قائد «جبهة النصرة» كاد يتسبب في انهيار الهدنة بطرابلس

فتوى تحرم إطلاق الرصاص في المناسبات

TT

أثار إطلاق النار الكثيف في طرابلس، الذي تزامن مع أول مقابلة تلفزيونية لقائد جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، بثت مساءي الأربعاء والخميس، موجة من التذمر والغضب الشديدين عند سكان المدينة. وكانت طرابلس قد شهدت إضافة إلى الرصاص الذي كان يتطاير في سمائها ويحط في مختلف المناطق، إطلاق قذائف وتفجير قنابل، ما أدى إلى سقوط ما يزيد على خمسة جرحى بينهم طفل، كما تضررت الكثير من المباني والسيارات.

وكادت هذه الأجواء المشتعلة أن تدخل طرابلس في جولة جديدة من العنف، وتطيح بالهدنة الهشة والخطة الأمنية، نظرا لكثافة انتشار المسلحين في المناطق الساخنة، وفي أماكن محاذية لجبل محسن. وأثار هذا السلوك «الابتهاجي» للمسلحين، خلال بث مقطع صغير من مقابلة الجولاني مساء الأربعاء واستمر بعدها لأكثر من ساعتين، ثم بالتزامن مع بث المقابلة كاملة يوم أول من أمس، أسئلة حول مدى ارتباط هؤلاء بجبهة النصرة؟ وعن الجهة التي تحركهم؟ خاصة أن إطلاق النار مساء الأربعاء، كان قد أعلن عنه قبل ساعات، على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يشير إلى أنه كان منظما ومقررا سلفا.

ونظرا للاستياء الكبير الذي عبر عنه السكان، وبعد الأضرار التي لحقت بهم وبممتلكاتهم، ركزت الكثير من خطب الجمعة ظهر أمس، على تحريم إطلاق النار. وقال الشيخ سامر شحود إمام «مسجد الأميرة» في منطقة باب الرمل في خطبته: «إن إطلاق الرصاص في الهواء من أجل الجولاني أم سواه أمر فيه تبذير وترويع للناس والأطفال. فكم من سيارة كسر زجاجها بسبب الرصاص المرتد من السماء مما يدل على تحريم هذا الفعل». وأكدت الخطبة على «توافق معظم مشايخ المدينة على هذه الفتوى وتعميمها في خطبهم». وختم الشيخ خطبته بالقول: «مهمتنا تحبيب الناس بالجبهة وقيادتها بدل من تنفيرهم منها. وما حصل بالأمس (أول من أمس) جعل بعض الناس ينتقدون الجبهة بدلا من الإقبال عليها».

وأكد الشيخ شحود لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إن اجتماعا بين غالبية المشايخ كان قد عقد في مسجد الوديع في القبة، تم خلاله الاتفاق على فتوى واضحة، تقضي بتحريم إطلاق النار في المناسبات، أيا كانت، سواء تحدث الجولاني أو نصر الله أو ميقاتي، أو كان الأمر يتعلق بولادة أم بعرس. فالمسألة دينيا وشرعا فيها ترويع للناس وأذى».

وقال مصدر إسلامي مطلع في طرابلس رفض الكشف عن اسمه أن إطلاق النار ابتهاجا بالجولاني لا يعني وجود جبهة النصرة في المدينة، وأضاف: «لا علم لي بوجود جبهة النصرة في طرابلس. ونحن نتمنى لو كانت موجودة. فهي أفضل من الحال الذي نحن عليه. فالجبهة على الأقل منظمة، بينما ما هو في طرابلس الآن، مجموعات مسلحة ومشرذمة، ومخترقة أمنيا ومخابراتيا من جهات عدة. وبالتالي فهي حالات فوضوية لا هيكلية منظمة لها. فكل شيخ له أنصار، لكنهم يمكن أن ينقلبوا عليه في أي لحظة مهما علا شأنه، وكبرت مكانته، وهذا نراه بأم العين في المساجد».