الدولة وأصحاب المحال التجارية والشركات، خصوصا العاملة في توزيع المياه استئناف أعمالهم فورا لتأكيد عودة الحياة إلى طبيعتها.

من ناحية أخرى، أعلن رجال دين مسيحيون بارزون في جوبا عن تطوعهم لـ«التوسط» بين الأطراف المتنازعة، وناشدوا الجيش بوقف التعامل على أساس عرقي في النزاع الحادث، معتبرين أن «تقسيم الناس على أساس عرقي سيقود البلاد إلى حرب جديدة هي في غنى عنها».

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط» عودة الهدوء إلى جوبا، موضحا أن أصوات إطلاق النار أمس كانت نتيجة لمطاردات محدودة للقوات للسياسيين الذين يديرون الانقلاب - على حد وصفه.

ونفى الوزير بشدة أن تكون تلك «الأصوات» ناجمة عن «تجدد القتال» سواء في العاصمة أو أي مكان آخر في الدولة. وقال إن «وزيري الدفاع والداخلية أصدرا تعليماتهما للقوات بالعودة إلى معسكراتهم فورا، وأن يستمر انتشار الشرطة لحفظ الأمن داخل المدينة». وكشف أن وزير الداخلية سيتقدم بتقرير يوضح فيه أسماء من جرى اعتقالهم لتورطهم في المحاولة الانقلابية، وقال: «ليس لنا علم بمكان رياك مشار أو باقان أموم».

من جهته، أعلن وزير الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مايكل مكوي رسميا أن السلطات ألقت القبض على 10 من المتهمين في الانقلاب، وهم قيادات في الحزب الحاكم. وقال، إن «المعتقلين هم وزير مجلس الوزراء السابق دينق الور، ووزير الدولة للدفاع السابق دكتور مجاك أقوت، ووزير الأمن السابق واياي دينق أجاك، ووزير الشباب والرياضة السابق شرينو تينيق، ووزير الطرق والجسور السابق قيير شوانق، ووزير المالية السابق كوستي مانيبي، والسفير إيزيكيل قاركواث، وحاكم ولاية الوحدة السابق تعبان دينق، وحاكم البحيرات السابق شوق تونق، والقائد مادوت بيار (رئيس الأمن الوطني السابق)». مشددا على أن المعتقلين ليسوا من قبيلة «النوير» التي ينتمي إليها رياك مشار، وتابع أنه «ما زال رياك مشار وباقان أموم، ووزير البيئة السابق) ألفريد لادو قوري هاربون».. لكنه أضاف: «بالتأكيد سيجري القبض عليهم، وسيقدمون إلى محاكمة عادلة جراء لما اقترفوا».

من جانبه، قال وزير الدفاع كوال ميانيق جوك، في تصريحات بثها التلفزيون، إن «الجنود والضباط الذين جرى اعتقالهم للاشتباه في ضلوعهم في المحاولة الفاشلة سيجري التحقق معهم. ومن يثبت تورطه سيقدم إلى محاكمة عسكرية وفق القوانين العسكرية».

فيما أكد مصدر طبي رفيع في المستشفى العسكري في جوبا أن «عدد الضحايا ارتفع إلى 120 قتيلا من المدنيين والعسكريين»، بينما قال فيليب أقوير الناطق الرسمي باسم الجيش، إن «عمليات حصر الضحايا ما زالت جارية، نظرا لأن الجيش يواصل عمليات التمشيط حول مناطق القيادة العامة ووزارة الدفاع في منطقة (بيلفام) شمال مدينة جوبا».