الاتحاد العام التونسي للشغل: العد التنازلي لاستقالة العريض يبدأ اليوم

حكومة جمعة ستكون بأقل من 20 وزيرا وستعمل تحت شعار «التقشف»

TT

أعلنت المركزية النقابية في تونس أن «العد التنازلي» لتطبيق «خارطة طريق» تنص على استقالة الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية وتعويضها بحكومة كفاءات مستقلة، يفترض أن تقود البلاد حتى إجراء انتخابات عامة، سيبدأ اليوم.

وقال حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التونسي إن «العد التنازلي (لاستقالة الحكومة الحالية) يبدأ منذ انطلاق الجلسة الأولى لاستئناف الحوار الوطني» المقررة الجمعة. وتنص خارطة الطريق على أن يقدم رئيس الحكومة الحالي علي العريض القيادي في حركة النهضة استقالة حكومته «في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني» لتحل محلها «حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة».

وكان علي العريض أعلن في وثيقة أرسلها في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2013 إلى الرباعي الراعي للحوار «التعهد باستقالة الحكومة في الآجال التي حددتها خارطة الطريق». حسب وكالة الأنباء الفرنسية. وتنص خارطة الطريق أيضا على تشكيل «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» التي ستتولى تنظيم الانتخابات العامة المقبلة «في أجل أسبوع واحد» من تاريخ الجلسة الأولى للمفاوضات وإصدار قانون انتخابي «في أجل أسبوعين» من تاريخ الجلسة الأولى للمفاوضات و«تحديد (تاريخ) المواعيد الانتخابية في أجل أسبوعين من إنهاء تركيز هيئة الانتخابات».

ويتعين بحسب الخارطة أن يصادق المجلس التأسيسي (البرلمان) على الدستور الجديد لتونس «في أجل أقصاه أربعة أسابيع (من تاريخ الجلسة الأولى للمفاوضات) بالاستعانة بلجنة خبراء تتولى دعم وتسريع أعمال إنهائه وجوبا في الأجل المشار إليه».

وسيقع الإعلان عن نهاية تحالف الترويكا الحاكمة المشكل من حركة النهضة وحزبي التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية، بعد تشكيل حكومة المهدي جمعة. وكان التحالف الثلاثي بين النهضة وحزبي التكتل والمؤتمر، قد تسلم مهام إدارة البلاد بعد فوز حركة النهضة بـ89 مقعدا برلمانيا في انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وإعلان تحالفه مع الحزبين المذكورين (وهما ذوا اتجاهات علمانية) للحصول على أكثر من 50 في المائة من أعضاء البرلمان (البالغ عددهم 217) ومن ثم تشكيل الحكومة. وفي هذا الشأن قال المولدي الرياحي القيادي في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لـ«الشرق الأوسط» إن ائتلاف حزب التكتل مع كل من حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية سينتهي بمجرد الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي يقودها المهدي جمعة. وأضاف الرياحي أن تحالف «الترويكا» كان ائتلافا حكوميا بالأساس وأن هذا الائتلاف لن يتواصل بعد تقديم علي العريض استقالته وانفراط عقد التحالف بخروج أعضائه من الحكومة وتشكيل فريق جديد من المستقلين وغير المتحزبين.

وخلافا للحكومات الأربع التي تشكلت بعد الثورة، لن تكون الحكومة التونسية الجديدة برئاسة المهدي الجمعة بنفس العدد والمهام التي كانت عليها حكومة الترويكا بقيادة حركة النهضة، بل إن حكومة الكفاءات المنتظرة سيتقلص عددها إلى أقل من عشرين وزيرا وسيكون شعارها التقشف في النفقات ولن يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة. كما أنها ستوجه النصيب الأكبر من مجهوداتها إلى المناطق الداخلية والمساهمة الفاعلة في توفير الشغل والتنمية لمناطق باتت أصواتها مرتفعة عبر الاحتجاجات خلال الفترة المقبلة.

ونفت قيادات حركة النهضة تدخلها في اختيارات المهدي جمعة لأعضاء حكومته أو التأثير عليها. وكانت الجبهة الشعبية المعارضة قد اتهمت جمعة بأنه «مقرب من النهضة» وأضافت أنه ينتمي إلى حكومة الترويكا ولن تكون الحكومة الجديدة مستقلة. وتطبيقا للتوجه «التقشفي» للحكومة الخامسة بعد الثورة، من المنتظر أن يعلن المهدي جمعة عن تشكيلة الحكومة بعد أسبوعين على الأكثر من تكليفه رسميا من قبل المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية. وسيكون تقليص الحكومة عبر دمج مجموعة من الوزارات على غرار الجمع بين وزارتي السياحة والثقافة والتشغيل والشؤون الاجتماعية والتجارة والصناعة والتجهيز والنقل إلى جانب الاستغناء عن مجموعة من كتاب الدولة والكثير من المستشارين الذين رافقوا الترويكا الحاكمة حلال قرابة السنتين من إدارتها البلاد.

وتوالت التسريبات حول أعضاء الحكومة الجديدة، وذكر أكثر من مصدر سياسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن معظم أسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة خلال الفترة التي تلت التوصل إلى حل للمسار الحكومي، ستكون من بين المكلفين بحقائب وزارية حيث اقترح اسم شوقي الطبيب مرشح الجبهة الشعبية (تحالف بين اليسار والقوميين) لوزارة العدل وجلول عياد لوزارة المالية. ولن يجري التخلي عن أسماء محمد الناصر ومصطفى كمال النابلي ومحمد الصالح بن عيسى.

وأشارت نفس المصادر إلى أن هناك توجها يرقى إلى مرتبة الإجماع حول الاحتفاظ بالوزير لطفي بن جدو وزير الداخلية في حكومة علي العريض ضمن الحكومة المقبلة. وقالت إنه نجح في تحجيم سطوة التنظيمات المتشددة والتحكم في ملف الإرهاب، وإلى جانب ذلك يحظى بن جدو بدعم معظم نقابات قوات الأمن التي تمكنت من استرجاع علاقاتها الإيجابية مع التونسيين.

ويضغط أكثر من طرف سياسي ونقابي من أجل ضمان استقلالية الحكومة المقبلة، وفي هذا السياق أكد سامي الطاهري المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) الطرف القوي في قيادة الحوار بين الحكومة والمعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن على رئيس الحكومة مهدي جمعة أن يفعل خارطة الطريق وذلك بمراجعة التعيينات الحزبية وفتح الملف الأمني، ومراجعة ميزانية الدولة لسنة 2014، وتعيين وزراء مستقلين لضمان الاستقرار والحصول على دعم الفرقاء السياسيين.

وكان ترشح المهدي جمعة لتولي رئاسة الحكومة قد شابته كثير الاعتراضات عبرت عنها أحزاب المعارضة من خلال إعلان الحزب الجمهوري بزعامة أحمد نجيب الشابي عن انسحابه من جلسات الحوار التي تستأنف اليوم، وعدم اختيار تحالف الجبهة الشعبية وحركة نداء تونس، وهما من المعارضة، على واحد من المرشحين ومقاطعة التصويت الحاسم بين المهدي جمعة وجلول عياد.