بابا الفاتيكان يحتفل بعيد ميلاده الـ77 مع المشردين

يستقبل أعضاء فريقه المفضل «سان لورينزو دي ألماغرو» بطل الدوري الأرجنتيني

بابا الفاتيكان فرنسيس يحتفل بعيد ميلاده الـ77 أمس مع أربعة مشردين وكبار مسؤولي الفاتيكان قبل أن يشرع في يوم عمل عادي (رويترز)
TT

احتفل بابا الفاتيكان فرنسيس أمس بعيد ميلاده السابع والسبعين مع أربعة مشردين وكبار مسؤولي الفاتيكان، قبل أن يشرع في يوم عمل عادي. وحضر المشردون الأربعة القداس الذي أقامه فرنسيس في الصباح الباكر، وغنوا له أغنية «عيد ميلاد سعيد»، وشاركوه الإفطار إلى جانب «رئيس وزراء الفاتيكان» كبير الأساقفة بيترو بارولين، ورموز دينية كبرى أخرى، وفقا لإذاعة الفاتيكان.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، تدفقت آلاف الرسائل التي تحمل الأماني الطيبة للحبر الأعظم. وحثت إذاعة الفاتيكان أتباع الكنيسة على بث مزيد من أمانيهم الطيبة على صفحة الإذاعة بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». ومن المقرر أن يستقبل فرنسيس، المولود في الأرجنتين، لاعبين ومديرين من فريق كرة القدم المفضل لديه «سان لورينزو دي ألماغرو»، من بيونس آيرس.. وفي أعقاب فوزهم بالدوري الأرجنتيني يوم الأحد الماضي، من المقرر أن يقوموا بإهداء درع البطولة للبابا المولع بكرة القدم. ولا يعتزم الفاتيكان تنظيم أي احتفالات خاصة بعيد ميلاد البابا فرنسيس الذي يتبعه 1.2 مليار كاثوليكي في أنحاء العالم، حيث يتوقع أن يكون يوم ميلاده يوم عمل عاديا بالنسبة له، حيث يستعد لعظته الأسبوعية التي يلقيها اليوم. وكان احتفال مفاجئ بعيد ميلاد فرنسيس أقيم مطلع الأسبوع لدى زيارته مجموعة من الأطفال بمنظمة خيرية في الفاتيكان. وارتدى كل طفل قميصا طبع عليه حرف ووقفوا إلى جانب بعضهم بعضا ليشكلوا رسالة: «هابي بيرث داي للبابا فرنسيس» (عيد ميلاد سعيد للبابا فرنسيس). كما كانت هناك كعكة وشموع. وبعد تسعة أشهر على انتخابه في 13 مارس (آذار) استقطب البابا اليسوعي جمهورا كبيرا في أوساط غير المؤمنين. وذكرت مجلة الـ«تايم» التي اختارته «رجل العام» أنه «عرف كيف يتموضع وسط المواضيع الأساسية المطروحة في زمننا الحاضر، أي الثراء والفقر، والنزاهة والعدالة، والشفافية ودور المرأة». و«يتابعه» على «تويتر» أكثر من 10 ملايين شخص. وصورة الكنيسة التي كانت بالغة السوء أواخر 2012 بسبب الفضائح الكثيرة التي استفاقت من الماضي (التحرش بالأطفال والفساد)، بدأت تتحسن. وأخذ الفاتيكان يستأثر بمزيد من الاهتمام.

وبقدر ما أسيء فهم بنديكتوس السادس عشر الذي كان متحفظا ويتعرض كل ما يقوله للانتقاد على ما يبدو، توافر الإجماع حول فرنسيس، حتى وهو ينادي بالمواقف المحافظة نفسها في شأن عدد كبير من المسائل التي يتبنى مواقف أسلافه نحوها. هل بدأ البابا الأرجنتيني عملية «بريسترويكا» و«غلاسنوست» (شفافية) في الكنيسة على غرار ما فعل غورباتشوف في الاتحاد السوفياتي؟ لقد بدا إصلاحا طموحا، لكنه بطيء للإدارة الفاتيكانية بإحاطة نفسه بمجلس استشاري من ثمانية كرادلة، وشكل لجانا حول مالية الفاتيكان وإدارته ومكافحة التحرش بالأطفال، وأعرب عن أمله في مزيد من العمل الجماعي. ومن المتوقع أن تبدأ العام المقبل الإصلاحات الأولية في الإدارة الفاتيكانية و«مؤسسة النشاطات الدينية» (البنك البابوي).

