توقيف خمسة من «القاعدة» في حملة أمنية واسعة للجيش اللبناني

حزب الله يتهم 14 آذار «باحتضان الإرهابيين».. و«المستقبل» يحمله مسؤولية «فلتان» الحدود

جنديان لبنانيان خلال عمليات دهم نفذت أمس بحثا عن مسلحين (رويترز)
TT

أكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني، أوقف في صيدا (جنوب لبنان)، أمس، 5 أشخاص يشتبه في ضلوعهم بالهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا حاجزين للجيش اللبناني الأحد، وأسفرا عن مقتل جندي لبناني، وأربعة أشخاص من منفذي العمليتين، مشيرا إلى أن الموقوفين «مرتبطون بكتائب عبد الله عزام التابعة لتنظيم القاعدة».

وجاءت تلك الاعتقالات بموازاة توقيف الجيش اللبناني في البقاع (شرق لبنان)، 7 مسلحين سوريين في جرود بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، وُجدت بحوزتهم أسلحة فردية. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين «كانوا يعبرون إلى لبنان عبر مسالك غير شرعية على متن دراجات نارية»، مؤكدا أن «أسلحة حربية ورمانات يدوية وجدت بحوزتهم، وأحالهم الجيش اللبناني إلى التحقيق».

ونفذت وحدات من الجيش اللبناني، أمس، حملة تمشيط واسعة، تخللتها عمليات مسح وتفتيش دقيق للمنطقة الممتدة من الرميلة شمال صيدا في جنوب لبنان، وصولا إلى المنطقة المتاخمة لمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين ومجدليون جنوبا، جزين شرقا، بحثا عن مطلوبين. وشاركت في الحملة قوة من مغاوير الجيش اللبناني، وهي قوة النخبة، إلى جانب قوة بحرية، وطائرات مروحية مشطت وادي بقسطا شرق صيدا، بحثا عن المسلحين المطلوبين الذين يعتقد أنهم موجودون في تلك المناطق.

وقال المصدر العسكري لـ«الشرق الأوسط» إن عملية التمشيط «امتدت من شمال صيدا، إلى المنطقة الحرجية التي تعد امتدادا لمخيم عين الحلوة، وقرى شرق صيدا»، مشيرا إلى أن الحملة بدأت على خلفية معلومات بأن مشتبها بهم في الاعتداء على حواجز الجيش في المدينة، يختبئون في تلك الأحراج. وأكد اعتقال خمسة أشخاص «ضالعين بالاعتداء على الجيش»، مشيرا إلى أن هؤلاء «مرتبطون بكتائب عبد الله عزام التابعة لتنظيم القاعدة»، وهي الفصيل الذي اعتدى على الجيش.

وكان انتحاريان استهدفا حاجزين للجيش اللبناني في صيدا، ليل الأحد - الاثنين الماضي، حين اندفع انتحاري على حاجز الأولي (مدخل صيدا الشمالي) باتجاه عسكري شاهرا قنبلة يدوية، فبادره الأخير على الفور بإطلاق النار، مما أدى إلى انفجار القنبلة ومقتل الشخص على الفور، وجرح عسكريين اثنين من عناصر الحاجز، فيما تمكن مرافقان للانتحاري من الفرار إلى جهة مجهولة. وبعد أقل من ساعة على هذا الهجوم، احتضن انتحاري آخر على حاجز مجدليون (شرق صيدا) عسكريا أوقفه على الحاجز، وفجر نفسه بقنبلة يدوية أسفرت عن مقتله ومقتل الرقيب اللبناني سامر رزق، وجرح أحد العسكريين، فيما قتل الشخصان الآخران من جراء إطلاق النار من قبل عناصر الحاجز، وهما اللبنانيان محمد جميل الظريف وإبراهيم المير.

وتأتي العملية الواسعة للجيش اللبناني في صيدا، بعد إمساك تحقيقاته بالخيوط المرتبطة بالاعتداءين الأحد الماضي، وتكوينه صورة متكاملة عن أحداث صيدا من خلال اعترافات الموقوفين الذين أوقفوا على خلفية الهجومين. وذكرت قناة «المنار» أن الموقوفون «أدلوا بمعلومات قيّمة تتصل بأماكن تواري مجموعات مسلحة تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية»، وبناء عليه، «اتخذت وحدات الجيش خطواتها الأمنية، بينها حملة مداهمات وبحث عن مغاور موجودة في الأودية بين مناطق شرحبيل وعبرا وبقسطا في شرق صيدا استُخدمت في التحضير للهجوم على الجيش اللبناني».

في غضون ذلك، تناول قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية، في اجتماعهم الدوري الذي عقد أمس في مكتب المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالإنابة العميد إبراهيم بصبوص، «التقييم المتبادل للوضع الأمني ولعمل الأجهزة الأمنية بغية تنسيق الجهود وتبادل المعلومات للمحافظة على استقرار البلاد ومواكبة التطورات الراهنة»، مؤكدين «ضرورة التشدد في اتخاذ الإجراءات الكفيلة لضمان الأمن في الداخل وعلى الحدود».

سياسيا، شنّ حزب الله هجوما على قوى 14 آذار، متهما إياها «بالشراكة مع الإرهابيين والتكفيريين، ويسقط مقولة العبور إلى الدولة». وفي بيان أصدرته كتلة حزب الله النيابية (الوفاء للمقاومة) بعد اجتماع دوري لها، لفتت إلى أن «فريق 14 آذار يحتضن بشكل مريب الإرهابيين الذين يهددون كل لبنان»، داعية إياهم «لمراجعة الحسابات والاتعاظ من التجارب الخائبة».

وأكدت الكتلة أن «استهداف الجيش باعتداءين انتحاريين ومواصلة إرسال سيارات مفخخة هو تطور إرهابي خطير»، معتبرة أن حزب الله استشعر مبكرا الخطر على الإرهاب وقالت: «لولا تحرك حزب الله لكانت موجات السيارات المفخخة والانتحاريين أكبر بكثير مما عليها اليوم».

من جهة أخرى، دعت الكتلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام إلى تأليف حكومة إنقاذ للبلاد وفق 9 - 9 - 6 التي تمثّل المخرج الآمن لاستقرار البلاد وتدارك الفراغ في سدة الرئاسة.

وفي المقابل، اعتبر عضو «كتلة المستقبل» النائب عاطف مجدلاني أن «سبب تفلت الأمن كان دخول حزب الله إلى الحرب السورية، ما استجلب هذه الحرب إلى لبنان»، رافضا الاعتداءات على الجيش، مشددا على أن «الجيش هو العمود الفقري للدولة». وشدد مجلاني في حديث إذاعي، على أن «المطلوب اليوم لضبط الأمن المتفلت في الداخل ضبط الحدود ومنع تسلل المسلحين من لبنان إلى سوريا وبالعكس»، مشيرا إلى أن «قوى الرابع عشر من آذار تحمل هذا المطلب منذ سنين، وهي اقترحت أن تتم الاستعانة بالأمم المتحدة».