عشرة أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي يعارضون عقوبات جديدة على إيران

أوباما يلوح باستخدام «الفيتو».. ومفاوضات الخبراء في جنيف تتواصل

وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى استجوابه من قبل لجنة السؤون الخارجية في الكونغرس بشأن تعليق العقوبات على إيران (أ.ف.ب)
TT

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما سيستخدم حقه في تعطيل قرار بفرض عقوبات جديدة على إيران قد يتخذه الكونغرس، داعيا إلى عدم تقويض الاتفاق المرحلي المبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حول برنامج الجمهورية الإسلامية النووي.

ويأتي هذا التحذير النادر من الرئيس الأميركي بعد رفع 26 سيناتورا من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون يهدف إلى تشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي إذا فشلت المفاوضات الحالية.

ورأى أحد معدي المشروع السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، رئيس لجنة الشؤون الخارجية النافذة، أن «العقوبات المفروضة على إيران دفعتها إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، وأن تهديدا يتمتع بالصدقية بفرض عقوبات جديدة سيرغم إيران على التفاوض والتحرك بحسن نية».

لكن إدارة أوباما حذرت من انعكاسات مثل هذا التصويت حتى وإن كان القرار ينص على تطبيق العقوبات في وقت لاحق.

وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني قائلا: «لا نعتقد أن هذه الإجراءات ضرورية ولا نتوقع أن تجري المصادقة عليها»، محذرا من أنه «إذا حصل ذلك فإن الرئيس سيستخدم حقه في تعطيلها».

وقد توصلت الدول الكبرى (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا) إلى اتفاق مرحلي مع إيران حول برنامجها النووي.

وينص الاتفاق الذي عد اختراقا كبيرا بعد سنوات من التعثر، على عدم اتخاذ عقوبات جديدة بحق إيران خلال فترة مرحلية من ستة أشهر وافقت خلالها الجمهورية الإسلامية على عدم تطوير برنامجها النووي المثير للجدل ريثما يجري التوصل إلى اتفاق أوسع.

وقال كارني «نعتقد أنه من المهم استغلال هذا الانفتاح الدبلوماسي، والمخاطر المترتبة على عقوبات جديدة في الوقت الراهن تتمثل في تقويض المفاوضات بينما سمحت الدبلوماسية بتحقيق تقدم».

وأضاف أن هذا التصويت «قد يتسبب في انقسام المجتمع الدولي» ويفسح المجال أمام اتهام «الولايات المتحدة بسوء النية في المفاوضات». وكان البيت الأبيض أعرب عن استيائه من فرض عقوبات جديدة، لكنها المرة الأولى التي تلجأ فيها الرئاسة الأميركية إلى التهديد بتعطيل القرار في هذا الملف.

ولم يستخدم أوباما خلال سنوات رئاسته الخمس، منها ثلاث في تعايش مع مجلس نواب يهيمن عليه الجمهوريون، حقه في هذا «الفيتو» سوى مرتين، واحدة لأسباب تقنية. غير أن التهديد يظل نظريا، إذ إن رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ هاري ريد أعرب عن معارضته فكرة عرض المشروع سريعا على التصويت. وأكد ريد الذي يشرف على برنامج عمل مجلسه أنه يدعم فكرة إتاحة الفرصة لاستمرار المفاوضات مع إيران. غير أن السيناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهم المتخصص في السياسة الخارجية، عد، خلافا للإدارة، التهديد بعقوبات جديدة «قد يكون أفضل طريقة للتوصل إلى حل سلمي» في هذا الملف.

وأضاف أن «البرنامج النووي الإيراني سيفكك لا محالة بالدبلوماسية أو بالحرب، وأنا أفضل الدبلوماسية»، مؤكدا أن مجلس الشيوخ سيتجاهل فيتو أوباما، غير أن ذلك يقتضي دعم ثلثي نواب مجلس الشيوخ وعددهم مائة.

وقد أعلنت مجموعة من 10 أعضاء بمجلس الشيوخ جميعهم زعماء لجان بالمجلس معارضتهم لمشروع قانون جديد قدمه ديمقراطيون وجمهوريون لفرض عقوبات جديدة على إيران إذا لم تلتزم باتفاق مؤقت يهدف لكبح برنامجها النووي.

وقال أعضاء مجلس الشيوخ ومن بينهم زعماء اللجنة المصرفية ولجنة المخابرات ولجنة القوات المسلحة ولجنة المخصصات واللجنة القضائية ولجنة الطاقة، إن فرض عقوبات جديدة الآن سوف يصب في مصلحة من يتوقون إلى فشل المفاوضات في إيران. وأرسلوا خطابا إلى السيناتور الديمقراطي هاري ريد زعيم الأغلبية بالمجلس يطالبون فيه بالتشاور معهم قبل بحث أي إجراء بشأن عقوبات إيران في المجلس.