واعتاد فرنسيس، الذي لا يتقيد بالبروتوكول، أن يقوم أيضا بخطوات مفاجئة، كزيارته في يوليو (تموز) الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، للإعراب عن تضامنه مع لاجئي أفريقيا الذين غرقوا في البحر المتوسط، أو إعلانه يوم الصلاة العالمي من أجل السلام في سوريا وضد أي تدخل عسكري أجنبي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد ازدادت شعبيته بسبب رفضه مظاهر الترف واحتفالات التكريم الدنيوية، وتصرفاته الودودة والحنونة التي خلدتها صور جابت الكرة الأرضية، وعباراته القوية حول المغفرة للجميع واحتضان الأشخاص «الشاذين» كمثليي الجنس. وكان لرسالته الاجتماعية التي تشدد على «عولمة اللامبالاة» و«إمبريالية» المال وقع كبير.. حتى إن الأوساط الليبرالية الأميركية وصمته بـ«الماركسي». ورد الخبير في الشؤون الفاتيكانية ماركو بوليتي هذا الاتهام ووصفه بأنه «مثير للسخرية». ولا تحظى «ثورة» البابا فرنسيس باستحسان الجميع. فهو يدلي بخطابات تتسم بحرية كبيرة يسهب فيها بعرض آرائه، ويوافق على إعطاء مقابلات توصف بالارتجالية أحيانا، ويتخلى عن التقيد بطقوس احتفالية معروفة، ويرفض إدانة التطورات المجتمعية التي انتقدها كل من يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر. وهذا ما حمل الأوساط الكاثوليكية المحافظة على توجيه النقد له. وينتقد الخبير في الشؤون الفاتيكانية ساندرو ماجيستر «تأرجح» خطابه. ويقول إنه «يوجه ويقود مستندا إلى الرؤية بالعين المجردة، ثم إنه يسرع الخطوات ثم يفرملها: هذا هو سلوك البابا برغوليو». ويقول المتحدث باسم الفاتيكان الأب فديريكو لومباردي إن «تركيز أقصى درجات الاهتمام على البابا فرنسيس يطرح مشكلات حول قدرة الكنيسة على التواصل». وتلاحظ مجلة «فانيتي فير» التي تستشهد بالأب لومباردي، أن بنديكتوس السادس عشر كان يحمل رسالة الكنيسة وينقلها إلى الآخرين، فيما يكمن الخطر مع البابا فرنسيس في التركيز على شخصه حتى لو كان لا يحب عبادة الشخصية. فخورخي ماريو برغوليو، أحد مشجعي نادي سان لورينزو في بيونس آيرس الذي يهوى رقصة التانغو، ليس رجلا ساذجا ومتساهلا كما يصفه بعض وسائل الإعلام، فهو يخص بدفئه الحقيقي المتواضعين والمرضى والمعوقين والأطفال، ويتصل بهم ويكاتبهم أحيانا.. لكنه يوصف بالمتسلط والفظ أحيانا في عالم الفاتيكان الضيق. وحتى مع أنه يلتقي أعدادا كبيرة من الناس، فهو يعيش حياة تتسم بالتقشف، ويعمل كثيرا.. إنه «جنرال» يسوعي يجري مشاورات كثيرة، لكنه يتخذ القرار وحده. ويتخوف المحافظون من أن يؤدي حرصه الشديد على العمل الجماعي وإضفاء الديمقراطية على الكنيسة إلى إصابة هذه الكنيسة بالشلل والفوضى.