شبح أزمة الوقود يعود مجددا للعاصمة الليبية.. و«النفط» تتهم «تجار الأزمات»

مخاوف من ارتفاع سقف الخسارة.. والبرلمان لا يحبذ الخيار العسكري لحل الأزمة

عامل بإحدى محطات الوقود في العاصمة طرابلس وسط أزمة وقود تهدد ليبيا (رويترز)
TT

قال سكان في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة نقص الوقود عادت مجددا في بعض مناطق المدينة التي يقطنها نحو 1.5 مليون نسمة تقريبا، لكن بشكل أقل حدة من الأسبوع الماضي، فيما نفى مجلس طرابلس المحلي ما تردد عن نقص البنزين نتيجة لاعتصام موظفي إحدى شركات تزويد الوقود.

وطلب المجلس في بيان له أمس من المواطنين عدم التزاحم على المحطات، لافتا إلى أن الوقود متوفر في جميع المحطات التي يعمل أغلبها بطريقة اعتيادية. وأوضح البيان أنه بناء على تعليمات مديرية أمن طرابلس يحظر بيع الوقود في البراميل الصغيرة.

وقالت مديرية أمن طرابلس إن الوقود يتوافر في المدينة وبكميات كبيرة، معتبرة أن ما يشاع خلاف ذلك مجرد إشاعات وسعي لإدخال العاصمة في حالة جديدة من الفوضى، لزحزحة أمنها واستقرارها، على حد تعبيرها.

لكن مواطنين في العاصمة طرابلس قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن شبح الأزمة عاد أول من أمس من جديد، رغم أن الحكومة الانتقالية نشرت المئات من قوات الجيش والشرطة لحماية محطات الوقود.

وقال ناشطون في المدينة إن بعض المجموعات الخارجة عن القانون استأنفت نشاطها في تعطيل عمل محطات الوقود في أكثر من منطقة داخل العاصمة.

وتردد أن إعلان العاملين في مصفاة الزاوية اعتزامهم تنظيم اعتصام وإضراب عن العمل هو سبب هذه الأزمة الجديدة، لكن الحكومة الليبية نفت هذه المعلومات وأكدت في المقابل أن المصفاة تعمل بشكل طبيعي.

من جهتها، اتهمت وزارة النفط والغاز الليبية من وصفتهم بـ«تجار الأزمات» بالوقوف وراء هذه الشائعات بهدف خلق الفوضى والبلبلة لأسباب ودوافع دنيئة، وأكدت أن الجهات الأمنية ستتعامل بحسم مع من يحاولون إثارة الفوضى بمحطات توزيع الوقود.

وأوضحت الوزارة في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية أن الوقود ومشتقاته متوفر بكميات كبيرة في مخازن شركة البريقة لتسويق النفط وأن حركة شاحنات نقل الوقود تنساب بشكل اعتيادي وأن مصفاة الزاوية تعمل بانتظام.

وكان رئيس الحكومة الانتقالية علي زيدان قد اتهم خصومه السياسيين بمحاولة الإطاحة بحكومته عبر افتعال أزمات تثير غضب رجل الشارع العادي واستياءه، مثل أزمة نقص الوقود أو انقطاع الكهرباء عن معظم المناطق السكنية في العاصمة طرابلس لعدة ساعات يومين.

لكن حكومة زيدان أخفقت في أزمة إغلاق حقول وموانئ النفط المستمرة منذ عدة أشهر وتسببت في انخفاض مستوى إنتاج البلاد من النفط الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.

وأعلن ناطق باسم المؤتمر الوطني العام (لبرلمان) قبل يومين أن المؤتمر لا يرى في الخيار العسكري حلا سليما لهذه الأزمة، بعد يوم واحد فقط من تهديد غرفة عمليات ثوار ليبيا بأنها لن تتوانى في إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية في شرق ليبيا بما يمليه الحكم الشرعي والواجب الوطني سواء بادرت الدولة أو تباطأت في أداء مسؤولياتها وواجباتها.

وكان إبراهيم الجضران رئيس ما يسمى إقليم برقة الفيدرالي في شرق ليبيا، أعلن عن فشل المفاوضات مع حكومة زيدان عبر وسطاء، وبالتالي استمرار إغلاق الحقول والموانئ النفطية لعدم استجابة حكومة زيدان للشروط الثلاثة المتمثلة في تشكيل لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في تصدير النفط، وأن تأخذ برقة نصيبها من النفط حسب القانون رقم 58 لسنة 1951، بالإضافة إلى تشكيل لجنة من الأقاليم الثلاثة لمراقبة عملية بيع النفط.

وبلغت خسائر ليبيا أكثر من سبعة مليارات دولار، بسبب وقف صادرات الخام نتيجة الإضرابات في حقول النفط والموانئ، حيث قال وزير النفط الليبي عبد الباري العروسي إن بلاده خسرت تسعة مليارات دينار ليبي (7.29 مليار دولار) من إيرادات النفط، بعد تراجع الإنتاج إلى 250 ألف برميل يوميا من 1.4 مليون يوميا في شهر يوليو (تموز) الماضي.

وتسيطر مجموعة من قوات حرس الحدود على معظم موانئ وحقول النفط، للمطالبة بمزيد من السلطة السياسية وزيادة الرواتب، والتحقيق في مزاعم حول سرقة النفط وبيعه من دون عدادات، مما أدى إلى وقف تصدير النفط الذي يمثل شريان الحياة لليبيا.

وتسعى الحكومة للسيطرة على عشرات الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي قبل عامين، لكنها تواجه صعوبات جمة في إقناع هذه الميليشيات بإلقاء السلاح.