وقدم السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور الديمقراطي تشارلز شومر، والسيناتور الجمهوري مارك كيرك، إضافة إلى 23 عضوا آخرين، مشروع القانون الذي يمنع التمويل عن البرنامج النووي الإيراني بعرقلة مبيعات طهران من النفط. وأعلنت ألمانيا معارضتها خطط الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات جديدة على إيران.

وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية في برلين أمس إن «الحكومة الألمانية تتوقع دعم الحكومة الأميركية لما جرى الاتفاق عليه في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي». وأضاف المتحدث: «هذا هو الأساس الذي نرغب في مواصلة العمل عليه الآن».

تجدر الإشارة إلى أن هناك مساعي داخل مجلس الشيوخ الأميركي لتشديد العقوبات ضد إيران حال عدم التزام طهران باتفاقاتها.

في غضون ذلك تواصلت أمس في مدينة جنيف السويسرية الجولة الجديدة من المفاوضات بين خبراء إيران والقوى الدولية (مجموعة 5+1) بعد أن انتهت الجولة الأولى مساء الخميس.

وذكرت قناة «العالم» الإيرانية أنه من المرجح أن تستمر المفاوضات يومي السبت والأحد المقبلين أيضا. وتهدف هذه المفاوضات إلى بحث الآليات التنفيذية لاتفاق جنيف.

ويرأس حميد بعيدي نجاد المدير العام للشؤون السياسية والدولية في وزارة الخارجية وفد الخبراء النوويين الإيرانيين الذي يضم أيضا خبراء في الشؤون النووية والمصرفية والنفط والنقل، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا). ويرأس وفد خبراء مجموعة «5+1» استيفان کلمنت المساعد الخاص للممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي کاثرين أشتون.

وكانت مفاوضات الخبراء توقفت الأسبوع الماضي إثر قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة ضد 19 من الشخصيات والشركات الإيرانية.

وهددت إيران برد مناسب على العقوبات الأميركية، غير أنها قالت على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إنها ستواصل المفاوضات مع مجموعة «5+1».

وقال دبلوماسي من إحدى الدول الست الكبرى «كنا وصلنا لمرحلة متقدمة في فيينا. أنجز قدر كبير من العمل ولذلك يمكننا التحرك بسرعة كبيرة». غير أن الدبلوماسي، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، حذر من أن بعض الدبلوماسيين الغربيين يخشون أن تصبح إيران أكثر تشددا في المناقشات الفنية بسبب قرار واشنطن توسيع العقوبات هذا الشهر.

ويهدف الاتفاق النووي إلى وقف التقدم النووي في إيران لمدة ستة أشهر لكسب مزيد من الوقت للتفاوض على تسوية نهائية للأزمة المستمرة منذ عشر سنوات.

وترفض إيران مزاعم الغرب أن برنامجها النووي يهدف إلى صنع أسلحة وتقول إن هدفه سلمي محض.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإضافات الجديدة إلى القائمة السوداء ليس من شأنها أن تعقد المحادثات العملية، وإنها تأتي في إطار الجهود الأميركية لمواصلة كشف من يدعمون البرنامج النووي الإيراني أو يسعون للتحايل لتفادي العقوبات الحالية.

ويهدف الخبراء في المحادثات الفنية إلى حل قضايا تتعلق بالطريقة المحددة لرفع العقوبات والخطوات المحددة التي ينبغي لإيران القيام بها للوفاء بالتزامها بتعليق أجزاء من نشاطها النووي.

وقال دبلوماسيون إن بعض القضايا حلت بالفعل في فيينا الأسبوع الماضي ومن بينها بعض جوانب الطريقة التي ستتحقق بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة من خطوات إيران قبل بدء تنفيذ الاتفاق.

وتبقى أسئلة تخص الطريقة التي ستضمن بها الحكومات الغربية معرفة البنوك بالتعاملات المسموح بها في ظل نظام العقوبات المخفف وكيف ومتى يسمح لإيران بالسحب من عدة مليارات من الدولارات قيمة إيرادات نفط مجمدة في حساباتها في الخارج.

وتتناول المناقشات قضايا مثل التفاصيل الفنية التي تتعلق بكيفية قيام إيران بخفض مستوى تخصيب اليورانيوم في برنامجها إلى أقل من 20 في المائة، وهو المستوى الذي يشكل خطوة تقنية مهمة على الطريق إلى إنتاج الوقود اللازم لصنع أسلحة.

وقد وافقت إيران على تعطيل عمليات تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المائة بموجب اتفاق نوفمبر.