أوباما يتسلم 46 توصية لتحسين نشاط الاستخبارات بعد جدل التجسس

خبراء يوصون وكالة الأمن بعدم الاحتفاظ بالتسجيلات الهاتفية والتعاون مع حلفاء أميركا

TT

تسلمت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقريرا تضمن 46 توصية تتعلق بتحسين نشاط وكالات الاستخبارات خصوصا بعد الجدل الواسع الذي تسبب فيه الكشف عن برامج المراقبة التي تنتهجها وكالة الأمن القومي. وشدد التقرير الذي أعده خبراء فوضهم الرئيس أوباما نفسه، ونشر أول من أمس، على ضرورة إجراء وكالة الأمن القومي مراجعة عميقة لبرامج المراقبة التي تشرف عليها. وأوصوا خصوصا بعدم احتفاظ وكالة الأمن القومي بالمعطيات الهاتفية مثل تلك التي اعترضتها في إطار برنامج «بريزم». ورأوا أنه يتعين إخضاع المحكمة المكلفة السماح بهذه البرامج وتقييمها إلى المراقبة. ودعوا أيضا وكالة الأمن إلى التعاون بشكل أفضل مع «الحلفاء القريبين» للولايات المتحدة على صعيد التجسس والحد من المعايير التي تحكم مراقبة القادة الأجانب.

وجاءت هذه التوصيات بعدما كشف المستشار السابق في الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن حجم ومضمون برامج المراقبة لدى وكالة الأمن القومي. وكان من أبرز ما كشفه سنودن، مراقبة الاستخبارات الأميركية للهاتف الجوال الخاص بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مما تسبب في عاصفة دبلوماسية. وإلى جانب ألمانيا، أثارت هذه الفضائح غضب حلفاء وشركاء الولايات المتحدة الآخرين مثل فرنسا وإسبانيا والمكسيك والبرازيل. وأكد الخبراء أن على واشنطن العمل مع «مجموعة صغيرة من الحلفاء القريبين ودراسة إمكانية المصادقة على اتفاقات وتفاهمات تتصل بقواعد جمع المعلومات الاستخباراتية حول مواطنينا».

ومن دون أن يعلق على مضمون هذه التوصيات، أخذ الرئيس أوباما «علما بأن تقرير المجموعة يمثل رأيا نابعا من تفاهم»، إثر لقائه أعضاء مجموعة الخبراء أول من أمس في البيت الأبيض. وأضاف الرئيس أن النقطة المذكورة «تكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى سلطة أعضاء (اللجنة) على صعيد مكافحة الإرهاب والاستخبارات والإشراف والحياة الخاصة والحريات العامة».

وأشار الخبراء في تقريرهم خصوصا إلى أنه «حان الوقت لاتخاذ خطوة إلى الوراء» في عمليات وكالة الأمن القومي «مع الاستفادة من التجربة. نحن نستنتج بأن بعض السلطات التي أنشئت أو تطورت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) تضحي من دون مبرر بالمصالح الأساسية للحريات الفردية والخصوصية والحكم الديمقراطي».

ويعتقد الخبراء أن التوصيات من شأنها أن تؤدي إلى «توازن أفضل بين مصالح الأمن القومي وحماية الحريات». وقال ريتشارد كلارك المستشار السابق لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض وعضو مجموعة الخبراء في مؤتمر صحافي «لا نقول إن مكافحة الإرهاب انتهت». لكنه أضاف «نعتقد أن بعض الآليات يمكن أن تكون أكثر شفافية وموضع إشراف أكثر استقلالا» بهدف «إشاعة شعور بالثقة لدى الجمهور أكبر مما هو اليوم».

وسلم التقرير المؤلف من 300 صفحة إلى الرئيس أوباما الجمعة. وكان يفترض ألا يجري نشره قبل يناير (كانون الثاني) المقبل لكن البيت الأبيض نشره بعد أن تسربت «معلومات غير دقيقة وغير كاملة» في الصحافة خلال الأيام الماضية، وفقا للمتحدث باسم البيت الأبيض جي كارني. وأوضح البيت الأبيض في بيان أن أوباما سيعمل في الأسابيع المقبلة مع فريق الأمن القومي على درس التقرير و«تحديد التوصيات» التي ينبغي تطبيقها. وأشار كارني إلى أن الرئيس أوباما سيلقي خطابا في يناير المقبل يتطرق خلاله إلى هذا الموضوع. وكان أوباما قد وعد في أغسطس (آب) الماضي بمزيد من الشفافية في برامج وكالة الأمن القومي، مشددا في ذات الوقت على أهمية عملها. وقال كارني إن «الرئيس قالها بوضوح: نحن لن نتردد في استخدام قدرتنا على الرد على التهديدات» التي قد يتعرض لها الأميركيون. «لكن مع ذلك، يجب علينا أن نضمن عملية جمع المعلومات وليس لأننا قادرون على ذلك، ولكن لأننا بحاجة إلى ذلك».

وردت مجموعة أميركية تدعو إلى حرية الإنترنت، بمشاعر مختلطة إزاء التقرير. فقد رحبت مجموعة «فرونتير فاونديشن» باعتراف الخبراء بأن التكليف «ذهب بعيدا جدا بوكالة الأمن القومي» في «التجسس الشامل». ولكن المجموعة أعربت عن أسفها لأن التقرير لا يدعو إلى نهاية «التجسس العشوائي». والاثنين الماضي، تحدث قاض فيدرالي في واشنطن عن انتكاسة قانونية في البرنامج مشيرا إلى أن جمع البيانات من هاتف معين هو «انتهاك للخصوصية» وربما كان أمرا غير دستوري.